‘أجمل الأمهات’.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/3/21

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12475

أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها…التي انتظرتُه، وعاد مستشهداً، أجمل الأمهات تلك التي انتظرته..ولم يعد بعد، أجملهن تلك التي انتظرها أولادها..ولم تأت لأنها لم تستطع فك قيدها، أجملهن التي استلمت بدموع الحرقة بطاقة معايدة واشتياق ووردة من خلف القضبان، لتضيفهم للهدايا السابقة بعدد سنوات الأسر، أجملهن تلك التي استسمحت أطفالها على الغياب بعد أن غيبها الأسر، وهي التي استلمت بطاقة ذُيلت ب "غدا ًنلتقي"، وإن غداً لناظره قريب، وتظل تشمها لعلها تجد فيها شيئاً من رائحة ولدها، وهي الممنوعة من زيارته ورؤيته، هي الأم التي انتظرت قبلة يطبعها إبنها على ظهر يدها، لكن كيف ذلك وهي لا تراه وإن رأته كان بعيداً عنها خلف الحواجز والأسلاك.

أجملهن هي الأم الفلسطينية التي ما انفكت أن تكون أسيرة، أو أم شهيد أو أسير، واليوم يُضاف إليها أن تكون في ساحة النضال مجدداً للمطالبة بالحرية ليس فقط من عتق الاحتلال، بل من عتق الانقسام وظلمه، فهي التي لطالما عانت منه وذاقت مره.

وهي تلك الأم التي كانت تدفع بأبنائها في وجه المحتل الظالم من أجل الدفاع عن الوطن، هي ذاتها التي ترسلهم اليوم وأيضاً من أجل الوطن لكن في وجه المنقسم الظالم، فاليوم وللأسف يُضاف ظالم جديد لظلامها لكنه من ابن جلدتها، الذي ظلم نفسه وظلمها.

عيد الأم في فلسطين..قد يكون الأصعب على الإطلاق، فلابد أن يشوب جمال ربيعه ألم وجرح مفتوح، فأنى للفرحة أن تكتمل وقد شوهها الاحتلال عندما لم يستثن المرأة من عدوانه وظلمه وقهره، فهدم المنزل وسرق الأرض وقتل الزوج وأسر الإبن، بل لم يستثنها هي من القتل والأسر، فحرم آلاف الأبناء من أمهاتهم، قتلاً أو أسراً فكن 15 ألف أسيرة منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، كما ذكرت وزارة الأسرى التي أصدرت تقريراً لمناسبة عيد الأم، ذكرت فيه أيضاً وجود ثماني أمهات أسيرات لا زلن يقبعن خلف قضبان السجون في الزنازين المعتمة والرطبة، لا تصلهن الهدايا والمعايدات من أولادهم فهم إما بعيدون أو ممنوعون من الزيارة، وهن: أيرينا سراحنة، وقاهرة السعدي، ولطيفة أبو ذراع، وابتسام العيساوي، وإيمان غزاوي، وكفاح عوني قطش، وحنان أحمد حموز، وسمحة عزام، ولديهن 32 من الأبناء والبنات يعيشون مرارة الحرمان، وخاصة في ظل وجود 4 منهن ممن اعتقل أزواجهن أيضاً.

والأمر لم يُقتصر يوماً على الحرمان من الأبناء والأهل، بل يُضاف إلى ذلك سياسة الإهمال الطبي المتعمدة من قبل إدارة السجون فكثير من الأسيرات الأمهات يعانين من أمراض مختلفة حصلن على بعضها بسبب ظروف السجن والتحقيق القاسية ولا تتوفر لهن الرعاية الطبية الكافية مما يعرض حياتهن للخطر، يُضاف إلى ذلك المضايقات والاستفزازات وسياسة التفتيش العاري والحبس الانفرادي، والحرمان من الزيارة والعلاج والتعليم .

فأين المنظمات الإنسانية والحقوقية، من حال الأم الفلسطينية؟، أين منظمات حقوق المرأة والطفل من معاناتها.

وحتى ينتصر لها أياً من هؤلاء، ستبقى هي عين الوطن الحارسة، ونبراس العطاء، وثوب الحرية والتي تجاوزت المستحيل والأساطير، لتكون الرمز الخالد للعطاء اللامنتهي، والحب اللا منضوي، والإيثار منقطع النظير فحبها النور الذي يضيء عتمة السجون، وهي التي تفتحت في عيدها أزهار النرجس والحنون.

هي "أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها...انتظرتُه، وعاد مستشهداً فبكت دمعتين ووردة، ولم تنزوِ في ثياب الحداد".

آلآء كراجة هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org