الطريق الفلسطيني الثالث
بقلم: داود كتاب
2011/7/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12847

تلتزم القيادة الفلسطينية هذه اﻻيام أكثر من أي وقت مضى بالحصول على قرار إقامة دولة فلسطينية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكن على الرغم من هذا الالتزام، هناك قلق حقيقي أن النجاح في نيويورك في أيلول/سبتمبر قد لا يعني بالضرورة النجاح في نابلس أو الخليل.

إن الطريق إلى الأمم المتحدة يأتي بوضوح ضمن الاستراتيجية الحالية للفلسطينيين اليوم. عالجت قيادة محمود عباس والسلطة الفلسطينية وبشكل مقنع الاحتجاجات اﻹسرائيلية الأمنية المتكررة باعتراف مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين مشهود لهم.

كما وشملت إستراتيجية الرئيس عباس الشكوى اﻻسرائيلية المتكررة في ما يخص موضوع التحريض. فقد شهد تلفزيون فلسطين تغييرات كبيرة تمثلت في تقليص كبير للشكاوى الاسرائيلية حول مضمونه. فقد تقلصت الفيديو كليب الموجهة والتي تشيد بالعمليات اﻻستشهادية، ومشاركة اﻵباء في الحياة اﻷسرية.

د تم اﻻستيعاض عنها على سبيل المثال ﻻ الحصر برسائل خدماتية عامة حول أهمية الأسرة وضرورة عكس التغيير مرافق حكومية أخرى. فقد شكل التغيير في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عامل جاذب للمؤسسات الدولية بما فيها الوكالة اﻷميركية للمساعدات الخارجية.

وعلى مستوى الحياة اليومية في فلسطين، فقد أصبح المسؤول السابق المفعم بالحيوية في البنك الدولي، رئيس سلام فياض، رئيس وزراء نموذجي في المنطقة بأسرها.

لكن رغم كل هذا الجهد، فإن الزعماء الفلسطينيين لم ينجحوا في تحريك عملية التفاوض مع إسرائيل تحت إدارة نتنياهو. فعلى الرغم من أن قيادة عباس قد نجحت في معالجة جميع اﻷمور التي تدعي إسرائيل أنها تقلقها فإن عملية السلام لم تتحرك على الاطلاق.

فرغم نجاح القيادة الفلسطينية في إزالة كل الألغام والعراقيل التي وضعتها اسرائيل في طريق اقامة الدولة فلم يشفعها شيئ يذكر حيث تمسك رئيس الوزراء الاسرائيلي بالحجة الواهية بأن على الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية إسرائيل حتى تفكر إسرائيل بالتفاوض حول اقامة دولة فلسطينية محدودة.

بعد إنجاز هذا مقداره من أجل إثبات "الجدارة" لإسرائيل وللمجتمع الدولي، وبعد الخروج بيدين فارغتين، فإنه لن يكون غريباً إذا تخلت القيادة الفلسطينية عن عملية السلام وعادت إلى المقاومة العسكرية أو ببساطة رمت مفاتيح السلطة الفلسطينية في وجه الإسرائيليين. فليس من المتوقع ان يلوم أحد عباس لو قال ان القيادة الفلسطينية لن تعمل في ما بعد أعمال إسرائيل القذرة ولن تحميها من غضب شعب واقع تحت الاحتلال منذ 44 عاما.

لكن عباس والقيادة الفلسطينية الحالية رفضا أن يسيرا في هذا الطريق. فبدلا من الاستسلام أو الخضوع، اختارت القيادة الفلسطينية طريقاً ثالثاً.

إن عدم إحراز تقدم في مفاوضات السلام التي بدأت في عام 1993 أجبر الفلسطينيين على التفكير في وسيلة أخرى غير عنيفة لإحداث التغيير المنشود. تعكس اﻻستراتيجية الحالية من اعمال غير عنيفة هذا الخيار الثالث. وقد جاءت المطالبة من الهيئة العامة في اﻻمم المتحدة بالتدخل لكسر الجمود الذي حدث بسبب التعنت الإسرائيلي بمثابة اعتراف بفشل الولايات المتحدة واللجنة الرباعية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

إن توجيه نداء إلى المجتمع الدولي يشير إلى أن الفلسطينيين قد غيروا قواعد اللعبة التي حددتها اسرائيل دون اللجوء الى العنف وهو ما يعتقد الكثيرون انه ما قد ترتاح له إسرائيل لو تم.

وتعتقد القيادة الفلسطينية أن الحقوق الفلسطينية لن تستمر أن تكون رهينة بيد الولايات المتحدة أو الكونغرس المؤيد لإسرائيل بعد أن طُلب من العالم بأسره أن يأخذ موقفاً بشأن هذا النزاع.

والغريب من إعتراض إسرائيل لتلك الخطوات انها نفسها بدأت طريقها نحو إقامة دولة في هذه الجمعية العامة للأمم المتحدة. إن خطة التقسيم التي تمت الموافقة عليها في عام 1947، والتي أقرت بقيام دولتين، اسرائيل ودولة عربية مع أن تكون القدس مدينة دولية، خطة التقسيم هذه هي ما تركز عليها الاستراتيجية الفلسطينية الآن.

إن تطلع الفلسطينيين لاقامة دولة فلسطينية يستند إلى حدود عام 1967، ومساحتها أصغر بكثير من تلك التي خصصت للدولة العربية في عام 1947.

إن الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة أصبح مقبولاً من المجتمع الدولي، بل إن القادة الإسرائيليين سُجل عليهم أنهم يدعمون هذا الحق من خلال قبولهم الحل القائم على دولتين.

كما ويؤيد المجتمع الدولي الدعوة الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه ينبغي أن تقوم الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967، مع تبادل للأراضي متفق عليه من الجانبين.

إن هذا الطريق الفلسطيني الثالث ربما يكون المحاولة الأخيرة اللاعنفية التي سيتم السعي نحوها من أجل تحقيق حق الفلسطينيين في تقرير المصير غير القابل للتصرف ولكن إذا تم حظر هذا المسار، فلا يمكن التنبؤ بأي طريق سيسلكه الفلسطينيون.

* الكاتب مدير عام راديو البلد في عمان ومؤسسة بن ميديا للإعلام التربوي في رام الله. - info@daoudkuttab.com

http://www.miftah.org