لا مناص من تصليب الجبهة الداخلية
بقلم: مفتاح
2004/7/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=1212


خلال زيارته الأخيرة لواشنطن ومشاوراته المكثفة فيها، عشية اصدار محكمة العدل العليا لقرارها النهائي الاستشاري حول جدار الفصل العنصري الذي تبنيه اسرائيل على اراضي الضفة الفلسطينية، اعرب وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم عن ارتياحه من أن زيارته حققت الكثير من الانجازات والاتفاقات على الكثير من القضايا!

وقال في مقابلة مع راديو اسرائيل: "لقد حققنا الكثير من التفاهمات خلال المحادثة، كالاتفاق على الخطوات التي يجب القيام بها مقابل محاولة عرفات "تغييب" الالتزامات الفلسطينية، وهناك اتفاق على مطالبتنا الحادة من الفلسطينيين بالقيام بتوحيد الاجهزة الامنية وخوض حرب حقيقية ضد الارهاب."

وتابع انه "اتفق مع الاميركيين على الحاجة الى قيام مصر بوقف تهريب الاسلحة من اراضيها الى السلطة الفلسطينية"، و"تم الاتفاق على عدم طرح خطة فك الارتباط للنقاش في مجلس الامن، والاستعداد لصدور الرأي الاستشاري عن محكمة العدل الدولية، بشأن الجدار الفاصل".

وخلص شالوم الى أنه "تم الاتفاق على عدم السماح للفلسطينيين باستغلال الرأي الاستشاري للمحكمة لاحياء احتفال او مهرجان، ومنع مجلس الامن من اتخاذ قرار بتبني الرأي الاستشاري، عبر قيام واشنطن بفرض حق النقض الفيتو."

المتأمل في هذه التصريحات يخلص الى ان الرجل واثق جدا مما يقوله بشأن الدعم الأميركي اللامحدود وبخاصة قبيل أشهر معدودات من الانتخابات الاميركية، التي يتنافس فيها المرشحين على اظهار الولاء لاسرائيلي لكسب الصوت والمال اليهودي.

هذه الجهود الاسرائيلية، اذا اضفنا اليها الحملات الدبلوماسية المكثفة في العواصم الأوروبية وعلى وجه التحديد في تلك التي عارضت لجوء الفلسطينيين لمحكمة العدل العليا للاستئناس برأيها بشأن الجدار الفاصل، حيث ضمنت الدبلوماسية الاسرائيلية، دعم تلك العواصم ايضا للمواقف الاسرائيلية، وان كانت تبدي بعض التعاطف مع الفلسطينيين.

وفي الجانب الآخر، نرى ان الأداء الدبلوماسي الفلسطيني يعيش حالة من التراجع والعجز عن تحقيق نفس القدر من الانجازات او على الأقل تغيير الصورة الارهابية التي ألبست للنضال الوطني الفلسطيني المشروع. وبالتأكيد ان اي جهود فلسطينية لن يكتب لها الصمود امام التحالف الاسرائيلي مع ادارة الرئيس بوش التي تتماهى مع مواقف الحكومة اليمينية في اسرائيل، حيث أن بعض أعضاء الادارة اكثر يمينية من االكثير من الاسرائيليين.

اذن، حكم سلفا على القرار الصادر عن المحكمة الدولية بالانضمام الى رفوف جميع القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية التي دخلت طي النسيان والاهمال. كما يتوقع لجوء الولايات المتحدة الأميركية لاستخدام حق النقض الفيتو، اذا ما وصلت الامور الى مجلس الأمن، مما يعني احباط محاولة اخرى لادانة اسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، كما انه يشكل احباطا لأي فعل دولي حقيقي تجاه اسرائيل لاجبارها على وقف ممارساتها بحق الفلسطينيين، مما يعني مواصلة المعاناة الفلسطينية على أيدي الاسرائيليين المدعومين أميركيا!، وسط حالة من التفرج العربي والأوروبي.

هذا الوضع، يلقي على عاتق القيادة الفلسطينية أهمية تصليب الجبهة الداخلية من خلال تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز المشاركة السياسية لمعظم الفئات الفلسطينية من خلال صناديق الاقتراع. كما يتطلب تعزيز سيادة القانون ومحاكمة الفاسدين كمقدمة لتعزيز الثقة الجماهيرية والعربية والدولية بهذه القيادة. وبدون شك، أن اخراط معظم فئات المجتمع في العملية السياسية سيؤدي بالتأكيد الى ابتكار طرق خلاقة في تسويق القضية وكسب التأييد العالمي لها.

http://www.miftah.org