لا لحدود الرابع من حزيران 1967
بقلم: صبري صيدم
2011/5/31

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12696

ولا لتقسيم القدس لكونها عاصمة أبدية وأزلية لفلسطين، ولا لعودة يهودي واحد إلى أرض الميعاد، ولا لوجود قوات إسرائيلية على امتداد الشريط الساحلي الفلسطيني الممتد من عسقلان وحتى صفد، ولا لحكومة إسرائيلية تضم أحزاب اليمين التي استصدرت قوانين عنصرية ونادت بترحيل الفلسطينيين، قال أحدها بأن الله أخطأ عندما خلق العرب واصفا إياهم بالعقارب، ولا لترسيم إسرائيل لحدودها النهائية عبر توجهها للأمم المتحدة، خاصة وأن العالم لن يقبل بعزل فلسطين، ولا لوقف توسيع المدن الفلسطينية على أرض فلسطين، ولا لرفض أن تكون فلسطين وطنا إسلاميا مسيحيا خالصا لكل أبناء فلسطين أينما وجدوا...

هذا كله ما يستطيع الفلسطينيون أن يقولوه أمام العالم مطالبين الكونغرس بالتصفيق الحار لهم والوقوف إجلالا لرؤيتهم دون أدنى تقدير لمشاعر اليهود الذين رأوا في فلسطين وطنا لهم. هذا ما يستطيع أن يقوله كل فلسطيني ردا على كل كلمة من كلمات ملك إسرائيل الجديد بنيامين نتينياهو، وهم قادرون على القول أيضا إن المشكلة في الشرق الأوسط ليست في فلسطين وإنما في إسرائيل.

يستطيع الفلسطينيون قول ذلك كله ورفع سقفهم، وأن يعتبروا أن سلسلة اللاءات والتشنجات السياسية والمواقف العنصرية ليست حكرا على إسرائيل، بل يستطيع الفلسطينيون أيضا تبنيها وممارستها.

لكن الفلسطينيين، ومن خلال فصائلهم السياسية، لم يجنحوا باتجاه التشنج والعربدة العنصرية، وإنما عبروا من خلال مواقف وإعلانات كان آخرها ما وقعته فصائلهم وتنظيماتهم السياسية في موسكو قبل أيام، عن التزام تلك الفصائل مجتمعة بما فيها حركة حماس بحل الدولتين وبدولة فلسطينية خالصة على حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها القدس.

هذه الفصائل وجماهيرها ليست عاجزة في ظل عصر المعلومات وانعتاق الأمم من مقصات الرقباء وخنق الحريات أن تقول ما تشاء، وأن تتبنى ما تشاء، لكنها لم تفعل رغم أسبوع حافل من الصفعات السياسية التي تلقاها العالم الحر جراء تقليعات نتنياهو في واشنطن.

إن إسرائيل تحتاج إلى أصدقائها الذين يصدقونها القول، دون أن تقمعهم وتهددهم بعروشهم وكراسي حكمهم، تماما كما قال أوباما في خطابه الأخير الموجه إلى الشرق الأوسط بعد أن قدم لائحة الحرص التقليدية على إسرائيل، فقال إن إسرائيل تحتاج إلى أصدقاء ينصحونها لينطلق متحدثا عن الدولتين وحدود الرابع من حزيران.

إسرائيل تحتاج أن تراجع تقاريرها الاستخباراتية، وأن تسترشد برأي حلفائها الذين اعترفوا اليوم بحقنا في دولة فلسطينية، ويقرون بأن حرية الشعب الفلسطيني لم تعد سلعة متاحة للتأجيل. إسرائيل إذا ما استمرت في عنجهيتها ستفرض على عالم كامل مدرسة عنصرية تتوالد وتتوسع في كل يوم تقول فيه الدولة العبرية لا لإنهاء الاحتلال، وترفد ذلك بعشرات اللاءات الجديدة كالتي ساقها نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس الأميركي.

إن شباب فلسطين في عالمي الواقع والافتراض ومع تصاعد الضغط ربما يعلنون وفي كل يوم طلاقهم من التزام ما سبق لقيادتهم أن التزمت به، ويتحللون تدريجيا من أي اتفاق ارتبطت به منظمة التحرير الفلسطينية ويندفعون باتجاه لاءاتهم الخاصة. فهل يهدف نتنياهو إلى دفعهم إلى الانفجار لتلعب إسرائيل دورة الضحية في مواجهة ما تسميه العنف الفلسطيني؟ شباب اليوم الذين لا يحتاجون إلى ناطق رسمي باسمهم يعرفون شروط اللعبة ومحدداتها ويعون تماما كيف يجب أن تكون مسيرة التحرير ولا تنطلي عليهم مسرحيات نتنياهو ومحاولات تيئيسهم البائسة وحشرهم في الزاوية.

يجب أن يفهم محتلو الشعب الفلسطيني أن تكتيكات الأمس ومراوغاته وسيناريوهاته باتت بالية لا تمر ولا تنطلي على أحد، لا على الفلسطينيين ولا على العالم.. فهل من ناصح مقنع لدولة الاحتلال؟.

http://www.miftah.org