نتنياهو ما بين الإفلاس السياسي والدولة الفلسطينية القادمة.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/4/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12552

كيف لنا أن نضع ما ذكرته صحيفة هآرتس حول أن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانسحاب من مناطق في الضفة الغربية، سوى في إطار كونه تهرباً من الاستحقاقات والضغوطات الدولية المطردة، ومزيداً من المماطلة وكسب الوقت؟، عدا عن كونه استخفافاً بالعقول و"ضحك على الذقون" كما يقال.

وحسب خطة نتنياهو فهي لا تشمل الانسحاب من المستوطنات في الضفة الغربية، بل تتوقف على الانسحاب من بعض المناطق في الضفة وتسليمها للسلطة الفلسطينية، حيث ستصبح بعض مناطق "B" تحت السيطرة الأمنية والسياسية الكاملة مثل مناطق "A" ، كذلك سيتم تحويل بعض مناطق "C" إلى مناطق "B".

ويأتي هذا الاقتراح بالتزامن مع تأجيل اجتماع اللجنة الرباعية الدولية الذي كان مقرراً الجمعة المقبل في برلين، حيث أوضحت مصادر أمريكية وأممية أن التأجيل جاء بسبب معارضة الولايات المتحدة للخطة الأوروبية الجديدة الهادفة إلى دفع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية إلى الأمام بعد التأزم الذي تشهده العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ورغم عدم منطقية الطرح الذي يقدمه نتنياهو إلا أنه قد يجد نفسه مضطراً للتنفيذ، فسيظل هذا الخيار أفضل من العيش بجوار دولة فلسطينية معترف بها دولياً – رغم محدودية سيادتها -.

إن هذه الخطة وبلا شك هي إفلاس جديد يواجهه حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة والتي أعاقت العملية السلمية وأحالت العملية التفاوضية إلى مهمة مستحيلة بسبب تعنتها وعنجهيتها المطردة، وهذا القرار هو ما تفتقت عنه مخيلته من أجل مواجهة مخطط الفلسطينيين بالتوجه لمجلس الأمن في أيلول القادم من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبمثل هذه البالونات الوهمية يسعى نتنياهو لخداع الرأي العام الدولي، بحسن نواياه بينما هو في حقيقة الأمر يعيش ارتباكاً لما سيواجهه من "تساونامي دولي" للاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا ما تم الإقرار بذلك في أيلول القادم، بينما يدعي في ذات الوقت "أنه لا ينبغي المبالغة فيه ولكن يجب العمل على التصدي له مبكراً".

فكيف يظن نتنياهو أن مثل هذه الخدعة "السمجة" من الممكن أن تنطلي على أحد وبالأخص الفلسطينيين؟ أو أن بعد كل ممارساته العنصرية وقراراته المتطرفة والعدوانية، يمكن أن يحظى من قبل القيادة الفلسطينية بشيء من الاحترام أو المصداقية، نعم .. فإن كرهك لعدوك لا يتنافى مع احترامك له، وخير مثال على ذلك الاحترام الذي حظي به عمر المختار من قبل أعدائه الإيطاليين، لكن نتنياهو لا ينفك يمارس أرذل الطرق وأبشعها مع الشعب الفلسطيني، ربما على مبدأ "كل شيء مباح في الحب والحرب"، وهذه حربه التي اختارها لنا، فبدلاً من العدول عن ممارساته المتطرفة يلجأ مفلساً إلى طروحات أكثر تطرفاً، فهو لا يكتف بعدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، بل يسعى للحول دون مطالبتهم بها المجتمع الدولي.

نتنياهو الذي وأد العملية التفاوضية منذ أن انطلقت، قد يتجه لطرق بابها من جديد، فهي في كل الأحوال ستبقى أفضل من مواجهة دولة فلسطينية تنال اعترافاً دولياً، إذ بإمكانه المماطلة في الوقت كما يشاء إلى أجل غير مسمى، فهذه هي السياسة الإسرائيلية التي مهما تغيرت وجوهها لكنها واحدة، تماماً كما قال اسحق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "كنت سأفاوضهم عشرين عاماً دون أن أعطيهم شيئا"، لكن مثل هذا الخيار لم يعد مقبولاً فلسطينياً بسبب الرفض المسبق من قبل القيادة الفلسطينية وشعبها.

لذا فالخيار المتاح أمام الحكومة الإسرائيلية هو القيام بحملة سياسية ودبلوماسية واسعة تجاه دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، من أجل الوقوف في وجه الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 67 في نهاية أيلول القادم، أو على الأقل الوقوف على الحياد.

أما الخيارات المتاحة لنا فهي العمل من أجل حشد الرأي والتأييد للاعتراف بالدولة الفلسطينية - حتى وإن كان حلم التحقيق صعب المنال-، أما على الصعيد الداخلي فعلينا العمل بجد من أجل جهوزية الدولة التي نريد لها أن تكون.

http://www.miftah.org