رمضان هذا العام بطابع حزين.. وتفاؤل قليل
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/8/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12892

مع حلول شهر رمضان كل عام، تتجدد الأحلام والآمال وتكثر الدعوات والصلوات من أجل غد أفضل؛ بتحررنا من الاحتلال وتحرير أسرانا ومن أجل حياة هانئة ومستقرة. لكن رمضان جاء هذا العام بطابع حزين، فلا الوضع الفلسطيني مستقر ولا العالم العربي مستتب. فقبل حلول شهر رمضان، جاءت مشكلة الرواتب من جديد وأضافت هماً جديداً على كاهل الشعب الفلسطيني المثقل بالهموم، ومع بداية الشهر بل وقبله بأيام ارتفعت الأسعار بشكل واضح وملحوظ عكس حالة استغلال التجار والمنتفعين التي اعتدناها في كل عام، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الكثيرون توفير القليل من المال لشراء أبسط الاحتياجات التي تترافق مع التزامات هذا الشهر.

ومع بداية الشهر أيضاً، لا ينفك الاحتلال الإسرائيلي أن يثبت وجوده وهيمنته على الوضع الفلسطيني، فيعرقل حركة السير ويزيد من إجراءاته وتقييده على المقدسيين في القدس، ولم يكتفي بهذا فحسب، فاستقبل رمضان باجتياحه لمخيم قلنديا وإنهائه لحياة شابين من سكان المخيم وإصابة آخرين، وهكذا فإن جُل سعيه يتركز في قتل أي فرحة في قلوب الفلسطينيين، وإضفاء مزيد من الحزن والأسى في شهر يفترض أنه شهر الأمان الذي يشعر الصائمون فيه بالطمأنينة ويضفي عليهم البهجة بالعبادة والطاعة، وإن كان هذا اعتداء على الإنسانية في كل أوقات السنة.

ولا تكتمل إجراءاته التعسفية في الأراضي الفلسطينية فقط، بل وتمتد لداخل سجونه التي تعج بالأسرى الذين يحلمون دائماً بشمس الحرية، هؤلاء الأسرى والأسيرات الذين يحلمون مع قدوم كل رمضان بالجلوس على مائدة الإفطار بجوار أولادهم وعائلاتهم، ولكن ما يفعله الاحتلال بهم في هذه الأيام خاصة هو تصعيد هجمته عليهم بعزلهم وتعذيبهم، ليعزلهم عن رمضان وأجوائه الروحانية، حتى يكون رمضانهم حزيناً وحالماَ.

وبالإضافة لهذا الوضع الفلسطيني غير المستقر، لا يمكن للمواطن البسيط عزل نفسه عن ما يجري في الدول العربية الشقيقة والتي لطالما خرج أبناؤها في مظاهرات ومسيرات دعماً للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فما يشهده العالم العربي حالياً هو أزمة صعبة وخانقة تبعث في نفس كل من يتابع أخباره الأسى والحزن على هذه الأرواح البريئة التي تُقتل في سبيل طلبها للعيش بحرية، فرمضان هذا العام لم يأت صعباً على الشعب الفلسطيني فحسب، بل على أغلبية العالم العربي الذي يشهد نقطة تحول في تاريخه.

ومع كل هذا، فما زال التفاؤل بالخير يسكننا في استقبال شهر رمضان وإعداد العدة له، فمظاهر رمضان المادية والمعنوية لا يمكن الإغفال عنها، فالزينة والحملات الدعائية والعروض تنتشر هنا وهناك، بالإضافة للعادات العائلية التي تصاحب الشهر الفضيل في كل عام من التجمعات العائلية والولائم التي لا تخل من كل بيت فلسطيني. أضف إلى ذلك مظاهر الألفة والتعاون وفعل الخير والالتفات للفقراء وتهذيب النفس وغيرها، ولا زال مدفع القدس يبوح بصوته وقت الإفطار، فيسارع الناس لتناول طعامهم ويهرولون إلى المساجد ويهنئون بعضهم بحلول الشهر الكريم، ويحضرون كل تلك الأطعمة والحلويات المرتبطة برمضان، فمهما كان الوضع السياسي والاقتصادي صعباً، سيبقى رمضان فرحة تجتمع في قلوب كل الشعوب العربية والإسلامية، لما يحمله هذا الشهر من طابع ديني وتقليدي؛ يجمع الماضي والحاضر وجميع الأجيال.

http://www.miftah.org