وسط عدم استقرار تشهده مصر
عاصفة وثائق التفاوض تستبق اجتماعي الرباعية ومجلس الأمن (21 -29 كانون ثاني)

بقلم: مفتاح
2011/1/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12341

بينما تتوجه الأنظار إلى شوارع مصر التي أعلن مواطنوها الثورة على النظام الحاكم، احتلت أنباء تسريبات قناة الجزيرة لوثائق الفلسطينية الإسرائيلية اهتماما وجدلا واسعا في الشارع الفلسطيني الأسبوع الماضي، فقد بدأت قناة الجزيرة ليلة الأحد 23/11 وعلى مدار أربعة أيام بعرض مقاطع من وثائق مسربة لجلسات مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية وُجهت أصابع الاتهام في تسريبها إلى موظفين في وحدة دعم المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير، فيما تدرس السلطة إمكانية مقاضاة قناة الجزيرة القطرية بسبب نشر تلك الوثائق والطلب من قطر تسليم مدير القناة وضاح خنفر كونه يحمل الجنسية الفلسطينية.

وعلى أثر تلك الوثائق التي قيل إن السلطة أبدت فيها مرونة واسعة في المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، نظمت حركة حماس مسيرات في قطاع غزة ضد عباس وصلت إلى حد إحراق مجسم له والمطالبة بمحاكمته، وردت فتح بإضرام النار في صور رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وقائدها في غزة محمود الزهار. ويقول مراقبون إن حماس فشلت في استغلال الوثائق حيث لم تلق دعواتها لجمهور الضفة بالتظاهر ضد عباس أي أصداء، وبدلاً من ذلك ظهرت تظاهرات دعم وتأييد للرئيس ونهجه السياسي من جانب فتح والفصائل المؤيدة لها.

من جهته قال الرئيس محمود عباس رداً على ما نقلته الجزيرة: "كل ما قمنا به من نشاطات يبلغ به العرب بالتفصيل، وما نشرته الجزيرة خلط مقصود بين المقترحات الإسرائيلية والمواقف الفلسطينية.. وهذا عيب". أما رئيس دائرة المفاوضات في المنظمة صائب عريقات وأثناء مقابلته مع الجزيرة، اتهم الأخيرة بمحاولة تهديد حياته عبر طريقة عرضها لتلك الوثائق، نافيا أن تكون القيادة قدمت أية تنازلات أثناء التفاوض.

عاصفة التسريبات هذه، قوبلت بصمت إسرائيلي خرقه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود اولمرت الذي كشف في 27/1 أن الجانبين كانا قريبين من التوصل إلى اتفاق، إلا أن ظروفا قيل إنها "مشاكل اولمرت القانونية وتردد عباس" أعاقت ذلك.

بعد تونس، مصر تعلن الثورة

تابع الفلسطينيون ثورة الشارع المصري لتغيير النظام الحاكم في أعقاب تمسك الرئيس المصري حسني مبارك بالسلطة، واستقالت الحكومة رسميا السبت 29/1 في حين خرج متظاهرون إلى الشوارع مرة أخرى يطالبون برحيله

. وأمر مبارك قوات ودبابات الجيش بالنزول إلى المدن مساء الجمعة وفرض حظر تجول في محاولة لإخماد احتجاجات الشوارع، حيث ما زالت النيران تشتعل في مبان حكومية منها مقر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بعد أن أضرم متظاهرون تحدوا حظر التجول النار فيها يوم الجمعة 28/1. ووفقا لإحصاءات أجرتها وكالة رويترز قتل 54 شخصا عندما خاض المتظاهرون معارك مع شرطة تستخدم الطلقات المطاطية والغاز المسيل للدموع والهروات. وقالت مصادر طبية ان 1030 شخصا على الأقل أصيبوا بجروح في القاهرة وتندلع المزيد من الاحتجاجات في مختلف أرجاء البلاد ومن المتوقع أن تتزايد.

قلق اسرائيلي من الموقف الدولي

مع اقتراب موعد اجتماع وزراء خارجية أعضاء اللجنة الرباعية بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المقرر عقده الأسبوع المقبل في ميونيخ، أشارت صحيفة الحياة اللندنية إلى إن إسرائيل تتابع بقلق هذا الاجتماع وسط أنباء عن أن المجتمعين يعتزمون إصدار بيان ختامي يدين إسرائيل على مواصلتها البناء في مستوطنات القدس والضفة الغربية المحتلتين.

وأفادت صحيفة «هآرتس» الجمعة 28/1 أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يفكر في استباق الاجتماع والبيان، ويدرس إمكان إعلان رزمة مبادرات حسن نية تجاه السلطة، آملاً في تخفيف حدة لهجة البيان المتوقع صدوره، فضلاً عن إقناع الفلسطينيين بعدم الذهاب إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين الاستيطان.

ووفقاً للصحيفة، تشمل هذه المبادرات تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، وإزالة عدد آخر من الحواجز العسكرية في أنحاء الضفة، ومنح التصاريح اللازمة لبناء مدينة الروابي الفلسطينية، والتصديق على مشاريع في مجال البنى التحتية في الضفة.

وترجع الصحيفة هذا القلق الإسرائيلي إلى معلومات وصلت وزارة خارجيتها بأن الولايات المتحدة لا تعارض بياناً شديد اللهجة ضد إسرائيل في حال بادر الأوروبيون له. يأتي هذا فيما وجه 6 نواب بارزين من الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس الخميس 27/1 رسالة إلى الرئيس باراك أوباما طالبوه فيها باستخدام الفيتو ضد القرار المتوقع أن يصوت مجلس الأمن عليه بشأن إدانة الاستيطان.

وفي خطوات رحب بها الفلسطينيون، أعلنت دولتان من أميركا الجنوبية اعترافهما بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، فأعلن وزير خارجية باراغواي الجمعة 28/1 اعتراف بلاده بفلسطين فيما أعلن وزير خارجية البيرو الاثنين 24/11 أن بلاده تعترف بدولة فلسطينية حرة. وبذلك يرتفع عدد دول أمريكا اللاتينية التي اعترفت بفلسطين إلى 9 دول.

لكن يبدو أن هذه العدوى لن تنتقل إلى دولة جارة هي كولومبيا التي أعلن رئيسها خوان سانتوس إن بلاده لن تنضم إلى الدول المعترفة بدولة فلسطينية مستقلة، حسبما نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة. وجاء حديث الرئيس الكولومبي سانتوس على هامش مداولات المنتدى الاقتصادي الدولي المنعقد في منتجع دافوس السويسري حيث أكد أن علاقات بلاده بإسرائيل قوية في جميع المجالات.

أما ايرلندا فأعلنت الثلاثاء 25/1 أنها رفعت التمثيل الفلسطيني في دبلن إلى مستوى بعثة، وذلك في بيان لوزارة الخارجية أوضحت فيه أنها قامت بهذه الخطوة أسوة بفرنسا واسبانيا والبرتغال.

الاستيطان والانتهاكات الاسرائيلية

تأتي هذه الإشارات الدولية في ظل تصعيد ميداني متواصل، فقد استشهد الفتى يوسف فخري اخليل (15 عاما) الجمعة بعد إصابته بعيار ناري في رأسه إثر هجوم مسلح للمستوطنين على خربة صافا شمال الخليل أدى إلى استشهاد اخليل، وإصابة اثنين كانوا برفقته. كما استشهد الشاب عدي ماهر قادوس 18 عاماً من قرية عراق بورين الخميس 27/1 أثناء عمله في الحقل عندما أطلق عليه مستوطن من مستوطنة "براخا" كان يعمل في أرض استولوا عليها مؤخراً النار وأرداه قتيلاً.

وأصيب مواطنان برصاص الاحتلال بمحاذاة جدار الفصل العنصري جنوب الخليل وهما أكرم السمامرة (28 عاما) وحسام القميري (25 عاما) ووصفت إصابتهما بين متوسطة وخطيرة. كما أصيب 3 مواطنين و4 جنود إسرائيليين بجروح مختلفة في شعفاط ليلة الجمعة 28/1، وأفاد مراسل راديو "ألف" في القدس أن امرأة وطفلين أصيبوا بجروح واختناق بعد احتراق منزلهم جراء إطلاق قوات الاحتلال النار والغاز المسيل للدموع عليه.

إلى ذلك شرع مئات المستوطنين في عمليات تجريف واسعة لأراضي المواطنين ومنعهم من الوصول لأراضيهم في مختلف محافظات الضفة الغربية تحت حماية قوات الاحتلال، فيما أحرق مستوطنون سيارة مواطن في قرية عينابوس في نابلس.

من جانبها، أصدرت قوات الاحتلال أمرا عسكريا يقضي بالاستيلاء على قطعة أرض مساحتها 2580 مترا مربعا من أراضي الخليل لصالح مهبط للطائرات المروحية الإسرائيلية.

وعلى الصعيد ذاته، استمرت سلطات الاحتلال في إجراءاتها التهويدية في القدس المحتلة حيث استمرت الحفريات الإسرائيلية أسفل وفي محيط الحرم القدسي، وأقيمت أنفاق عديدة غير مفتوحة أمام الجميع قيل إنها تهدد مباني في الحرم، كما أكدت مصادر إسرائيلية رسمية عن احتمال انهيار المصلى المرواني، حيث تم الكشف عن نفق يربط سلوان خارج السور إلى الجنوب الشرقي من الحرم، وتنتهي عند محيط المسجد الأقصى.

هذا وقررت اللجنة المحلية الإسرائيلية للتنظيم والبناء في القدس المصادقة على مخطط لبناء 180 وحدة سكنية استيطانية بين حي ام ليسون وصور باهر في القدس الشرقية، وتمت في إطار هذا المشروع مصادرة أراض يملكها سكان صور باهر. وصادقت اللجنة المالية في البلدية الأسبوع الماضي على تخصيص مبالغ مالية لإقامة 12 مشروعاً لتطوير شبكة مواصلات في القدس الشرقية وشوارع تربط بين شرقي القدس وغربها بتكلفة تزيد عن 40 مليون شيكل. كما صادق أعضاء اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في القدس الأسبوع الماضي على مخطط لإقامة "متحف العين" والحفاظ على بركة عين سلوان وذلك بتكلفة تزيد عن مليوني شيكل.

أما لجنة التحقيق التي شكلتها إسرائيل لتقصّي حقائق حادث الاستيلاء على سفينة المساعدات التركية "مرمرة" القادمة إلى قطاع غزة، فخلصت إلى تأييد الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وبرأت الحكومة الإسرائيلية والجيش من ارتكاب مخالفات خلال الهجوم على السفينة في خطوة استهجنتها تركيا على لسان وزير خارجيتها رجب طيب اردوغان: "لقد تم إعداد هذا التقرير استجابة لأوامر مباشرة. كيف يمكن أن تكون هناك أية قيمة أو مصداقية لتقرير أعدته الدولة المتهمة بنفسها داخل حدودها؟".

http://www.miftah.org