لماذا الفلسطيني هو الحلقة الأضعف دائما؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/3/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12494

لم يكن اتهام المستشارة الرئاسية في سوريا بثينة شعبان للفلسطينيين بالوقوف خلف أحداث وقعت في اللاذقية الساحلية الجمعة الماضية مفاجئاً، رغم كونه مؤسفاً ومستنكرا ًمن قبل قيادتنا الفلسطينية التي أعربت مساء الأحد 27 آذار عن أملها ب"عدم الزج باسم الفلسطينيين" بما يجري في دول المنطقة من حراك سياسي مهما كان ذلك محدوداً وجزئياً وخاصة الفلسطينيين المقيمين في تلك البلدان.

حيث أكدت اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية في بيان لها على حرصها على علاقتها مع جميع الدول العربية الشقيقة، وعلى تقديرها لإرادة الشعوب العربية في الإصلاح والتحول الديمقراطي من أجل ضمان دورها ومستقبلها وتطوير مجتمعاتها.

وفي كل الأحوال لا يمكن منع الفلسطيني من التضامن مع إخوانه العرب في مطالبهم العادلة من أجل الحرية والكرامة، إذا كان ذلك لا يخل بأمن المواطنين وضمن المثل القائل "يا غريب خليك أديب"، خاصة أن هناك أعداداً كبيرة من الفلسطينيين في غالبية الدول التي تشهد وشهدت احتجاجات شعبية، ومنها مصر وتونس وليبيا، وسوريا، والأردن واليمن وغيرها من الدول العربية.

الفلسطيني الذي لم يكفه كونه متهماً حتى يثبت العكس، من قبل عدوه الأول "دولة الاحتلال الإسرائيلي"، تمد إليه الآن أصابع الاتهام زوراً وبهتاناً من قبل إخوانه العرب فمن المؤسف أن يتحول الفلسطيني إلى الشماعة التي تعلق عليها أخطاء الآخرين وجرائمهم، وحتى قبل التحقق والتقصي، وهو الذي عاش معذباً في أرضه وغريبا ًومضطهدا ًومقهوراً في أرض غيره من ذوي القربى وأخوة العروبة والدم. فهو المشرد في الأرض والمعذب عليها.

فلماذا يتحمل الفلسطيني وزر غيره من أصحاب القلاقل ومثيري الفتن؟؟ ألأنه أفنى عمره في الحروب والانتفاضات دفاعاً عن حريته وكرامته!، أم لأنه يفتقر إلى دولة قوية تحميه وتدافع عنه فهو كما يُقال بالعامية "ليس له ظهر" أي ليس لا أحد يغيثه ويحميه؟.

والحقيقة أن الحق يُقال ولا نستطيع إنكار الزعزعات التي قد يحدثها وجود بعض الفلسطينيين في بعض الدول العربية، وما ذلك إلا لاستهدافهم من قبل دولة الاحتلال وأجهزتها الاستخباراتية كما حدث في مقتل محمود المبحوح في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان لذلك تبعات لحملة جواز السفر الفلسطيني عند محاولة الدخول إلى الإمارات.

وللأسف هذا حال المواطن الفلسطيني في الدول العربية، ما بين متهم بإحداث الفتن والقلائل، وما بين تائه وعالق فيها عقب الثورات الشعبية التي تركت مئات المواطنين الفلسطينيين يعانون لأيام وأسابيع على الحدود قبل السماح لهم بالخروج.

ومع ذلك فهو يحاول دائماً أن ينأى بنفسه عن ما قد يضعه بين يدي النظام في هذه الدولة أو تلك، فهو يدرك تماماً أنه مصاب بلعنة القلاقل التي يحدثها وجوده، وأنه على الدوام موضع شك واتهام، فتكاد تعد على الأصابع تلك الدول التي لا تطلبه أجهزتها الاستخباراتية أثناء عبوره لحدودها، حتى بعد حدوث ثورات التغيير التي قلبت أنظمة بأكملها وأزالت رؤساء بجبروتهم.

لذا لم يكن هذا الاتهام هو الأول من نوعه، فقد سبق بثينة شعبان دول عربية أخرى، حملت الفلسطينيين مسؤولية اغتيالات وأحداث فتنة طائفية وغيرها من القلاقل والاتهامات الباطلة، فالفلسطيني هو الحلقة الأضعف و أسهل طعم، يعطى للتغطية على تواطؤ المسؤولين مع المجرمين، وهي دليل على إفلاسهم وتجنيهم.

ثم إنه لمن المعيب أن تصور الثورات والانتفاضات الشعبية ضد الفقر والجوع والبطالة، ومن أجل الحرية والكرامة، على أنها ثورات ثلة خارجة عن القانون، داعية للفتنة والطائفية، فمن قرصه الجوع والفساد ليس بحاجة لمحفز آخر للانتفاض على جلاديه ومفسديه. ونحن لسنا هنا بدعوى تفنيد أي نظام عربي بقدر ما هي دعوى لأن أن يُترك الفلسطيني في حاله، فيكفيه ما عاناه من قهر وذل واضطهاد من عدوه ومن أبناء جلدته، وهي إشادة بموقف القيادة الفلسطينية بالدفاع عن أبناء الوطن أينما كانوا، ودعوى لحماية مصالحهم وشوؤنهم وعدم تركهم لقمة سائغة لتعليق كل جريمة لا يتضح لها متهم، فتلعب ورقة الفلسطيني حتى يتحمل المسؤولية أو "يشيل الليلة" كما يٌقال.

آلآء كراجة هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org