الاستراتيجية الفلسطينية والأمم المتحدة
بقلم: جيروم م. سيغال*
2011/6/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12746

تطرح الكثير من التساؤلات حول الحكمة من وراء السعي للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في أيلول المقبل، وتبرز قضيتان على وجه التحديد:

1) ماذا سيحدث لدى الحصول على الاعتراف من الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هل هنالك خطوة لاحقة؟

2) هل هناك حقا أي بديل طويل الأمد للمفاوضات، نظرا إلى أنه لا يمكن حل قضايا مثل القدس واللاجئين دون موافقة اسرائيلية ؟ وهل استراتيجية التوجه للأمم المتحدة ستقود إلى مفاوضات مثمرة في المستقبل ، أم أنها ستجعل الحل أكثر صعوبة؟

أقترح في ما يلي، إتباع نهج جديد للتصدي لهذه التحديات : أن تعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسيس لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين 2- ، وأن توجه اللجنة الخاصة بفلسطين لتقدم للجمعية العامة، وفي غضون ستة أشهر، اتفاق سلام كامل ومفصل من شأنه حل جميع قضايا الوضع الدائم.

نذكر أنه في أيار 1947 أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (UNSCOP)، وطلبت منها وضع خطة مفصلة لتسوية قضية فلسطين. وقد نجحت اللجنة في إثارة الرأي العام وقدمت خلال أربعة أشهر تقارير الأغلبية والأقلية، ثم توجهت إلى الشرق الأوسط وحصلت على شهادتي بن غوريون وحاييم وايزمان، ورفضت الالتقاء بمناحم بيغين والإدلاء بشهادته. كما زارت اللجنة مخيمات المشردين في أوروبا، واستمعت إلى حكومات من جميع أنحاء العالم، واجتذبت أراء فلسطينية، وللأسف قاطع الفلسطينيون اللجنة في 1947.

لقد أوصت اللجنة بالاجماع إنهاء الانتداب البريطاني، ولكنها انقسمت بشأن ما ينبغي أن يحدث لاحقاً، ودعا تقرير الأغلبية لدولتين، واحدة عربية وثانية يهودية، وحددت الحدود بالتفصيل، كما وضحت مبنى النظام الدولي للقدس. فيما دعا تقرير الأقلية إلى دولة فدرالية، وبعد ذلك رفعت اللجنة تقاريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي تشرين ثان 1947 تبنت الجمعية العامة تقرير الأغلبية وأصدرت مشروع قرار الجمعية العامة رقم 181، ما بات يعرف بقرار التقسيم.

ولكي نعطي بعض المضمون لما قد ينتج عن "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2"، دعونا نتخيل شيئا شبيها بمبادرة جنيف المكونة من أربع مائة صفحة، ولكن ربما أكثر إبداعاً، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين، ما يوفر خيارين:

أولا: محاولة فرض الحل: تقدم اللجنة تقريراً للجمعية العامة، والتي ستصدر بدورها مشروع قرار للحل الدائم، حل من شأنه أن يجسد مقترحا لمعاهدة لقضايا الوضع الدائم، وخلافاً لمبادرة جنيف ، فهذه المعاهدة تصدر عن جسم رسمي تابع للأمم المتحدة، وقد تمت المصادقة عليه من قبل أمم العالم تقريباً من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونظراً لمكانة القرار الرسمية، سيترتب على فلسطين (أو منظمة التحرير الفلسطينية) إما القبول أو عدم قبول القرار. فإذا قبلت فلسطين القرار، عندها سينتهي عهد أوسلو، وسيتحول تركيز المجتمع الدولي من مستقبل زاخر بمفاوضات الوضع الدائم، إلى الحصول على التزام إسرائيلي بمطالب المجتمع الدولي. فإذا قال الفلسطينيون "نعم"، وإن كانت الشروط مقبولة على غالبية الإسرائيليين، سيخلق ذالك حالة جديدة، لم نرها من قبل في تاريخ الصراع، ومع الوقت حالة تحظى بتأييد عالمي، فمن الممكن أن يدفع هذا الواقع إلى تغييرات سياسية داخل إسرائيل.

ثانيا: تأسيس توجه جديد للمفاوضات: بدلاً من محاولة فرض الحل، فمن الممكن أن يتحول مقترح اللجنة الخاصة بفلسطين – 2 إلى قاعدة لصيغة جديدة للمفاوضات. طبقاً لهذا التوجه، فلحظة إنهاء اللجنة لعملها، سيطلب من الفلسطينيين وإسرائيل العودة للتفاوض ولمدة أقصاها ثلاثة أشهر لمعرفة ما إذا كانا سيتفقان على تعديلات لمشروع المعاهدة، وسيبلغ الطرفان الجمعية العامة بعد مرور الأشهر الثلاث بنتائج المفاوضات. ومن الممكن أن يطلب الطرفان تمديد الفترة، أو إعلان فشلهما بالتوصل لاتفاق، إما أن يعلنا عن التوصل لنص مقبول على الطرفين، وفي حالة إعلان فشل المفاوضات فسيترتب على الجمعية العامة أن تقرر، إذ من الممكن أن تطلب من الولايات المتحدة استئناف دورها المركزي وطرح مقترحات وسطية، وإما أن تطلب من الطرفين إجراء استفتاء عام حول مشروع المعاهدة، أو أن تعلن الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه وفي هذه المرحلة لا يمكن التوصل إلى معاهدة لحل الصراع، وأن المطلوب الآن، إما من خلال اتفاق أو من خلال إملاء من الامم المتحدة، ألا وهو تحديد الحدود الفاصلة بين الدولتين، والتي سيتم اعتبارها أساساً لهدنة طويلة الأمد.

أيا كانت النتيجة، فإعادة تأسيس "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" ستقدم معضلة لحكومة نتنياهو، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تقرر هل ستقاطع عمل اللجنة، كما قرر الفلسطينيون مقاطعتها في 1947، لاعتقادهم بأن مقاطعة اللجنة أفضل من تزويدها بالشرعية. ولكن الحكمة والاستفادة من المقاطعة هي موضع شك خاصة مع خبرة إسرائيل الأخيرة في مقاطعة تقرير غولدستون، لكن من الواضح أن إسرائيل سوف تواجه سلسلة من الأحداث المقلقة. وفي الواقع فإن أحد النتائج المحتملة لإعادة تأسيس " لجنة الامم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" هو أن إسرائيل ستفضل أن تقدم إدارة أوباما مقترحاً كاملا لإنهاء الصراع، حتى لو كان يعني هذا الموافقة على مرجعيات ترفضها إسرائيل اليوم، عندئذ ستعلق اللجنة عملها ريثما تتوضح نتائج المفاوضات الثنائية تحت الرعاية الأمريكية.

أما فيما يتعلق بالمسألة الحالية التي يترتب على القيادة الفلسطينية اتخاذ القرار بشأنها، فهي: هل سيتوجه الفلسطينيون للجمعية العامة للحصول منها على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، علما بأن لمقترح "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" ثلاثة توجهات ممكنة:

1) تناسي الاعتراف الأممي بفلسطين والتوجه "للجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" كبديل أقوى.

2) استكمال العمل على كسب الاعتراف الأممي من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعندئذ يمكن التوجه "للجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" كخطوة لاحقة.

3) التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة فقط بعد استكمال "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين – 2" عملها.

* جيروم سيغال هو باحث في معهد جامعة ميريلاند للفلسفة والسياسة العامة ومؤلف كتاب " إقامة الدولة الفلسطينية: استراتيجية للسلام" الذي صدر عام ١٩٨٨.

http://www.miftah.org