هدم فندق Shepherd قرار وُلد قبل عام 1985
بقلم: نداء ابراهيم لمفتاح
2011/1/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12290

منذ زمن، وإسرائيل بتعاقب قادتها وحكوماتها ترسم الخطط وتهندسها باستراتيجيات واضحة، وفندق "شبرد" الذي هدمته قبل يومين في القدس الشرقية لم يكن وليد اللحظة بل نتاجَ خطة تكشفت أول خيوطها عام 1985 عندما تمكن المليونير اليهودي الأمريكي أرفينغ مسكوفتش من شراء حق المنفعة في الفندق الذي سُرب بطرق غير قانونية، تحسبا لفرصة مواتية للتصرف في العقار والأرض.

والأمر عندهم لا يستند على القانون ولا ينتظر الصدفة أو المفاجأة، فاسرائيل اتخذت من أفكار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون للحل النهائي وتحديدا قضية القدس إستراتيجيةً يمكن تنفيذها لقضاء على الآمال بإمكانية حل مستقبلي، فطروحات كلينتون التي عبّر عنها عام 2000 تقول إن المناطق العربية في القدس ستكون فلسطينيَّةً، والمناطق اليهودية ستكون إسرائيليَّةً، وأن هذا سينطبق على البلدة القديمة أيضًا.

ومنذ ذلك الوقت، وإسرائيل تمضي بعجل في تغيير معالم القدس العربية ومحو الآثار الفلسطينية فيها وتهويدها، لدفع أهلها لمغادرتها، وإلغاء أي أرضية يمكن التفاوض عليها مستقبلاً أو الحديث بشأنها.

وهدم فندق الشبرد هو جزء من تلك السياسة، لكن ما جسّده هذا الفندق من دلالات سياسية ونضالية وتاريخية فلسطينية، يجعل من هدمه لبناء 20 وحدة استيطانية على أنقاضه، أمراً مؤلماً روته قصص المقدسيين خلال اليومين الماضيين، إما عن ذكرياتهم في المكان أو عن أسفهم لأن الجيل الجديد الذي يُمنع من دخول القدس لن يتمكن من معرفة أهم صالوناته السياسية.

وحال العرب والعالم ليس بأفضل، فكأنما أصبحت القضية الفلسطينية في نظرهم إنسانيةً فحسب. وأصبح التعامل معها كما الكوارث والمآسي التي يتناسب حجم الرد عليها طرديا مع عدد الضحايا وحجم الخسائر. وكأن إدانات العرب والعالم لهدم الفندق تعودت قصص الفلسطينيين اليومية من معاناةٍ مع الاحتلال، والقتل، والأسر، والحواجز، وهدم المنازل وانتظرت هدم مَعلم سياسي وتاريخي كبير لتستنكر وتدين.

هي القدس إذاً ستظل قلب الصراع ومركزه، وهي المدينة المقدسة التي تفهم إسرائيل وضعها وأهميتها جيداً. إسرائيل الآن لا تفكر بل تنفذ خططاً صاغها قادتها قبل أعوام عديدة، خطط لم تفلح حتى اللحظة في تركيع أهلها المُرهَقين المتعَبين.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org