فلسطينيو ال48

بين يهودية الدولة..وعنصرية مواطنيها
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2010/10/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12060

في ظل تعطل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة، إثر التعنت الإسرائيلي بعدم قبول تمديد التجميد الاستيطاني، وفي ظل اجتماع الدول العربية في قمة استثنائية من أجل البحث في الخيارات والبدائل أمام حالة الجمود السياسي تلك، لم تضيع حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة وقتها بل ولم تعر بالاً للعرب في اجتماعهم الاستثنائي الطارئ، ووافقت بالأمس على مشروع تعديل قانون مثير للجدل يلزم المرشحين لنيل الجنسية الإسرائيلية أياً كانت ديانتهم بأداء قسم الولاء لـ «دولة إسرائيل يهودية وديمقراطية».

أي أنه وعلى حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو «سيتعين على كل الذين يريدون أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين أن يعلنوا أنهم سيكونون مواطنين يمنحون ولاءهم لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية»، والقانون العنصري يستهدف بالتحديد الفلسطينيين غير اليهود بالطبع، سواء المقيمين في إسرائيل أو أولائك الذين يسعون إلى الإقامة فيها بعد زواجهم من عرب إسرائيل.

ورغم كون القرار مازال بحاجة إلى قراءات ثلاث في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قبل أن يصبح نافذاً، بعد أن أيده 22 وزيراً مقابل معارضة ثمانية، بينهم الوزراء الخمسة من حزب العمل، إلا أنه أثار انتقادات حادة من جانب الأقلية العربية (20 في المائة من عدد السكان)، كغيره من القرارات العنصرية التي تبتدعها حكومة نتياهو اليمينية المتطرفة، التي لا تجد غضاضة في الإعلان صراحة ومجاهرة عن قوانينها المجحفة بحق فلسطيني ال48 من اجل سلخهم عن عروبتهم وهويتهم الفلسطينية وزعزعة انتمائهم، وكل هذا وهي ما زلت تدعي متباهية بكونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة على حد زعم نتياهو، الذي يدعي أيضاً كذباً وافتراءً «إن دولة إسرائيل هي الدولة-الأمة للشعب اليهودي وفي الوقت نفسه أيضاً دولة ديمقراطية يستفيد كل مواطنيها، من يهود وغير يهود، من حقوق متساوية تماماً».

وأكبر دليل على كذب ادعائه، هو سلسلة القوانين اللا إنسانية والعنصرية التي تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، والتي تفتقت عن حكومته منذ توليها الحكم في إسرائيل، والتي لا تنفصل بشكل أو بآخر عن عقلية دولة الاحتلال منذ قيامها على أرض فلسطين.

والأمر كما أسلفنا لا يتوقف على هذا القرار بحد ذاته، بل على سلسلة من القرارات السابقة، حيث من المقرر أن يناقش الكنيست الإسرائيلي اليوم مجموعة من القوانين التي تكرس "يهودية" الدولة وعنصريتها، ومنها قانون النكبة، الذي يقضي بقطع التمويل الحكومي عن كل حزب أو منظمة أو هيئة تتحدث عن "نكبة فلسطين" أو تحيي ذكراها، وهذا القانون مصمم بالأساس لمواجهة الأحزاب والقوائم العربية في مناطق 48، وقانون "منع التحريض"، وبموجبه سيتم حبس أي شخص ومعاقبة أية جهة تنكر "حق إسرائيل في الوجود كوطن قومي للشعب اليهودي"، وغيرها من القوانين الموغلة في الإجرام والعنصرية.

واللافت هو توقيت المصادقة على مثل هذه القرارات، أي بالتزامن مع انعقاد القمة العربية، في رسالة عاجلة للعرب بالاستخفاف باجتماعهم وما قد يصدر عنه، يقابلها وللأسف حالة جمود عربي أو يمكن القول حالة "تجمد" عربي، لا تسمح بخروج ردود فعل جادة ومؤثرة، بعيداً عن الاستنكارات البالية والاعتراضات التي لا تغن ولا تسمن من جوع.

هذا المجتمع الإسرائيلي والذي يفضل أن يوصف بالمجتمع اليهودي، يثبت كل يوم أنه مجتمع رافض للسلام وللتعايش مع الآخر وقبوله، مجتمع يرقص جنوده على عذابات وآلام الأسيرات، ومستوطنوه يدهسون الأطفال الفلسطينيين، مجتمع رافض للحوار والتواصل إلا بلغة العنف كما هي لغة حكومته، وهكذا حكومة من هكذا شعب، وأمام هذا تبقى الحالة العربية على ما هي عليه من جمود وبلادة منقطعة النظير، وتبقى الحالة الفلسطينية على مستوى الجبهة الداخلية تصارع من أجل إعادة وحدتها ولحمتها، وحتى ذلك الحين "الله يجيرنا" مما تخبئه لنا حكومة الاحتلال من مخططات احتلالية وتوسعية وقوانين عنصرية ولا إنسانية.

http://www.miftah.org