الفصائل الفلسطينية والمسلسل الهندي لانهاء الانقسام!
بقلم: فادي أبو سعدى
2011/3/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12461

يبدو أن الجميع قرر الهروب من مسؤولياته كما عهدنا باستمرار، فما أن أعلن الشباب الفلسطيني نيتهم التحرك في محاولة لتحريك المياه الراكدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، حتى حاول الجميع، وعلى رأسهم الفصائل السياسية الفلسطينية ركوب الموجة واستغلال الموقف إلى حد نخجل الحديث عنه لما سبب من إساءة لهذا التحرك الشعبي غير المؤطر، وإعادة الاحباط لنفوس الشباب الذين صارعوا بشدة للوصول إلى شعور وجوب الخروج من الصمت والتحرك باتجاه الشارع.

إن مسيرة "حماس" التي جاءت إلى ساحة الجندي المجهول في غزة ليست سوى محاولة لتخريب الجهد الشبابي، والتمثيل على الجميع بأن "حماس" معنية بإنهاء هذا الانقسام، وهذا أمر غير صحيح بالمطلق ونعرف ذلك جميعاً، كما أن خروج بعض قيادات فصائل اليسار إلى دوار المنارة في رام الله منذ ليل الاثنين والحديث للشباب وتبيان أنهم مع إنهاء الانقسام ليس سوى تمثيل أيضاً، فأين كانوا طيلة هذه السنوات وماذا فعلوا؟

لقد عشنا في سنوات الانقسام أوضاعاً نفسية سيئة، وقد زرعت في نفوسنا ثقافات سيئة لا ننتمي لها ولا تنتمي لنا، وقد قتلت بداخلنا الروح الوطنية إلى حد كبير، وأصبنا بحالة من النفور الشديد من كل ما له علاقة بالفصائل الفلسطينية، ذلك أنها جميعها لها علاقة مباشرة أوغير مباشرة بالانقسام أو ساهمت بتغذيته لاحقاً، أو سلمت بواقعه وتعاملت معه، والآن وعندما قرر الشباب التحرك تذكروا كل ما فعلوه بنا، وأرادوا التبرؤ من كل ما أدخلوه في قلوبنا وعقولنا، وهذا أمر لا يعقل!

لا أريد سوى أن أتذكر الأيام الخوالي إبان الانتفاضة الأولى، عندما كانت ورقة واحدة تصدر عند التاسع من كل شهر على شكل بيان وتحمل توقيع (ق.و.م) القيادة الوطنية الموحدة، وكانت تسير كل الشعب الفلسطيني لشهر كامل، وبالتزام نسبته 100 بالمئة، وكان المبدء الوحيد السائد آنذاك هو الوطن ولا شيء غير الوطن، أم الآن ومع وجود العديد من الفصائل الكبيرة منها والصغيرة، العلمانية منها والإسلامية، وحتى اليسارية المندثرة لا وجود لأي مبدأ ولا شعور وطني ولا شيء من هذا القبيل.

وسط هذه الأجواء السائدة، لا أريد للانقسام أن ينتهي، ووسط هذه الثقافات البائدة، لا أرى مكاناً للوحدة الوطنية، لأنها لن تكون سوى تمثيل لم يعد ينطلي على الشعب، الصغير منه قبل الكبير، فلكل منهم مصالحه، ولكل منهم حساباته، وجميعها لا تتماشى معنا كمواطنين عاديين، ولا مع الأجيال القادمة في ظل التغييرات الكبيرة الحاصلة في الوطن العربي أولاً وفي السياسة الدولية ثانياً.

لو كنت أطمح في شيء لأطفالي ولمستقبلهم، هو أن يتربوا على ثقافة وأخلاقيات الانتفاضة الأولى، اجتماعياً وسياسياً وفكرياً، لا أريدهم أن يتربوا على ثقافات الأحزاب أياً كانت، ولا أريدهم أن يرفعوا أي علم غير العلم الفلسطيني، ولا أريدهم إلا أن يفكروا بكيفية خدمة بلدهم في المستقبل والمساهمة ببنائه في أي مجال يتقنوه أو يريدون المساهمة به، والعيش بسلام مع كل أطياف البشرية أياً كان العرق أو اللون أو الدين، فهل لا زلت أستطيع ذلك؟ لا أعتقد حتى أنني أمتلك الاجابة الآن!

* رئيس تحرير شبكة فلسطين الإخبارية- بيت لحم - fadi@pnn.ps

http://www.miftah.org