تأجيل الانتخابات...حاجة أم غاية؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/8/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12955

"عدم توفر الظروف المناسبة لإجرائها في كافة محافظات الوطن"، هو المبرر الذي جاء في القرار الرئاسي الصادر عن الرئيس محمود عباس يوم الاثنيـن الماضي 22/08/2011، بشأن تأجيل موعد إجراء الانتخابات المحلية في المحافظات الشمالية والتي كانت مقررة بتاريخ 22/10/2011.

وكما جاء في المرسوم "بشأن تأجيل موعد إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية، وبالإشارة إلى تأجيل تشكيل الحكومة للمساهمة في جهود إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، ودعما للجهود الوطنية والعربية المبذولة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية ولغايات توفير الأجواء لتحقيق ذلك، ولإعطاء الفرصة للجنة الانتخابات المركزية لاستكمال الجاهزية لإجراء الانتخابات في كافة محافظات الوطن..." وقد واجه هذا القرار عاصفة من الانتقادات والاستهجان ليس فقط من قبل المعنيين من رؤساء المجالس والمرشحين وغيرهم بل أيضاً ضمن المستقلين والحقوقيين والقادة السياسيين والقوى والأحزاب السياسية والتي كانت تشير في مجملها إلى عدم قانونية هذا القرار.

إن الانتخابات بأشكالها الرئاسية والتشريعية والمحلية هي حق وطني مشروع يضمن سير العملية الديمقراطية ويؤكد على شفافيتها ومصداقيتها، لكن القرار المفاجئ بتأجيل الانتخابات للمرة الثالثة يكشف عن خلل عميق في التنسيق والترتيب والإعداد لهذه الانتخابات ومن ثم الفردية في قرار إلغائها، ومما لا شك فيه أن التعثر الحالي للمصالحة الفلسطينية ألقى بظلاله على مختلف القضايا المعلقة، بعد أن استبشر الفلسطينيون بمصالحة وطنية تنهي الانقسام وتعيد اللُحمة لشطري لوطن وتعطي للجميع الضوء الأخضر لاستئناف كل ما كان معلقا ً، إلا أن الركود ما زال سيد الموقف بعد أن أتضح أن ما جرى لم يكن مصالحة فعلية بل "مصافحة" على حد تعبير المتشائمين أو كما يحبون أن يسموا أنفسهم "واقعيين".

غير أنه من غير المعقول أن نُبقي كل شؤوننا الحياتية معلقة بإنجاز المصالحة المتوقفة بين شد وجذب منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، ونقف نتفرج على حالنا الواقف بانتظار أن يتنازل الطرفان المنقسمان عن مصالحهما والمتوقفة عليها مصالح الآلاف من المواطنين، -ولا يبدو أن ذلك قريباً أو سهل المنال-، لتعود المياه لمجاريها وتعود حياة الناس لطبيعتها، كما أنه من غير المعقول أن تصادر الحقوق الديمقراطية وتعطل مصالح الناس وحاجاتهم الملحة والمتوقفة على تجديد مجالس الهيئات البلدية والقروية، التي تقدم الكثير من الخدمات المجتمعية والحيوية للمواطنين الذين بدورهم قاموا بانتخاب هذه الهيئات من أجل إنجاز مصالحهم، لكنها باتت تعاني من حالة ترهل وتآكل في كثير من الجوانب ما أضعفها وأخل بدورها، وأضحت بحاجة ماسة لإعادة هيكلتها وتنظيمها بعدما اعتراها الكثير من المشاكل خاصة بعد انتهاء مدتها القانونية واستقالة بعض أعضائها، ما جعل بعضاً منها يتبع مباشرة لوزارة الحكم المحلي.

إن الانتخابات استحقاق وطني مشروع، لا يجوز تعطيله أو المساس فيه، بل يجب إنفاذه وتسهيل مروره رغم كل العثرات والعقبات التي تعترض طريقه، لأنها السبيل الوحيد لممارسة الحقوق الديمقراطية وتسير الشؤون الداخلية، سواءً على صعيد المصالحة أم على صعيد التوجه نحو نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في أيلول القادم والذي يجب التحضير له ورص الصفوف لمواجهته، ومن المهم الدعوى إلى إعادة النظر في موضوع تعطيل إنفاذ الانتخابات المحلية في أقرب فرصة وأن لا يكون تأجيل الانتخابات غاية بدلاً من كونه حاجة نتيجة للظروف الراهنة التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وفي ذات الوقت لابد تكثيف الجهود من أجل إتمام المصالحة وإيجاد طريقها على أرض الواقع، وعدم المماطلة أو التسويف.

http://www.miftah.org