أرزة وزيتونــة..!!
بقلم: رمزي صادق شاهين
2011/8/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12895

برغم بعض الإنتقادات التي قرأتها عن البرنامج الذي يبثه تلفزيون فلسطين بعنوان (أزرة وزيتونة) والذي يقدمه الزميل ماهر شلبي من مخيمات الشتات في لبنان، هذه الإنتقادات التي قالت بأن بعض المقابلات التي أجريت مع مواطنين فلسطينيين بالمخيمات لم تحظى بالشكل المطلوب من الإجابات على الأسئلة البسيطة التي وُجهت لهم، خاصة إذا تعلق الأمر بعاصمة فلسطين، حيث لم يستطع عدد ممن قابلهم الزميل شلبي من معرفة الإجابة.

بالتأكيد هذه قمة الكارثة، وهذا ما حذرنا منه سابقاً من أن التاريخ الفلسطيني أصبح في حالة من التوهان، وها هو يتعرض للانقراض نتيجة عدة عوامل أهمها غياب الرؤية الوطنية التي تستطيع أن تُرسخ هذه الثقافة لدى الأجيال الفلسطينية من خلال مناهج المدارس والبرامج الوطنية والإعلامية والندوات والمؤتمرات، ولأن الجيل الأول قد سبقنا إلى دار الحق، فإن الأجيال الجديدة أصبحت الآن أقل اهتماماً بتاريخ فلسطين وجغرافيتنا، هذا برغم انتشار التكنولوجيا والإنترنت الذي يُعطيك الفرصة للإطلاع والاستفادة مما يتوفر من معلومات عن أدق التفاصيل الوطنية والتاريخية.

الذنب ليس ذنب الزميل ماهر شلبي، ولا ذنب تلفزيون فلسطين، بل هو ذنب منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، ذنب المؤسسة الفلسطينية بشكل عام، وخاصة الموجودة في المخيمات الفلسطينية في لبنان وكافة أماكن الشتات، هذه المؤسسات التي تأخذ على عاتقها الإشراف على إبقاء الذاكرة الفلسطينية موجودة في أجندة الفلسطيني الذي ينتظر حلم العودة، هذه المؤسسات التي تتسلم الموازنات والنثريات من أجل الحفاظ على الإرث الوطني المتمثل في إنعاش الذاكرة وتقويتها وديمومتها، لكن على ما يبدو فإن الفساد وصل إلى حد نسيان الذاكرة ونسيان تاريخ فلسطين، وتغييب هذا التاريخ عن اللاجئين الفلسطينيين حتى نرى مثل هذه الصورة على شاشات الفضائيات.

البرنامج بحد ذاته جيد، وهو تقريباً أول برنامج يلامس الواقع المرير الذي يعيشه اللاجئ الفلسطيني في مخيمات لبنان، هذا اللاجئ الذي دفع حياته من أجل البقاء على حلم العودة، وقدم كُل التضحيات من أجل الدفاع عن هذه الأرض العربية، فكانت الحرب تلو الأخرى، والمذبحة تلو الأخرى، والمؤامرة تلو الأخرى، لكنه رفض التنازل أو التفريط أو التآمر على حقه وشرعيته ووجوده.

إننا مع الحفاظ على الموروث التاريخي لشعبنا، واستمرار التذكير بتاريخنا النضالي الذي رسمته أيادي المناضلين وعطرته دماء الشهداء الأطهار، هذا التاريخ الذي يُشكل الدعم المعنوي والنفسي للبقاء على عهد الشهداء والاستمرار بنضالنا المشروع للتخلص من الاحتلال وإقامة دولتنا وعودة اللاجئين إلى حضن الدولة الفلسطينية التي تُزينها القدس الطاهرة.

أتمنى أن نبتعد عن سياسة الإحباط والإنتقاد الهدام، وأن نعمل سوياً من أجل تعميم ثقافة نشر التاريخ الوطني الفلسطيني من خلال فعاليات وطنية داخل وخارج الوطن، حتى نضمن عدم وجود أي جاهل بتاريخ وطنه، خاصة هذا الوطن الفلسطيني الذي يستحق منا كُل الوفاء والإخلاص، وأن نحاول تطوير أي برنامج الهدف منه تسليط الضوء على حياة اللاجئ الفلسطيني الذي يُعاني صعوبة الحياة وإجراءات وقوانين دولنا العربية الشقيقة، بعض هذه الدول التي تحرمه من أبسط حقوق الحياة الإنسانية كما هو حاصل مع أبناء شعبنا اللاجئين في مخيمات الصمود في لبنان.

* الكاتب إعـلامـي فلسطينـي يقيم في قطاع غزة. - rm_sh76@hotmail.com

http://www.miftah.org