الديمقراطية والنائب العام ووطن على وتر
بقلم: عادل عبد الرحمن
2011/8/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12938

الديمقراطية، وحرية الرأي والرأي الآخر، حق مشروع كفلها النظام الاساسي للمواطنين الفلسطينيين جميعا دون استثناء. لكن الديمقراطية وحرية الرأي لها حدود وضوابط، وهي ليست مطلقة.

لان الاطلاق في اي مبدأ يعني تعميم الفوضى. او كما يقول المثل الشعبي « الزائد أخو الناقص!» . وهذا ينطبق على الديمقراطية والحرية المنفلشة. لانها في هذه الحالة تمثل الوجه الآخر للسياسة الدكتاتورية، وحرمان الشعب من الديمقراطية وحرية التعبير والرأي. ومن يتابع بعض ظواهر ثورات الربيع العربي وخاصة الثورة المصرية، يلحظ ان هناك ظواهر خطيرة تمس جوهر ومستقبل الثورة. رغم ذلك، لا يجوز التطاول على الثورة والقوى المحركة لها، بل تفرض المصلحة الوطنية المصرية على القوى الحية حماية الثورة من القوى الساعية لخطفها وتغيير مسارها، وتشويه اهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال نشر الوعي في اوساط المواطنين للجم النزعات الاصولية الدينية وخاصة من الاسلام السياسي، الذي تمثله جماعة الاخوان المسلمين والجماعات السلفية.

واذا توقف المرء امام ماجرى امس الاول بشأن قرار النائب العام وقف بث برنامج «وطن على وتر» نتيجة الشكاوى والدعاوى المرفوعة ضده، وضد القائمين عليه. يلحظ ان هناك تآكلاً في حدود الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير في الساحة الفلسطينية. لان بعض الجهات المسؤولة، واصحاب الحسابات المتعارضة مع المشرف العام على هيئة الاذاعة والتلفزيون، ياسر عبدربه، ضاقوا ذرعا من البرنامج ولغته المباشرة والمبالغ فيها احيانا كثيرة، بسبب غياب النص الحواري الابداعي، القادر على تحقيق غاية البرنامج والقائمين عليه. الامر الذي فتح شهيتهم للمطالبة بإيقاف البرنامج، الذي دعمه الرئيس ابو مازن منذ اللحظة الاولى.

نعم هناك أخطاء وثغرات في طريقة معالجة بعض الظواهر، وشاب بعض الحلقات هنات ونواقص غير محببة، لكن المحتوى العام للبرنامج إيجابي، وله رسالة وطنية واجتماعية ومعنوية، عنوانها الارتقاء بالمواطن الفلسطيني، وتعميم سمة الفكاهة بين ابناء الشعب الفلسطيني.

إذا التعاطي الشكلي مع البرنامج ورسالته يعكس قصورا في فهم رسالته، والتسرع في إتخاذ القرار من قبل النائب العام جاء نتيجة الحملة المتصاعدة والضغط الناجم عن الدعاوى المرفوعة ضد البرنامج والقائمين عليه، وضد المشرف العام ابو بشار، لاسيما وان مناخا غير ايجابي ساد قطاع واسع من الاوساط الحزبية والسياسية والثقافية ضدهم جميعا.

ولو شاء انصار الحملة المضادة للبرنامج والقائمين عليه التدقيق في الابعاد الايجابية التي اراد تحقيقها، لما اقدموا على خطوتهم السلبية والمعطلة لاحد جوانب الديمقراطية وحرية الرأي المسؤولة المعنية بايصال رسالة لخدمة المجتمع وتطوره.

لان هدف ورسالة البرنامج إدخال عنصر الفكاهة في الاوساط الفلسطينية، وتفكيك حالة التزمت والانغلاق، التي تراكمت مع عوامل الزمن بفضل الاحتلال الاسرائيلي البشع، الذي شاء قتل روح الفرح والامل بين المواطنين الفلسطينيين. وايضا شاء القائمون عليه، تسليط الضوء على بعض جوانب الخطأ هنا او هناك بثوب كوميدي فكاهي. اي ان البرنامج له هدف وطني واجتماعي وسيكولوجي ايجابي.

والاخطاء وجوانب القصور التي لازمت بعض الحلقات، لا تفرض وقف بث البرنامج، بل تعني توجيه النقد البناء للقائمين عليه، وتدخل بعض المبدعين لتقديم نصوص حوارية فكاهية تضاهي الكوميديا المصرية واللبنانية والسورية وغيرها لمساعدة الفنان عماد ومن معه. لان البرنامج وتطوره مصلحة لنا جميعا. الامر الذي يفرض على القيادة السياسية وخاصة الرئيس محمود عباس التدخل لحماية الديمقراطية الفلسطينية. لانها بحاجة للتأصيل والتعمق في الوعي الشعبي. ولان الديمقرطية والحرية لا تقتصر ولا تقف حدودها عند المواطن العادي، بل هي مسؤولية القطاعات الثقافية-الفنية والاعلامية والاكاديمية، وكل طبقات وفئات الشعب، كما انها مسؤولية اساسية ملقاة على عاتق المسؤول الاول والقيادة السياسية، لانها مطالبة بحمايتها وتطويرها وفق المعايير الناهضة بالمجتمع.

http://www.miftah.org