فلسطين: موعدنا غدا ً.. وإن غداً لناظره قريب
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/9/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13021

بانتهاء مساء اليوم ينتهي العد التنازلي لرحلة التحضير النفسي والشعبي والقيادي للذهاب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتقديم طلب اعتراف بدولة فلسطين دولة مستقلة، ومع انتهاء تلك الرحلة تبدأ في الغد في 20 من أيلول رحلة جديدة من أجل دفع العالم للاعتراف بالوجود والكيان الفلسطيني المستقل وتبدأ معها مرحلة ليست بجديدة لكنها مختلفة وضمن ظروف مختلفة نحن من صنعها وأوجدها لمواجهة الضغوطات الدولية والوعود والتهديدات الإسرائيلية كافة، بالتضييق على الفلسطينيين والتفنن في اقتناء سبل القمع والمواجهة ناهيك عن التهديدات التي صدرت عن بعض وزراء حكومة نتنياهو بفرض مقاطعة على السلطة، رغم طلب الإدارة الأمريكية من الحكومة الإسرائيلية عدم اتخاذ خطوات تصعيدية ضد السلطة الفلسطينية ارتباطا بتوجه السلطة إلى الأمم المتحدة، ليس دعماً لقرار القيادة الفلسطينية وإنما خوفاً من الضرر الذي سيلحق بالمصالح الإسرائيلية.

إذن دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، هي ما نعد أنفسنا به، دولة جديدة ستعيد رسم الخارطة الجغرافية للمنطقة، ولن تعود حالنا كما كانت عليه، فدولتنا ما هي إلا مولود جديد بحاجة لكثير من العناية والرعاية والدفاع عنه حتى يكبر ويشتد عزمه ويقف على قدميه، وكما تفرح العائلة بقدوم مولودها سيفرح شعبنا بقدوم دولته الوليدة، وسيترجم فرحه بمظاهرات شعبية حاشدة وسلمية احتفالاً بالدولة وتأييدا ً لرئيسها.

ها قد بدأ الربيع الفلسطيني، رغم كل المشككين والمحبطين والمتشائمين، الذين ما انفكوا يلقون القنابل الكلامية التي تثبط من عزيمة المدافعين عن استحقاق أيلول، لكن المتابع لمجريات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأرض يدرك تماماً ما يجره الانحدار الشديد في هذا الصراع ومن هو الخاسر الأوحد فيه ألا وهو الجانب الفلسطيني الذي لا يملك القدرة على مواجهة الإستراتيجية الإسرائيلية المصممة على سلب كل ما تطاله أيديها من أرض فلسطينية، وعلى الاستيلاء على القدس وتهويدها وتسميم أفكار أبنائها بمناهج إسرائيلية محرفة تنفي الرواية التاريخية الفلسطينية وتنفي معها رموز النضال الوطني والهوية الفلسطينية للمدن، وغيرها من الممارسات اليومية بالاعتقالات وهدم المنازل واعتداءات المستوطنين بمباركة الجيش الإسرائيلي، لذا وفي ضوء هذا الواقع فليس ثمة ما نخسره إذا ما توجهنا للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإن لم تجدي هذه الخطوة نفعاً فإنها لن تلحق ضرراً، وفي أحسن الأحوال إذا ما نلنا الاعتراف بدولتنا فإن هذا سيشرع لنا التوجه إلى منظمات دولية لمحاكمة إسرائيل وفرض عقوبات عليها بسبب المستوطنات القائمة في الضفة الغربية، وهذا ما تخشاه إسرائيل إذ أنها بذلك ستخسر إدعاءها بأنها أراض متنازع عليها، وستتحول على أراض محتلة، لذا فهي أمام هذه الإرادة السياسية الفلسطينية تتخبط في قراراتها وتصرفاتها فتارة تطلق العنان لمستوطنيها في طغيانهم وغيهم، وتارة في وعيدها وتهديدها بمقاطعة السلطة ومعاقبتها، وتحضيرها لأحدث الوسائل القمعية لمواجهة الفلسطينيين المنتصرين لرئيسهم ودولتهم.

إن حكومة نتنياهو اليوم تواجه ما اقترفته أيديها بعد أن هدمت جميع المشاريع السلمية وبنت المستوطنات ووسعتها على الأراضي الفلسطينية المصادرة، وتمادت في غيها وطغيانها وعدوانها على الفلسطينيين وعلى أراضيهم ومنازلهم واستباحت القدس وعزلتها وسكانها وحطمت كل أفق لمفاوضات جدية ومثمرة كانت القيادة الفلسطينية تحاول أن تصل من خلالها إلى سلام حقيقي يفضي في نهاية المطاف بدولة فلسطينية على حدود ثابتة، كل ذلك جاء وسط فشل أمريكي تماشى مع العند الإسرائيلي واستسلم له، بل هاهو اليوم يدافع عنه بالفيتو الذي يلوح به أمام الاعتراف بدولة فلسطينية، وبالتهديد بقطع المساعدات والتي تصل إلى 450 مليون دولار، في وقت تثبت فيه كل التغيرات الإقليمية في المنطقة أن الخارطة وموازين القوى لابد أن ترسم من جديد وأن زمن الحكام المصفقين لسياستها الاستعمارية والاستبدادية قد شارف على الانتهاء، وان أحداً لم يعد يصدق زيف ادعائها بدعمها لمطالب الشعوب الحرة بالعدالة والحرية.

ها قد اقتربت لحظة الحقيقة، اللحظة التاريخية لانتزاع الحق الفلسطيني بدولته التي طالما انتظرها، لكن نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس نهاية المطاف بل بدايته، بداية العمل والجد والاجتهاد من أجل بناء هذه الدولة وحمايتها والذود عنها حتى تحريرها من قيد الاحتلال وتطهيرها من محتليها وغاصبيها.

http://www.miftah.org