التوجه إلى الأمم المتحدة استحقاق تاريخي وقانوني
بقلم: د. علي الأعور
2011/7/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12811

لم تكن يوما قراءة التاريخ ودراسته مجرد قصة أو رواية تاريخية للتعرف عليها ، بل كانت ومازالت قراءة التاريخ من اجل معرفة الماضي وربطه بالحاضر من اجل المستقبل وقد مرت القضية الفلسطينية منذ بروزها في القرن الماضي بعدة محطات تاريخية أهمها على الإطلاق نقل القضية الفلسطينية إلى أروقة الأمم المتحدة لوضع حل للمشكلة الفلسطينية بناء على طلب دولة الانتداب " بريطانيا " حيث أعلنت بريطانيا أواخر عام 1947 أنها عازمة على إنهاء الانتداب وسحب قواتها العسكرية وجهازها الإداري من فلسطين في 15-مايو 1948 .

وفي 28 نيسان 1947 عقدت الأمم المتحدة جلسة في مقرها للبث في القضية الفلسطينية وتحدث فيها " دافيد بن غوريون " رئيس الوكالة اليهودية وطالب بإقامة دولة يهودية في فلسطين وتم تشكيل لجنة انتهت اللجنة بقرارها التاريخي " قرار التقسيم في 29 -11-1947 ويقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين دولة يهودية على أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية ودولة عربية والقدس منطقة دولية "

كما إنني أود أن اذكر في هذه المداخلة التاريخية ليعرفها الجميع أن الوكالة اليهودية توجهت إلى الأمم المتحدة وكانت الهيئة التنفيذية للوكالة اليهودية وعددها عشرة أعضاء ،و قد عارض ستة أعضاء منهم التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب إقامة دولة يهودية بينما وافق أربعة أعضاء منها الذهاب إلى الأمم المتحدة وبينهم دافيد بن غوريون ورغم المعارضة داخل الوكالة اليهودية إلا أنها في النهاية توجهت إلى الأمم المتحدة ورحبت بقرار التقسيم وقبلت به .

وفي وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 قال دافيد بن غوريون " إن اعتراف الأمم المتحدة هذا بحق الشعب اليهودي في إقامة دولة هو اعتراف يتعذر الرجوع عنه أو إلغاؤه". وأضاف بن غوريون " إن دولة إسرائيل مستعدة للتعاون مع وكالات الأمم المتحدة وممثليها على تنفيذ قرار الجمعية العامة في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947" .

وأمام هذه الحقائق التاريخية فان الأمم المتحدة أقرت في قرار التقسيم بقيام دولة عربية إلى جانب دولة يهودية وبالتالي فان التوجه للأمم المتحدة في أيلول سبتمبر 2011 هو استحقاق تاريخي فلسطيني لا بد منه للحصول على قرار أممي دولي يعترف بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .

أما بالنسبة إلى دولة إسرائيل فان عليها استحقاق تاريخي وهو القبول والاعتراف بدولة فلسطينية تماشيا مع قرار التقسيم عام 1947 والذي وافقت عليه الوكالة اليهودية واعتمدته إسرائيل في إعلان قيامها ، وبالتالي فان إسرائيل ملزمة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعمها سياسيا واقتصاديا.

أما الأصوات المعارضة للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة في سبتمبر أيلول القادم فإنني احترمها ، ولكن أود أن اذكرها بكل العملية السلمية والى أين وصلت أمام التعنت الإسرائيلي على الرغم من التنسيق الكامل وفي أعلى المستويات مع الحكومة الفلسطينية ، لم تتقدم العملية السلمية بل زاد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهاهو الجدار الفاصل يلتهم الأراضي ويفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض ويمنع اقامة دولة فلسطينية ، ويخلق معاناة اقتصادية وصحية وتعليمية في المجتمع الفلسطيني لم تشهدها فلسطين منذ فجر التاريخ.

إن إرادة الشعوب وحقها التاريخي في العيش بكرامة وحرية ، أقرتها اتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949 والقانون الدولي الإنساني ، وإذا كانت معاناة الشعب اليهودي في الهولكوست على يد النازية قد منحها دولة يهودية في فلسطين ، فان معاناة الشعب الفلسطيني من تشرد وقتل ولجوء استمرت أكثر من ثلاثة وستون عاما لا بد لها أن تنتهي بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران عام 1967 ، وبقرار دولي من الأمم المتحدة .

من هنا ..فانني اتوجه الى القيادة الفلسطينية وابارك خطواتها في الذهاب الى الامم المتحدة لنيل قرار تاريخي يتعلق بالقضية الفلسطينية ويعترف بحدود دولة فلسطينية واضحة المعالم والحدود ، في الوقت الذي تستمر فيه الهجمة الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، بالاضافة الى سياسة الحكومة الاسرائيلية في تهويد القدس، من اجل اقامة سلام عادل وشامل يقوم على خارطة الطريق وتوجهات الرئيس اوباما وقرارات الشرعية الدولية .

باحث ومتخصص في تاريخ النكبة

http://www.miftah.org