المستوطنون يستنزفون دم الضفة..!!
بقلم: خالد معالي
2011/7/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12862

يوما بعد يوم؛ تتواصل اعتداءات المستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية، ودون توقف أو تراجع في حدتها. ما يحصل عبارة عن عملية استنزاف مبرمجة بدقة متناهية للضفة الغربية. وأخيرا جاء قرار ضم 15 متحفا في المستوطنات لدولة الاحتلال.

القرار يعتبر مخالفاً لاتفاقية جنيف لعام 1949، التي تنص على حماية الأشخاص والممتلكات في حالة النزاع المسلح؛ ولاتفاقية لاهاي عام 1954 والتي تحظر على القوة المحتلة تغيير معالم التراث في المنطقة المحتلة؛ ولكن المستوطنين باتوا فوق القانون وفوق البشر، حيث لا حسيب ولا رقيب عليهم.

ولم يخفِ عضو الكنيست "أوري اريئيل"، بان الهدف من القرار هو تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة من أجل تقوية الاستيطان ولصنع تاريخياً يهوديا فيها.

ويأبى المستوطنون في الضفة إلا أن يجعلوا هذا الصيف حارا وملتهبا فوق المعدل العام بدرجات كبيرة؛ بمواصلتهم إشعال الحرائق في جبالها ووديانها.

وأخيرا جاء الكشف عن وثيقة للاستيلاء على الأراضي في الضفة – بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس"- لإضفاء الصبغة القانونية على الاستيطان كمحاولة لتمزيقها وتفسيخها بمخطط حتى الشياطين تعجز عن العثور عليه. الهدف منه منع التواصل الجغرافي في حال إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

بلطجة وعربدة المستوطنين تتزايد كل يوم؛ حرق للمزروعات، إلى قلع أشجار الزيتون وسرقتها، إلى ضرب المركبات الفلسطينية بالحجارة، إلى إغلاق الطرق وإطلاق النار، إلى تجريف للأراضي الزراعية وضمها للمستوطنات، عدا عن الجدار والطرق الالتفافية. فماذا تبقى من الضفة الحزينة على حالها؟

في حالة مواصلة الاستيطان المريح كما هو حاصل الآن، ودون وجود ثمن باهظ له، ولا يبدو أن "بنيامين نتنياهو" يريد وقفه أو الحد منه في سباق مع الزمن، في ظل عدم وجود ما يمنعه من ذلك؛ يكون قد أجهز على أي إمكانية فعلية وحقيقية لقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود 67. وهذا يعني لاحقا ضمها.

بالمقارنة بما جرى مع الجليل المحتل من تدرج في الاستيطان، أو حتى بما جرى مع هجرات اليهود الأوائل للأراضي المحتلة عام 48، واستيطانهم فيها لاحقا، ورويدا رويدا قام الاحتلال بضم الجليل لدولته التي أقامها على حساب شعب بأكمله؛ نرى أن الأمر لا يختلف عما يجري في الضفة على يد المستوطنين.

المستوطنون يقومون بشكل يومي بممارسة عدة اعتداءات في الضفة؛ ما يحصل ليس من قبيل الصدفة أو مزاجية معكرة لبعض المتعصبين منهم؛ بل هي خطة مدروسة لتهويد الضفة كما هود الجليل، وأعمال بلطجة وزعرنة هدفها التوسع وتقطيع أوصال الضفة؛ لقتل حلم الدولة الفلسطينية المتواصلة الأطراف.

ويوما بعد يوم يتضح أن "نتنياهو" يريد سلاما مفصلا على مقاسه، ويبدو أن مقاسه يعني؛ أن ترضى الضفة بالاحتلال وبالتوسع الاستيطاني ولاحقا ضمها؛ مقابل أن تنعم برضا "نتنياهو" المتعجرف بلا حدود. وان يستجدي الفلسطينيون لقمة خبزهم براتب آخر الشهر، ويكونوا كالأيتام على موائد اللئام.

من هنا نرى أن أوجه الشبه كثيرة ما بين الأمس واليوم، وان المخطط واحد، وعلى فترة طويلة من الزمن، ويسخن على نار هادئة.

الاحتلال يوجد المشكلة، ومن ثم يفرض الوقائع على الأرض، وبعدها يضع شروطه التعجيزية لحل المشكلة التي صنعها بيديه. الملاحظ أن وتيرة الاستيطان تسارعت بشكل ملفت للنظر في الفترة الأخيرة، في مغالبة للسنن الكونية، وجدليات التاريخ الطويل.

ترى كيف نفسر إصرار المستوطنين ودولة الاحتلال على صناعة تاريخ مزيف لهم فوق الأرض الفلسطينية؟ حيث سبق وان ضم "نتنياهو" عدد من المواقع الإسلامية لقائمة التراث اليهودي من بينها الحرم الإبراهيمي. هل نفسره على أن "نتنياهو" تواق للسلام؟!

المستوطنون وتحت وقع ضرباتهم؛ يحرقون الشجر، ويسرقون الحجر، ويهلكون الحرث والنسل، ويجبرون أصحاب الأرض الشرعيين على النزيف المتواصل من دمهم. يبدو أن لا حل لهذه المعضلة المستعصية في القريب العاجل؛ لان القوي هو من يصنع الحدث، وعلى الضعيف أن لا يبحث عمن يتعاطف معه، ويذرف الدموع؛ بل يبحث عن أسباب القوة – وما أكثرها - لرد الاعتبار والحقوق.

* إعلامي فلسطيني يقيم في بلدة سلفيت بالضفة الغربية. - maalipress@gmail.com

http://www.miftah.org