ومضة: السياسي الذي يستجدي حرباً
بقلم: بقلم: د. صبري صيدم
2011/9/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13003

لم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك وأنا أستمع لحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي قبيل اجتماع حكومته المأزومة قبل يومين وهو يبحث في تلافيف دماغه عن حجة جديدة للحرب أو المواجهة، سيما وأن غزة قد أغلقت الباب أمام المواجهة بعد أن اتفقت الفصائل فيما بينها على التهدئة، بينما أصرت الضفة الغربية على تجاوز الاستفزاز المستديم لرعاع المستوطنين.

نتنياهو الذي يواجه حربا اجتماعية داخلية يفرضها الربيع الإسرائيلي الوليد، وحربا دبلوماسية مع تركيا الحليف السابق، وحربا سياسية مع الشعب المصري الغاضب، وحربا نفسية مع العالم بأسره في مسعاه لدرء مخاطر توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، لم يجد في دفاتر حججه إلا الحديث عن ضرورة مواجهة الإسلام السياسي! نعم الإسلام السياسي! الأمر الذي بدا وكأن الرجل يقلب صفحات دفاتر السياسة تماما كما التاجر المفلس باحثا عن ذريعة ليصدر أزمته إليها، ومن خلالها، في مواجهة مع المتطوعين والقابلين لاستفزازاته.

هكذا نتنياهو كما سبقه شارون وأرباب المواجهة والمناكفة في إسرائي، الذين يؤمنون بفلسفة الحروب لإبقاء إسرائيل موحدة على حد قناعاتهم، والمؤمنين بأن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم.

وفي التاريخ شواهد كثيرة على الاستفزاز واختلاق الشرارات حتى ينفجر الموقف ونعود للإسطوانة المشروخة بأن إسرائيل تدافع عن وجودها وبقائها، وبهذا تبحث عن حجج أكبر فأكبر لإبقاء احتلالها دون أن يستطيع معسكرها المقابل، أي معسكر السلام، إقناع حكوماته المتعاقبة أن إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 بكل ما يحمل وتطبيق حق العودة وفق الشرعية الدولية وتحرير الأسرى وإعادة القدس العربية لأهلها ربما يكون الوصفة الأهم واللادموية.

لا أستغرب أن يعود نتنياهو عندما يجد أن الإسلام السياسي حجته الجديدة الذي تذرع بها لم يوفر له مواجهة ما تنقذه من أزماته المستفحلة، فإنه ربما سيعلن الحرب على الأشباح أو الكواكب الأخرى أو يرسل جيشه إلى القمر.

هكذا عقلية المغامرة القائمة على تصدير الأزمات وهذه هي مساحة الخيال المتاحة أمام عقل استفحلت أزماته، فلم يعد في كتاب العجائب الحكومية الإسرائيلية من حجج إلا باتت مفضوحة. لننتظر إذا ما اشتدت أزماته وتعقدت الأمور فربما سنجد نتنياهو في حرب ما في مجرة أخرى!.

http://www.miftah.org