الوسيط الأمريكي في أوراق الويكيليكس
بقلم: نداء ابراهيم لمفتاح
2010/12/20

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12231

في ظل برقيات ديبلوماسية أميركية سربها موقع "ويكيليكس" مؤخرا يبدو الحديث عن جدوى الوساطة الأمريكية واجبا. فبحسب ما سُرب، أبرزت الوثائق اعتقاد أمريكيا بأن الفلسطينيين هم السبب وراء وقف المفاوضات الأخيرة لـ"تركيزهم" الكبير على قضية الاستيطان، و"تضييعهم فرصة الأشهر العشرة التي أعلنت الحكومة الإسرائيلية فيها وقفا للنشاطات الاستيطانية" و"عدم اتخاذهم قرارت جدية تتطلبها عملية السلام". وثائق أخرى قالت أيضا بأن "الهوة شاسعة بين أقصى ما يمكن أن يقترحه رئيس وزراء إسرائيلي والحد الأدنى الذي يمكن أن يوافق عليه رئيس فلسطيني".

ما يمكن أن يُفهم من تلك التسريبات هو اعتقاد أمريكا الصادق بأن الفلسطينيين هم السبب في المأزق الذي تشهده عملية السلام حاليا، رغم محاولات إنقاذها المستمرة. عملية رأى الفلسطينيون أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث: "عملية السلام دخلت في غيبوبة".

وإذا ما صحت الوثائق، فهي عدا عن إثارتها مشاعر الخيبة والغضب وانحياز أمريكا، تشير إلى أن الإدارة الأمريكية مقتنعة بحق وصدق، أن الفلسطينيين هم السبب.

ما جاء في الوثائق يناقض اعتقادات الساسة الفلسطينيين الذين آمنوا أنهم في الموقف الأقوى والأصح وللمرة الأولى، مستذكرين كيف كانت عاقبة الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد كامب ديفيد وتحميله مسؤولية فشلها.

ليس هذا فحسب، بل شابت تصريحات الفلسطينيين استياءً واضحا من خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنيتون الذي وضعت فيه اللائمة على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي معا، معتقدين أن أصبع الاتهام في فشل التفاوض كان لا بد وأن يوجه إلى إسرائيل دون أي احتمال لشك أو تأويل.

وصحيح أن هذه الوثائق تحتمل الصواب كما الخطأ إلا أنها جاءت ضمن كثير من الإشارات الواضحة في الفترة الأخيرة التي تدعو للقراءة المتمعنة والتفكير. فما الفائدة؟ وما مصلحتنا من هذا الوسيط؟

لكن، ورغم شعور البعض بأن ردة الفعل اللازمة هي الغضب مما جاء في الوثائق وسب أمريكا واللي جابها، إلا أنها من جانب آخر، تستحق الدراسة والتحليل. من يدري، علّنا نجد فيها قليلا من الراحة إن أمعّنا النظر. فقد تنفي هذه التحليلات الأمريكية بعضا من نظريات المؤامرة وتذكرنا أن المصالح هي التي تتكلم، وهي اللغة التي يفضل أن نَفهم، أو يمكن أن نكتشف ببساطة أن الوساطة غير مجدية لأنو الحَكَم ببساطة "معاهم".

بعد ذلك يأتي دور السؤال الأهم: ما العمل؟ لأن خيبة الأمل والحزن واليأس لا تكفي ولا تنفع. أمامنا طرق كثيرة لاستغلالها، وأهمها مواجهة الدعاية الإسرائيلية وحسن توظيف ما اعترف الإسرائيليون بأنفسهم بأنه "غضب عالمي ضد إسرائيل".

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org