نبض الحياة - قبل صدور بيان الرباعية
بقلم: عادل عبد الرحمن
2011/7/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12826

الوقت في فلسطين العاشرة مساءً، وحتى الآن لم يصدر بيان اللجنة الرباعية الدولية عن الاجتماع المنعقد في واشنطن، ومع ذلك تستدعي الضرورة الكتابة عن دور اللجنة الدولية وبيانها، وما قد يصدر عنها، وما يريده الفلسطينيون منها.

يتوقع المرء، ان يصدر بيان سياسي عن اللجنة الرباعية متوازن يأخذ بعين الاعتبار ما جاء في خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما حول حدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، مع تبادل للاراضي متفق عليه بين القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية، كما سيتضمن اقراراً بان القدس عاصمة للدولتين، ولكن دون تحديد دقيق للعاصمة الفلسطينية، وترك حدودها ملتبسة لتمنح دولة اسرائيل الفرصة في المناورة وضم الجزء الاكبر مما تريد.

ولكن البيان السياسي للجنة الرباعية سيأخذ بعين الاعتبار الموقف الاسرائيلي في مسألتين استراتيجيتين الاولى اسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين والثانية اعتراف الفلسطينيين بـ «يهودية» دولة اسرائيل، وكلتا النقطتين تعتبران من الخطوط الحمر التي لا يمكن لاي قيادة فلسطينية الموافقة عليها لانها تضرب جذور الرواية الفلسطينية، فضلاً عن تداعياتها الخطيرة على الشعب العربي الفلسطيني في كل مواقع تواجده داخل الخط الاخضر وفي الشتات وداخل الاراضي المحتلة عام 1967، ومحاولة بعض القوى الغربية الاوروبية وقبلها الادارة الاميركية مقايضة حدود الدولة الفلسطينية على الرابع من حزيران 67 بعودة اللاجئين و»يهودية « دولة اسرائيل، للاسف الشديد مقايضة فاشلة، ولا يمكن للشعب العربي الفلسطيني تمريرها لاسيما وان الفلسطينيين كما يعلم القاصي والداني من دول العالم واقطابه الاساسية، قدموا سلفا تنازلات مجانية كبيرة عن ما تضمنه قرار التقسيم 181 لعام 1947، وقبلت قيادة منظمة التحرير ذلك التنازل لتأكيد رغبتها الحقيقية بخيار السلام ، وادراكاً منها لموازين القوى المائلة لصالح دولة الابرتهايد العنصرية الاسرائيلية وحرصاً منها على ترسيخ مصالح الشعب العربي الفلسطيني بحدها الادنى، لتكريس الهوية الوطنية على جزء من الارض الفلسطينية، وتجذير ذلك في الجيوبولتيك الاقليمي والدولي، ولقطع الطريق على مخطط التصفية الاسرائيلي للقضية الوطنية.

وما الحديث عن خشية نتنياهو من بيان الرباعية، ان يفاجئه كما فاجأه خطاب اوباما في 19 ايار الماضي في وزارة الخارجية الاميركية بشأن الاقرار بحدود الدولة الفلسطينية ليس سوى شكل من اشكال الايحاء للمجتمعين في واشنطن، من ان اسرائيل لا تستطيع تقديم مثل هذا التنازل وذلك بهدف ابتزار اقطاب الرباعية الدولية والفلسطينيين والعرب على حد سواء، وذلك لانتزاع تنازلات من اقطاب الرباعية لصالح المنطق والرؤية الاسرائيلية التهويدية للاراضي الفلسطينية، ولاغلاق الباب امام حق عودة اللاجئين وايضاً لتعميق مسألة «يهودية» الدولة الاسرائيلية في السياسة الدولية، وبحيث تكون تلك المواقف، عوامل تفجير لعملية السلام، انطلاقاً من الادراك المسبق، ان الفلسطينيين لن يقبلوا بمثل هذه المواقف غير المفهومة والمرفوضة فلسطينياً.

القيادة الفلسطينية تحرص على افضل مستوى من العلاقة مع اقطاب الرباعية وتأمل ان يأتي بيانها (الصادر امس) متجاوباً مع الحقوق الوطنية الفلسطينية التي اقرتها الشرعية الدولية ومرجعيات التسوية السياسية، وبما لا يحملها ما هو فوق طاقتها.

وبالتأكيد فان القيادة الفلسطينية، بقدر ما يفترض ان ترحب بأي بيان سياسي للدولية الرباعية يستجيب لدفع عربة التسوية للامام، ويلزم اسرائيل بدفع استحقاقات التسوية السياسية، بقدر ما يفترض بها (القيادة) ان تتوقع ألا يأتي البيان متوافقاً مع ما تطمح له، وهذا يفرض عليها التعامل بواقعية مع المعطيات الناشئة عن البيان الجديد.

ولكن اياً كان مستوى البيان السياسي الصادر في واشنطن على القيادة الفلسطينية ان تواصل جهودها على المسارين الاول: مسار العودة للمفاوضات وفق المحددات الفلسطينية الاميركية والرباعية (حدود 67، ووقف البناء في المستوطنات في الاراضي المحتلة عام 67 والثاني الاستمرار في الجهود الحثيثة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 والعضوية الكاملة في الامم المتحدة، دون ان تضع اياً من المسارين في مواجهة بعضهما البعض.

وفي السياق مواصلة الجهود الحثيثة مع دول العالم المختلفة وخاصة اقطاب الرباعية الدولية، لتمرير نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وضمان حق العودة للاجئين وقف القرار الدولي 194، واسقاط شرط الاعتراف بـ»يهودية» الدولة الاسرائيلية.

هذه الاهداف تبدو في اللحظة السياسية الراهنة بعيدة المنال ولكن بالمثابرة، وبحشد الجهود الفلسطينية والعربية والاسلامية والدولية يمكن بلوغها في لحظة سياسية قادمة مع تغير موازين القوى الذي قد تحدثه الثورات العربية بتداعياتها.

وكالة فلسطين برس

http://www.miftah.org