الأذن البشرية في فلسطين
بقلم: فراس عبيد
2011/9/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12982

عضو صغير في أجسامنا، لا نكاد نراه أو نلتفت إليه، هو مصدر سعادة غامرة لنا، لأنه يفتح لنا الباب واسعا على عالم الصوت، وعلى عالم الهمس، وعلى عالم الموسيقى، وعلى عالم الاستماع، وعلى عالم الإنصات، وحتى عالم السكوت اللازم لتوازن الإنسان له صوت، يُسمى (رَنة السكوت) نسمعها بواسطة الأذن!

الأذن هي إحدى بواباتنا على الكون، وإحدى تقنياتنا البشرية لتحصيل اللذة، لذة الاستماع، اسألوا العشاق عن أحاسيسهم عندما تخرج أصواتهم بنبرة العشق، أو بنبرة التدلل، أو بنبرة النعومة، أو بنبرة الدلع المُنغم.. عن روعة إحساس الأذن في تلك اللحظة!

تصوّروا إذن حجم الجريمة التي تُرتَكب عندما يقوم جاهل بالإضرار بأذنك الغالية، فتفقد سمعك، أو تخف قوته لديك، أو تتشوش عملية الاستماع عندك، أما ذنبك فهو أنك تسير في الشوارع وفي الأسواق، في وطنك فلسطين!

المتهمون هم بعض أصحاب المحلات التجارية، وبعض أصحاب البسطات الذين ينصبون مكبرات صوت ثابته، أو يحملون بأيديهم مكبرات صوت صغيرة لكن مفعولها رهيب.. فقد كدت أفقد حاستي السمعية التي منحني إياها خالقي الكريم، عندما مررت في منطقة حسبة البيره قرب ميدان المناره برام الله، بسبب جهل هؤلاء الباعة الذين يوجّهون المكبرات إلى آذان المشاة بلا رحمة وبلا شفقة!

والطريف أن معظم أصحاب تلك البسطات هم من فئة معدومي العلم والثقافة الذين يستخدمون التكنولوجيا الصوتية بطريقة بدائية تدفعك إلى الضحك منهم والشفقة عليهم في آن!

أما أصحاب المحلات الذين يستخدمون المكبرات الثابته، فهم دهاة، ويعتقدون أن مكبر الصوت هو أحد أسباب جلب الرزق فيفتحون المكبر طيلة نهار الله ليقول جملة واحدة: زوروا محلات فلان.. ففيه تجدون كل أنواع الأدوات المنزلية بأسعار مخفضه! فيتسببون في أذى للأذن المقدسة، ويلوثون البيئة الصوتية للمكان العام، بهذا الصوت المقزز المتكرر، الذي لا معنى له إلا الطمع في بضعة دولارات، وقلة المحصول الثقافي لأصحاب تلك المحلات!

الأكثر طرافة.. هو موقف البلديات والمحافظات في بلدنا، فهل يجب أن يكون المحافظ أو رئيس البلدية، أخصائي سمع أو طبيب أذن، حتى يمنع تلك الظاهرة بأمر جَلي لا لبس فيه؟!

أم هل ينبغي أن يذهب المواطنون في وفود لطلب الرجاء والرحمة من سلطاتنا المحلية لكي تنهي تلك المهزلة في فلسطين! أعرف أن فلسطين لن تكون سويسرا حتى بعد مئة عام من اليوم، لكن هذا لا يعني أن لا نحاول!

يدعو المؤمنون: اللهمّ مَتعنا بأسماعنا..

لتقل المحافظات والبلديات: آمين!

obfiras@yahoo.com

http://www.miftah.org