مصير الفلسطينيين ..أمام الازدواجية الدولية
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/8/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12948

التصعيد الذي شهده قطاع غزة في الأيام القليلة الماضية ومازال يشهده حتى الآن، لم يكن مجرد ردة فعل قاسية على العملية الحدودية بين إسرائيل وسينا التي سقط فيها سبعة إسرائيليين نتيجة هجوم مباغت، وإنما تأتي هذه الهجمة العسكرية التي تشهدها غزة والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 14 شهيدا ً، هروباً من قبل حكومة بنيامين نتياهو اليمينية المتطرفة من معركتها في مواجهة الاحتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية، ومن معركة مواجهة المساعي الفلسطينية بمطالبة الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران.

في المقابل فإن تصعيداً دمويا ًكهذا لم يحظ بأي اهتمام إعلامي من قبل الفضائيات العربية التي انشغلت منذ بداية العام الجاري ومازالت مشغولة بالثورات العربية والانتفاضات التي تقودها الشعوب ضد حكامها ومستبديها، فتراجع مكان شهداء الاحتلال الإسرائيلي في النشرة الإخبارية فلم تعد لهم الأولوية، بل وليسوا في المرتبة الثانية أو الثالثة فالأولويات كلها انقلبت أمام ما يجري في سوريا وليبيا واليمن وربما حتى أمام مجاعة الصومال وغيرها، فالموت المجاني متاح الآن في كل مكان فتغيرت الأجندة الإعلامية التي لم تول العدوان المتواصل على غزة المساحة التي يستحقها، وحتى وإن تزامنت مع خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أو وصول الثوار إلى طرابلس.

وإن هذا التقاعس الإعلامي العربي يوازيه بالمثل، بل بأضعاف –حتى نكون عادلين- تقاعس وتخاذل دولي أمام حالة القضية الفلسطينية وشعبها، الذي يذبح منذ ما يزيد عن الستين عاماً على مرأى ومسمع العالم أجمع، الذي ظل واقفا ًمتفرجا ً أمام القتل الإسرائيلي للأبرياء الفلسطينيين، وأمام المعاناة التي تفرضها قوات الاحتلال على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى نهب الأراضي وبناء المستوطنات وهدم المنازل، واعتقال الشباب وزجهم بالسجون وسرقة الآثار وتهويد القدس وأسرلتها وعزلها عن الضفة الغربية وعن سكانها وعزل المسجد الأقصى ومنع الفلسطينيين من الصلاة فيه، والتضييق على الفلسطينيين في كل مكان، كل هذا لم يكن كفاية للمجتمع الدولي ولم يكن كفيلا ًبتحريكه وتأليبه على السياسة الإسرائيلية التي تنتهج العنف منهجا ً لدولتها.

لكنه في المقابل سارع للتدخل العسكري في دول عربية أخرى في الأشهر الماضية وهي ليبيا إبان انطلاق الثورات العربية المطالبة بالحرية والكرامة، بحجة حماية المدنيين وبدعوى مقتضيات حفظ الأمن والسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، الذي على ما يبدو أنه يختلف عن الإنسان الفلسطيني الذي ذُبح وشرد على مدى العقود الماضية لكنه لم ينل من هذا الدفاع أي نصيب. وإن كان هذا يدل على شيء فإنه يدل على ازدواجية المعايير التي يحكم بها النظام العالمي، والمجتمع الدولي الذي يتحرك وفقا ً لأجنداته ومصالحة وليس وفقاً لإغاثة الملهوف أو نجدة المضطر، فقوات حلف الناتو سارعت للدفاع عن ثورة الليبيين ليس حبا ً فيهم بل طمعا ًفي نفط بلادهم، وهكذا فلم يكن للسوريين نصيب من هذا الدفاع، فلا نفط في أرض بلادهم، فيما تجد قادة الدول الغربية ينهون صلاحية هذا الحاكم وينزعون الشرعية عن ذاك لقتله شعبه، -وليس دفاعاً عن أي من الحكام وتصرفاتهم-، لكننا لم نسمع من قبل أبداً عن مثل هذه التصريحات ضد القادة الإسرائيليين الذي ارتكبوا أفظع المجازر بحق الفلسطينيين، سواءً ضمن عدوانهم اليومي الذي أصبح جزءا ًمن الحياة الروتينية، أم من خلال عدوان منظم كما حدث في العدوان على غزة عام 2008، حين سقط أكثر من 1400 شهيد!.

إن هذا النفاق للمجتمع الدولي الذي ينتقي ما يتلاءم مع مصالحه، في تعامله مع الحريات الإنسانية ويوزعها كما يشاء على الشعوب، متجاهلاً المعاناة الحقيقة للشعوب المضطهدة والمقهورة ومنها الشعب الفلسطيني، إنما يدعو بالجميع وخاصة هذه الشعوب بالدفاع عن حريتها ومصالحها وحقها بحياة كريمة، إقتصرها الغرب على نفسه وحرم منها غيره من المجتمعات التي لن تصل إلى مبتغاها بالحرية والكرامة إلا بسواعدها وحناجرها المطالبة بالعدالة حتى تتحقق.

http://www.miftah.org