الفيتو الأمريكي والثورة التي نرتقب!
بقلم: فادي أبو سعدى
2011/2/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12392

لا يبدو أن الإدارة الأمريكية اتعظت مما جرى في تونس وموقفها المخزي آنذاك من ثورة الياسمين، ولا يبدو أن محاولاتها لتدارك أخطائها في تونس من خلال الثورة المصرية العظيمة قد نجحت هي الأخرى، كما لا تبدو متابعتهم لمجريات الأمور سواء في ليبيا أو البحرين أو اليمن أو غيرها من الدول العربية تتخذ طابع الجدية التي هي السمة الرسمية لما يجري في وطننا الكبير، فها هي تكرر نفس الأخطاء مرة تلو أخرى.

رأس الديبلوماسية الأمريكية هيلاري كلينتون خرجت علينا قبل يومين لتقول "ان قرارات مجلس الامن الدولي "ليست السبيل الصحيح" للتقدم نحو تحقيق الحل القائم على دولتين في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني". السيدة كلينتون قررت ذلك فجأة! بينما نحن ننتظر منذ اثنين وستين عاماً ونستصدر القرار تلو الآخر، في حين أنها وإدراتها لا يرون ذلك بالصحيح في فلسطين ويؤيدونه وينفذونه بقوة في كل مكان آخر في هذا العالم العجيب!

إن الإدارة الأمريكية لا تبدو واعية بأن التحولات الحاصلة في الوطن العربي على أيدي الشباب لن تكون بالضرورة تابعة للسياسة الأمريكية المتبعة الآن، أو حتى مكملة لها، حتى وإن كان هذا التغيير يطلب الديمقراطية، والعدالة الأجتماعية، والحرية، أكاد أجزم بأنه لن يكون بحسب المقاييس الأمريكية لكل هذه المفاهيم الإنسانية بالمطلق.

في امريكا، كانوا يهزؤون باستمرار من حكامنا العرب بسبب طول فترة الحكم، فمنهم من يحكم منذ اثنين وأربعين عاماً ولا زال، ومنهم من أكمل الثلاثين قبل أن يرحل وغيرهم كثر. فما الذي يجب أن نقوله لهم نحن الذين ننتظر لأكثر من ستين عاماً ليغيروا من سياستهم تجاهنا، بينما يأتون اليوم مجدداً بالفيتو لقضية من بين مجموعة قضايا هامة لمفاوضات الحل النهائي وهي "الاستيطان"؟!

لا أعرف كيف يقاومون حقيقة أن اللوبي الصهيوني يتحكم بسياستهم ويحكمهم، ولا أدري كيف يرون حل القضية الفلسطينية أمر هام للأمن القومي الأمريكي ويقابلون ذلك بالفيتو، أو كيف يريدون لنا دولة فلسطينية، بينما يكافئون حكومة أطول احتلال في العالم. قد لا أقول أكثر من أن ذلك "من سخرية القدر".

نعلم أن القيادة في أمريكا ممثلة بالرئيس أوباما هي قيادة شابة إلى حد كبير، ونعلم أنهم يريدون رؤية قيادات شابة في الوطن العربي، لكنهم قد لا يعلمون بأن سياستهم هذه تقودهم إلى الهاوية، وتقود لأن نطالب نحن بثورة شبابية داخل الولايات المتحدة لتغيير سياستهم المقيتة تجاهنا وتجاه قضايانا العادلة في فلسطين خاصة وفي العالم العربي والإسلامي بشكل عام!

السيد باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية،، لقد فشلت سياستكم في كل الدول التي حاولتم تغييرها كما تريدون، من أفغانستان، إلى العراق، سورية، لبنان، كوريا، إيران وغيرها الكثير، فكيف لكم أن تستمروا بفعل ذلك دون مراجعة شاملة لسياستكم ومحاولة تغييرها، علكم تستطيعون ارجاع القليل من مصداقيتكم الضائعة من خلال القول بدون الفعل. لا أعتقد بأن لديكم الكثير من الوقت، فخسائركم فادحة منذ الآن، علكم تفهمون!

http://www.miftah.org