سراب العملية التفاوضية...والبدائل الفلسطينية
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2010/10/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12080

أعتقد أنه لم يبق لدى أي من المتفائلين أو المنتفعين أدنى شك، بأن العملية التفاوضية والتي تشبثوا بها بالنواجذ والأسنان وتشدقوا بجدواها كحل أمثل وحيد، تكشفت عن سراب ووهم حقيقي، بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين عبر الإذاعة الإسرائيلية أمس إثر الجلسة الأسبوعية لحكومته أنه لا يستطيع الامتثال لمطلب تمديد وقف الاستيطان.

تلك "الجواهر" التي نطق بها نتياهو جاءت أصلا بعد التنفيذ وبعد إقدام حكومته على نشر مناقصة جديدة للبناء الاستيطاني في القدس واستئنافه في مستوطنات عدة في الضفة الغربية. وأمام التراب الذي يتبعثر بفعل جرافات البناء تٌفرض سياسة الأمر الواقع على كل الباحثين والجادين في جهود السلام من عرب ومجتمع دولي وأوروبي وأمريكي، لتقطع الشك باليقين ولتقول: "نعم، شككم في محله..نحن لا نريد سلاماً...وما نريده واضح أمام الأعين على الأرض".

والحقيقة أن الرئيس محمود عباس كشف خلال مقابلة أجرتها القناة الأولى من التلفزيون الإسرائيلي أن نتياهو أبلغه بأنه لا يستطيع تحت أي ظرف من الظروف الالتزام بتمديد فترة تجميد الاستيطان لأنه يخشى على حكومته من الانهيار".

وهذا لا يجب أن يكون مستغرباً فائتلاف حكومته اليميني المتطرف لن يسمح بذلك، وهو أيضاً وإن كان يلقي بالمسؤولية على الحكومة الرافضة، وقد علق الرئيس عباس على ذلك بالقول: "الحكومة ليست أغلي من السلام. الحكومة ليست أغلى من أن المستقبل للشعبين بالنسبة لنتنياهو"، لكنها كذلك بالفعل فالسلام لم يكن يوما هدفا بالنسبة له، بل وقدم عبر المراحل السياسية السابقة كل الدلائل التي تؤكد على ذلك، فهل سنجبره على المضي لشيء نريده نحن لا هو، لقلة خياراتنا وضعف حيلتنا وتشبثنا بسلام نستجديه من صانع حروب. وهو الذي لم ينفك عن إيجاد الحجج والمبررات، لعرقلة عملية السلام التي تسعى لها كل الأطراف في العالم سواءً العرب أو الأوروبيون والأمريكيون، حيث اخترع لنا مؤخراً ما يسمى بضرورة أن نعترف بيهودية الدولة، الاعتراف الذي يلغي حق عودة اللاجئين، وحقوق فلسطيني ال48، أي أنه كما نقول بالعامية "بيتحجج" أو بيتلكك" بالعامية المصرية.

إذن هذا ما قاله نتياهو، أي بمعنى: هذا ما لدي، فإن أعجبكم فخذوه وإن لم يعجبكم فتركوه، لكن هل سيكون جوابنا على رأس ألسننا، كما عهدناه عرباً وفلسطينيين: "ما نحن بتاركين..وإن بقينا على ما نحن سنين".

للأسف يبدو واضحاً أن الموقف العربي، لن يتغير كما لن تتغير المطامع الإسرائيلية وإن تغيرت وجوهها، وكذا الحال بالنسبة للوعود والعهود الأمريكية والتي يتبين زيفها أمام التعنت والغطرسة والعنجهية الإسرائيلية الغالبة.

الرئيس عباس طرح مجموعة من البدائل في القمة العربية التي عقدت استثناءاً من أجل إيجاد مخرج من حالة الاستعصاء السياسي التي تواجهها السلطة الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية، كمطالبة واشنطن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي أو مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع الأراضي المحتلة تحت وصايتها، وهو الذي جدد موقفه الرافض من عدم الذهاب للمفاوضات في ظل الاستيطان واستبعد في المقابلة التي أجراها الصحفي الإسرائيلي عوديد اغرنوت عن خيار حل السلطة في حال فشلت المفاوضات وعودة إسرائيل لتتولى مسؤولية المناطق قائلاً: "حل السلطة غير وارد ولم نبحثه ولكن كل الخيارات مفتوحة واليوم إسرائيل تحتل الأراضي ولكن لا تتحمل أية مسؤولية".

إذن ألا يحق لنا أن نسأل ماذا بعد كل تلك التنازلات التي قدمت ولم تلق سوى الاستهتار والتحدي الإسرائيلي والعجز الأمريكي؟، ألا يحق لنا أن نسأل ما هي الآليات التي تقابل زيف التعهدات والوعود الأمريكية البالية والمنحازة لصالح إسرائيل؟، أليس من حقنا أن نطالب بتغيير هذه الاستراتيجيات والمناهج العثة التي لم تغن ولم تسمن من جوع؟، أليس من حقنا أن نرفض العودة إلى هذه اللعبة السمجة التي تضع قوانينها إسرائيل، فنخسر فيها في كل مرة؟.

وهل ستجدي المطالبة بوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، من أجل محاسبة إسرائيل ومساءلتها؟..أم أنه ما حك ظفرك مثل جلدك!!؟.

http://www.miftah.org