مهرجانات فلسطين – نفحة صيف ثقافية
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/7/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12825

مع قدوم موسم درجات الحرارة العالية والممتلئ بالعطلات والرحلات؛ ازدادت حاجة شعبنا لمتنفس يُشعرهم بأن الصيف قد هل. فقد حان الوقت للاستمتاع به، وها هي المهرجانات، تدق أبواب الصيف حاملة معها أجواء ثقافية مميزة وغنية، تُبهر الحاضرين وتشحذ طاقاتهم بعد أمسيات يروق للعربي والأجنبي حضورها، واللذان يجتمعان على لغة واحدة وهي لغة الفن والموسيقى.

عادت في الفترة الأخيرة المهرجانات الثقافية والتسويقية والزراعية السنوية إلى ربوع محافظات وطننا المختلفة. وربما كنا بحاجة إلى شيء مختلف يكسر روتين حياتنا ويُدخل ولو قليلا من المرح عليها. فتنوعت المهرجانات والتي كان من ضمنها مهرجان فلسطين الدولي الثالث، والذي وزعت فعالياته على العديد من محافظات الوطن – رام الله ونابلس وقلقيلية وبيت جالا. وأيضا مهرجان "ليالي بيرزيت" والذي عاد بعد غياب دام 25 عاما إلى ساحات الجامعة. ومن ثم مهرجان أيام جفناوية "معرض المشمش" في قرية جفنا شمال رام الله.

جذبت هذه المهرجانات الآلاف من الحضور سواء من فلسطينيي الضفة الغربية أو الفلسطينييين من داخل الخط الأخضر، وبذلك عمقت التواصل المحلي بين الفلسطينيين من ناحية والدولي من ناحية أخرى وذلك باستضافة العديد من الفرق الفنية والفنانين العرب والأجانب لإحياء فعالياتها، ولا ننسى طبعا المشاركة الفلسطينية من الفرق الفنية والشعبية والتي ألهبت الجماهير بأدائها المميز.

روت هذه المهرجانات بفرقها؛ قصصا قصيرة تحكي عن شعب وتحاكيه. ففي جو حضاري رفيع المستوى عملت المهرجانات على تغيير الصورة النمطية عن الشعب الفلسطيني والتي مثّلت شعبا جامدا يعيش بمنطق حياة يتمحور فقط حول السياسة. بل عكست هذه المهرجانات وجها أخر للفلسطينيين بأنه شعب حيوي يريد أن يعيش ويحب الحياة.

وتعقيبا على مهرجان فلسطين الدولي، قالت إحدى الحاضرات: "كان الإقبال شديدا والدليل على ذلك أن جميع المقاعد كانت مليئة، حيث كان المهرجان فرصة للكثير ليتعرفوا على فرق عربية وأجنبية. لقد كان حدثا ثقافيا، تفاعل فيه الجمهور مع الفرق وخصوصا الفرقة المصرية "وسط البلد" التي حمّست الجماهير بأغانيها وأسلوبها الذي يمزج بين ما هو تقليدي وتراثي بالحديث والمعاصر "الروك". ولعل جو الثورات الذي يسود العالم العربي كان له تأثيرا على حماسة الجمهور. والذي أعجبني أن الفرقة بدأت الأمسية بالنشيد الوطني الفلسطيني. أما التنظيم فكان جيد جدا بشكل عام ولكن عدم الالتزام بوقت ابتداء الأمسية كان مزعجا بعض الشيء."

ولاقت هذه المهرجانات دعما كبيرا على المستوى الرسمي، فقد افتُتح مهرجاني ليالي بيرزيت وأيام جفناوية بحضور رئيس الوزراء د. سلام فياض في جو ثقافي بحت جمع مختلف أطياف الوطن أمام منصات ألهبت سماء فلسطين الصيفية.

لقد تجلّى هدف سامي أخر وهو تحدي الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي وخصوصا بعد المشاركة الواسعة من قبل الفلسطينييين من داخل الخط الأخضر والعديد من الفنانين والفرق العربية والعالمية. وبذلك اثبت الشعب الفلسطيني والفرق الدولية المشاركة للاحتلال الإسرائيلي انه مهما يقوم به من ممارسات لعزل الفلسطينيين عن الخارج؛ فإن الشعب لن يرضخ ولن يستسلم وسيبقى يحي ثقافته وتراثه ويندمج مع العالم.

ومن جانب أخر، مثّل هذا الحدث السنوي ضرورة اقتصادية تشغل جوانب مختلفة كتشجيع السياحة وخصوصا الداخلية منها، والتسويق لمنتجاتنا الزراعية، ودعم الطلبة، وإحياء الاقتصاد المحلي بشكل عام.

ففي جو الثورات وعدم الاستقرار السياسي، المحلي والدولي، عملت مهرجانات هذا العام على إضافة نفحة صيفية ثقافية إلى قلوبنا، وأضفت على هذا الموسم طعما أخر يزيدنا إصرارا وتعلّقا بحياتنا. وتعمل هذه المهرجانات أيضا على زيادة وعينا بالموروث الثقافي الفلسطيني والعالمي من خلال التعرف على ثقافات الأمم الأخرى التي تحملها لنا فرقا فنية ترسم لوحات ثقافية بالرقص والغناء، فتروي حكاية لشعب يواصل سرد حكايته لجمع الأمم كل يوم. وفي الأفق مهرجانات أخرى، فلعلها تضيف لموسوعة مهرجانات 2011 لونا مميزا آخر، فالطموح يكون دائما نحو كل ما هو جديد ومثير ومبتكر. فعام الثورات يحتاج لظواهر ثورية ثقافية تُطفئ لهيب الصيف وتُفجّر مواهب الشباب وتُسعد الكبار والصغار.

http://www.miftah.org