لا تسقطوا الغصن الأخضر من أيدي الفلسطينيين
بقلم: إبراهيم أبوالنجا
2011/9/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13011

لعل الحالة القائمة اليوم والوضع المعاش يستوجب التوقف عنده ودراسته الدراسة المستحقة ، فدقة وحساسية الحالة تضع الجميع أمام مسئولياتهم .

فالفلسطينيون الذين يكابدون ومنذ أكثر من ستة عقود أشكال الحرمان والاضطهاد ، والغربة ، والجوع ، والفقر ، والشتات ، ومرارة التشرد ، والابتعاد عن الوطن .... مروا بمراحل عديدة .

مرحلة انتظار العودة السريعة لديارهم بعد أن أفاقوا وقد نُزعوا منها بمؤامرة لا تكاد تصدق ، ومرحلة الانخراط في الأحزاب القومية والأممية على طريق استرداد الحقوق المسلوبة وكذلك برامج الانقلابيين كحكام استولوا على السلطة ، ولا يملكون إلا أن يرفعوا الشعارات التي تدغدغ عواطف الجماهير ، وتمنحهم بموجبها ثقتهم ومحبتهم .

إنها حالة من التيه قبل اندلاع الثورة المعاصرة في الفاتح من يناير 1956هذه الثورة التي أعادت للإنسان الفلسطيني أمله في استرداد حقوقه .

ولسنا بصدد سرد محطات التعثر والمؤامرات والمجازر والتهم التي لحقت بالثورة والشعب الفلسطيني ، والصراعات العربية الفلسطينية ، والعربية العربية ، ولكننا بصدد التذكير ببعض ما تحقق بفعل الدماء الزكية والعطاء الثوري ، والمواجهة السياسية ، والتصدي للمؤامرات ، فرغم كل ذلك إلا أن الثورة الفلسطينية اقتحمت الأسوار والقلاع الموصدة ، والتحمت بثوار العالم ، وبالدول التقدمية ، وحركات التحرر ، وبمنظمات مكافحة الاستعمار والاحتلال ، واستطاعت بوعي الرجالات الأوائل ، تغمدهم الله بواسع رحمته ، ومن مازال على قيد الحياة ، من إثبات أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية ، وثبت ذلك في وثائق وأروقة الأمم المتحدة مما شكل أزمة حقيقية في علاقات إسرائيل بمعظم دول العالم .

نذكر بأن قائد الثورة الفلسطينية رحمه الله . تسلم راية الثورة العالمية ، وأصبحت الثورة الفلسطينية عنواناً لكل حركات التحرر وملاذًاً لكل الثوار والمقاتلين والمناضلين الساعين للإنعتاق من الاستبداد والاحتلال والاستعمار ، ورغم الحروب والغزوات ، والاجتياحات إلا أن الثورة كانت تخرج أصلب عوداً ، وأكثر قوة ، وأقدر على استقطاب المؤيدين سواءً كانوا دولاً أو أحزاباً أو شخصيات عالمية وازنة .

لم يجد العالم بُدًّاً من أن يستقبل قائد الثورة الرئيس الراحل عام 1974 ويستمع إليه من على منبر الأمم المتحدة ، ليستمع إليه وليراه برباطة جأشه ، وشجاعته ، ووضع العالم أمام مسئولياته طالباً حقّاً وليس مستجديا ، أو ضعيفاً أو مستدراً لعواطف الآخرين ، ولكنه قوة الحق الذي تسلح به ، وأسمع العالم رسالته الشهيرة .

حقق الشعب الفلسطيني بفعل الثورة اعترافاً عربياً بممثله الشرعي ووالوحيد م.ت.ف وانهالت الاعترافات العالمية ، بحق الفلسطينيين في نيل حقوقهم انسجاماً مع المواثيق الدولية المنصوص عليها ، واكتسبت بموجبها العضوية في المنظمات ذات الصفة القومية والإقليمية والعالمية ، وصفة المراقب كحد أدنى في بعضها الآخر .

بتعاظم دور م.ت.ف والثورة الفلسطينية اشتدت المؤامرات على القضية وقياداتها السياسية والعسكرية ، وأخذت مرحلة التصفيات الجسدية والاغتيالات ، طريقها للنيل بل لإنهاء الانجازات كافة ، والعودة بالقضية إلى قضية شعب لاجئ .

إن هذا الصراع الطويل لم يكن في دائرة اهتمام وحسبان قادة الكيان الصهيوني المتعاقبين ، لأن حسب نظريتهم يجب أن يكون الشعب الفلسطيني قد انتهى ، بين موت ، وتشريد ، وذوبان ، واندماج ، وانصهار في المجتمعات التي عاشوا فيها ، وعندما لم يتحقق لهم ذلك ، لجأوا إلى تغيير هوية الأرض رغم أنها تعترف أنها محتلة ، ونهجت سياسة الاستيطان ، والتهويد ضاربة بعرض الحائط القرارات الأممية كافة ، ومستندة إلى الحليف الوحيد وقوته لأنه يكفل لها خوض معاركها نيابة عنها ، وهذا ما جعلنا في مواجهة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة رغم تعهدات بعض رؤسائها وإقرارهم بحقوق الشعب الفلسطيني ، وفي مقدمتها حقه في العيش في دولة آمنة ذات سيادة .

اختصاراً لكل ما يمكن أن يقال وليس بخاف على أحد ، ليس فقط من أبناء شعبنا ، وبل على شعوب الأرض كافة ، نقول : إننا كفلسطينيين استطعنا أن نجند الدول الشقيقة والصديقة للاعتراف بحقنا في دولة ، ونعرف وعورة الطريق ، وصعوبة تحقيق ذلك في ظل القرار الأمريكي الرافض والمجرب قبل ذلك .

لعل هناك محاولات من داخل الساحة الفلسطينية ، لا يروق لبعضها خوض هذه المعركة ، لا لشيء ، إلا لأنهم لا يريدون لهذه القيادة أن يتحقق في حياتها أي إنجاز للشعب الفلسطيني .

إن مشكلتنا الحقيقية مع الذين لا يعرفون من هم الفلسطينيون .

خاصة بعد أن أقدمنا على خطوات صورتنا أننا لا نملك سواها ، فما حذف الصهيونية شكل من أشكال العنصرية من مواثيق الأمم المتحدة ، وما اعترافنا بقرار 242 ، و338 ، وقبولنا بدولة على حدود الرابع من حزيران 1967 ، وتعديل بعض مواد الميثاق الفلسطيني . واتفاقية أوسلو وجلسات الحوار في طابا والقاهرة ، وواي ريفر ، وكامب ديفيد وواشنطن ، وكثير من العواصم العالمية ..... كل ذلك حدث في ظل معارك استهدفت القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وقضيته ، وكانت كفيلة بأن تنهيه ، وليس بغائب عن البال ما حدث للسيد الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله .

إذن أمام مرحلة فاصلة وأمام معركة يتمناها البعض منا أن تكون نهايتنا تساوقاً مع المشروع الصهيو أمريكي ، ويرى فيها شعبنا أنها استحقاق وله أن يكسبها ، ليرتفع علم وطنه على سارية الجمعية العمومية للأمم المتحدة . وكذلك على ساريات المؤسسات العالمية كافة .

إن شعبنا الذي ينتظر هذا الاستحقاق لا ينسى أن المؤامرة كبيرة ، وأنه يناطح أكبر رأس في العالم ، وهو من كبره وحيد القرن ، والذي لم يتردد في إرسال التهديد إثر التهديد بشكل مباشر وغير مباشر ، ظنّاً منه أن نتراجع عن حقوقنا .

الشعب الفلسطيني له كلمة يسمعها للعالم وعلى العالم أن يعيها : لا نريد أن نذكر بمحطات الماضي ، فلا تعوزنا القدرة على المواجهة في الميادين وعلى الأصعدة كافة ، وأسلحتنا كثيرة ، ولن نكون قطيع نعاج ولن نعود لاجئين . ولكن سنكون عكس ذلك تماماً ، وعلى العالم أن يتذكر إن نفعت الذكرى .

http://www.miftah.org