المصالحة الفلسطينية..فالنبدأ العمل.
بقلم: آلآء كراجة
2011/4/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12601

وأخيراً تنفس الشعب الفلسطيني الصعداء بعد أن رأت المصالحة الوطنية النور بالأمس، إذ وقع الطرفان فتح وحماس في القاهرة اتفاقاً مبدئي للمصالحة الوطنية تضمن تفاهماً لتشكيل وحدة وطنية وتحديد موعد للانتخابات، إلا أن الصعداء تلك لابد وأن يشوبها بعض الحذر والتخوف، فهذا الاتفاق لم يكن الأول وتلك الجلسة بين ممثلين عن الطرفين لم تكن الأولى، فرغم أهمية المبادرة التي أصبحت حقيقة على أرض الواقع، لكنها تظل خطوة أولى على طريق إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة بين شقي الوطن، وهو بحاجة لمزيد من الإجراءات والبحث في تفاصيل الخلافات التي كانت قائمة -والشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال-.

إن هذا الإنجاز الفلسطيني هو جزء من الإنجاز العربي، وامتداد لثورات الشعوب التي اختارت الحرية وطاقت للديمقراطية الحقيقة، وقد جاءت تجاوباً من دعوة الشعب الفلسطيني لإنهاء الانقسام والاحتلال حسبما عبر عزام الأحمد الممثل عن حركة فتح وموسى أبو مرزوق الممثل عن حركة حماس في مؤتمرهما الصحفي الذي عقداه في القاهرة أمس.

إذن هذا هو الرهان الحقيقي، الرهان على شعبنا ووحدته وقوته من أجل الحرية والاستقلال ومواجهة الاحتلال، هذا هو الخيار الذي اختارته القيادة الفلسطينة وذهب إليه الرئيس محمود عباس رغم التهديدات الاسرائليية والوعود الانتقامية التي وجهها رئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينة المتطرفة نتنياهو، والذي سارع إلى تخيير عباس بين السلام مع حماس أو مع إسرائيل، سلام دمره هو بتعنته وعنجهيته أمام جرافات البناء التي لم تتوقف عن رفع أساسات مزيد من الوحدات السكنية في المستوطنات في الضفة الغربية طيلة فترة المفاوضات وسنين الانقسام، والتي لم تتوقف فيها أيضاً عن مصادرته لمزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهويد القدس والتضييق على سكانها، وغيرها من الممارسات العدوانية سواءً في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.

ترحيب عربي بالمصالحة وفتور أمريكي لطالما دعم السياسة الإسرائيلية، لكن رد الفعل الإسرائليي المتشنج، لهو دليل قاطع على أن خبر المصالحة دفع القادة الإسرائيليين في الحكومة اليمينة بضرب أكفهم ببعضها حسرة وغضباً، بعد أن أملوا أن تستمر هذه القسمة الفلسطينية إلى أجل غير مسمى، أو حتى إلى أبد الآبدين، بما يؤكد على أن إسرائيل هي المستفيد الأول من هذا الشرخ الفلسطيني، الذي هيأ لها مظلة واسعة لتحقيق أهدافها التوسعية والاستيطانية، وكان بيئة مناسبة لمواصلة عدوانها على شعبنا وقيادته المتفككة، كما أنه كان ذريعة لها في كل المحاولات الفلسطينية من أجل تسوية حقيقة بشأن العملية السلمية، ناهيك عن تذرعها به في الفترة المنصرمة كعقبة أمام المساعي الفلسطينية الرامية للتوجه لمجلس الأمن من أجل إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول القادم.

وعلى الرغم أن الاتفاق ما زال أولياً، وبالأحرف الأولى، هناك الكثير من الملفات الصعبة التي لطالما كانت عقبة تتعثر بها الجهود الرامية لتحقيق المصالحة، وخاصة ملف الأجهزة الأمنية والانتخابات ومنظمة التحرير الفلسطينية والمعتقلين السياسيين وتشكيل الحكومة وغيرها، والتي ستحتاج لكثير من العمل والجد والنوايا الحسنة في تخطي المصالح الفئوية والحزبية والشخصية، وترجيح العقل والمنطق على العصبية والقبلية، إلا أن الأكيد وكخطوة أولى، أنها نجاح يُحسب للقياديين في فتح وحماس اللذين استمعا إلى إرادة الشعب وأنصتا إلى معاناته، وأختارا معاً رفع الظلم عنه، وهو بلا شك اتفاق لا يزف أي بشرى للحكومة الإسرائيلية التي لطالما أذكت نار الفتنة بين الفلسطينيين- تطبيقا ً لسياستها "فرق تسد"-، وما زالت لا تدخر جهداً في مواصلة ما تفعله لتحقيق مآربها.

والآن على السلطة الفلسطينية أن لا تخشى "التدابير الانتقامية" التي توعد نتنياهو بتنفيذها إذا ما ذهبت للمصالحة، لأنها وحدها الحل المثل والسبيل الوحيد لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وفك الحصار عن قطاع غزة، والبدء في إصلاح ما أفسده الاحتلال الإسرائيلي وما أفسدته سنين الانقسام، كما وأنه بالتأكيد سيعزز المساعي الفلسطينية من أجل إعلان الدولة على حدود الرابع من حزيران 1967، في أيلول القادم.

أما الضمانات التي تحدث عنها الطرفان لإنجاز المصالحة بكل جوانبها، تتلخص بالمسؤولية الأخلاقية، المسؤولية التي نحتاجها جميعاً من أجل تحقيق الخطوات التالية والتعالي على الجراح القديمة من أجل وطن واحد عانى الكثير ومازال يعاني، لعل هذا الاتفاق يأتيه ببعض الفرج الذي لطالما انتظره.

http://www.miftah.org