القضاء الإسرائيلي: لا ثمن يُذكر للعبث بحياة الأطفال الفلسطينيين!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/11/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12165

مرة أخرى تتكشف لنا فضائح جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأزمته الأخلاقية والنفسية والتي تنم عن أزمة شعب بأكمله، والتي كُشف مؤخراً عن إحداها، بعد احتماء جنديين إسرائيليين بطفل فلسطيني في التاسعة من عمره واستخدامه كدرع بشري أثناء العدوان الإجرامي على غزة في كانون الثاني 2009، وإن لم تكن هذه الجريمة والفضيحة هي الأولى بل وليست مستغربة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي التي توالت فضائحه وجرائمه الأخلاقية واللا إنسانية، إلا أن المفاجأة كانت بالحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية على الجنديين بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ وخفض رتبتيهما.

وذكرت المصادر الصحفية أن الجنديين أُدينا في الثالث من تشرين الأول "بتجاوز السلطة وتعريض حياة الآخرين إلى الخطر" و"بالتصرف غير المطابق لقوانين الجيش" لأنهما أجبرا طفلاً في سن التاسعة على تفتيش أكياس "فلسطينيين مشبوهين" توقعا أن تكون فيها متفجرات.

إلا أن هذا الحكم يعني أن الجنديين اللذين أٌدينا بتعريض حياة الفتى للخطر والتصرف بشكل غير لائق سيتمتعان بحريتهما لكن سيكونان عرضة للحبس في منطقة احتجاز بالجيش لمدة ثلاثة أشهر على الأقل في حالة ارتكابهم جريمة أخرى.

ولم يكن كافياً بالنسبة للمحكمة الإسرائيلية أن مثل هذا التصرف يعد خرقاً لكل القوانين والتشريعات الدولية التي تقضي بحماية الأطفال والمدينين وقت النزعات، لتصدر حكماً بهذه التفاهة والاستهتار بالحبس ثلاثة أشهر ومع وقف التنفيذ لجنديين مددجين بالأسلحة استخدما الطفل كدرع بشرية معرضين حياته للخطر مع سبق الإصرار والمعرفة، ناهيك عن حالة الرعب التي اعترته والتي دون أدنى شك ستنعكس على نفسيته وحياته بأكملها. حيث ذكر الطفل في تصريح تحت القسم للمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال ومقرها جنيف: "ظننت أنهم سيقتلونني وخفت كثيراً حتى تبولت في سروالي".

والأسوأ من الفعل والتصرف المشين ومن الحكم السخيف، هو العذر التي ذكرته المحكمة العسكرية - والذي لا يستبعد أبدا ً عنها – وهو بالفعل عذر أقبح من ذنب، حيث قالت: "إن الحادث جرى في كانون الثاني 2009 في ظرف كانت فيه القوات الإسرائيلية في وضع "صعب وخطير" قضى فيه الجنود عدة ليال دون نوم".

ولم يعد يخف على أحد أن القضاء المدني والعسكري في إسرائيل متواطئ مع المؤسسة العسكرية والأمنية وهو غطاء لها من ذلك: تشريع التعذيب..والإبعاد والتطهير .. وموجة العنصرية التي تسود إسرائيل ومؤسساتها السياسية، وهذه ليست سابقة في دولة إسرائيل، فهناك الكثير من الأمثلة والشواهد التاريخية التي تدل على عنصرية هذا الكيان، واسترخاصه للدم العربي والفلسطيني فلا يمكن لنا نسيان أن مرتكب مجزرة كفر قاسم المدعو شدمي حكم بتغريمه قرش واحد، كما أطلقت العديد من الأحكام التافهة بحق مجرميهم كالخدمة الاجتماعية والتغريم الذي لا يُذكر.

ورغم ما خلص إليه تقرير ريتشارد غولدستون المفوض من قبل الأمم المتحدة، باتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال عملية "الرصاص المصبوب" العسكرية على قطاع غزة التي استمرت 22 يوماً من نهاية 2008 إلى بداية 2009، وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 1500 فلسطيني وجرح الآلاف، وأوصى القاضي غولدستون في تقريره بإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا لم تفتح الدولة العبرية تحقيقاً "ذا مصداقية"، إلا أن هذا الحكم التافه من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية يأتي في مواجهة ما يمكن اعتباره على حد قولهم "مزاعم" التقرير.

ومع اقتراب ذكرى الحرب على غزة، وعدم معاقبة أي من المجرمين الذين شاركوا في الحرب، ظهرت فضيحة أخرى فقد نُشر قبل أيام موقع الكتروني أسماء وصور وعناوين لـ200 ضابط شاركوا في الحرب وطالب بتقديمهم للمحاكم الدولية بصفتهم مجرمي حرب.

وكتب الموقع فوق صور العسكريين الذين ذكرهم أنهم "عملوا في إطار عملية الرصاص المسكوب وكان لهم دور مركزي في جهاز دموي"، ووصفهم بأنهم "مجرمون خطيرون من دولة إسرائيل".

ومن بين الضباط الذين نشر الموقع تفاصيل عنهم رئيس أركان الجيش غابي أشكنازي ورئيس شعبة الاستخبارات وقائد المنطقة الوسطى وقائد سلاح المدرعات.

وهذه هي العقلية الإسرائيلية العنصرية والتي تتفق فيها كل مؤسسات هذا الكيان، التي لا تلقي اعتباراً لأية تشريعات وقوانين دولية ، بل أن إطلاق قضاءها – العادل في نظرهاوهي كذبة كذبوها وصدقوها- لمثل هذه الأحكام السخيفة ما هو إلا دعوى صريحة للجيش الإسرائيلي لاستخدام المدنيين الفلسطينيين وقت الصدامات، فلا ثمن يٌذكر للعبث بحياتهم وإنسانيتهم: غرامات تافهة أو سجن مع وقف التنفيذ، والضحية دوماً وأبداً هو الإنسان الفلسطيني.

http://www.miftah.org