إسرائيل والأحداث الداخلية
بقلم: بهاء رحال
2011/8/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12915

كثيراً ما خشي قادة الكيان الاسرائيلي ومعهم المفكرون والساسة ورجال الدين في اسرائيل من تصدع المجتمع الداخلي الاسرائيلي المبني على تركيبة غريبة وعجيبة ومعقده في يوم من الأيام ، وقد عملوا على تحصين جبهتهم الداخلية المبينة من عجين مختلط الالوان والجنسيات والأشكال واللغات والثقافات المتعددة التي أتت وإستوطنت في الأرض التي ليست لهم وبنوا فيها مستعمراتهم ومدنهم ومعسكراتهم ، وهذه العقدة التي يخشاها القادة في اسرائيل وهي عقدة عدم التجانس بين ابناء المجتمع المبني على خليط من ثقافات متعدده لا تشبه بعضها بعضاً والتي تعرضه في أي وقت للأنهيار السريع بشكل مفاجيء اذا ما حدث إهتزاز في الشأن الداخلي لهذا الكيان الغامض المنطوي على ذاته .

وكما هو الحال في تركيبة المجتمع الاسرائيلي الداخلي الهش تتشابه تركيبة المؤسسة العسكرية والامنية فيه ، ورغم كل هذا الاختلاف الثقافي ورغم إختلاف وتعدد الجنسيات فيما بينهم ورغم عدم وجود مجموعة قيم مشتركة تجمعهم ، الا أنهم لم يعتدوا على متظاهر ولم يقتلوا اي شخص ولم يعتقلوا أحداً بل حافظوا على جمهور المحتجين ووفروا لهم الأمن والحماية طوال أيام الأحتجاج التي مضت ، الأمر الذي يدعونا للتساؤل كيف يقتل أبناء الجسد الواحد والثقافة الواحدة والعروبة الواحدة واللغة والدين الواحد في مصر وليبيا وسوريا واليمن بعضهم بعضاً ويبطش الجيش والأمن بيد من حديد ونار تجاه شعبهم ، بينما لا نجد من هذا الظلم والبطش في شوارع تل ابيب وغيرها من مدن هذا الكيان المغتصِب ، حتى أننا كنا نشاهد كيف كان رجال الشرطة والأمن يحرسون المتظاهرين وكيف كانت وسائل الإعلام تنقل ما يجري دون أية ملاحقة ودون تشويش على الفضائيات .

وفي حين رأى الكثير من المحللين والساسة أن الثورات التي يشهدها العالم العربي في العديد من الدول العربية أثرت على المجتمع الاسرائيلي وأدت الى تعالي الأصوات المنادية بتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، كما وأن عدوى هذه الثورات انتقلت الى شوارع تل أبيب التي إكتظت بالمتظاهرين الذين خرجوا يطالبون بضرورة تلبية مطالبهم ، وبالتالي فإن الهدوء الحذر الذي سكن هذا الكيان من داخلة والذي ظل محكوماً بعقيدة الأعداء الذين يتربصون بهم والذين لا يجب أن يشعروا بحقيقة الوضع الداخلي والتفكك المسكون في كل جزء من هذا الكيان ، هذا الهدوء قد تبخر وقد خرج المواطنين عن صمتهم ونزلوا للشارع في مسيرات مليونية تطالب بحقوقهم المعيشة داخل هذا الكيان .

إسرائيل التي بدأت بها رياح التغيير هي أيضاً عبر التظاهرات التي خرجت للاحتجاج على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وللتعبير عن سخطها تجاه حكومة اليمين لن تستطيع الانطواء على ذاتها مرة أخرى ولن تقدر على دفن مشكلاتها الداخلية ، فما يلوح بالأفق يبشر بأن هذا الكيان القائم على الانطوائية على ذاتية وتصدير ازماته الداخليه ورجم الآخرين بها عبر الحروب والإحتلالات بدأ بالتململ وبدأت الأصوات تعلوا لتكشف حقيقة هذا الكيان ، الأمر الذي يبشر بالأمل بأن تحمل هذه الإحتجاجات إنهياراً ولو جزيئاً في تركيبة هذا الكيان

http://www.miftah.org