11 عاماً على انتفاضة الأقصى...’أيلول’ أكبر الخطوات والاستيطان أخطر العقبات.
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/9/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13052

يصادف اليوم الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الانتفاضة الثانية..انتفاضة الأقصى، فمنذ 11 عاماً هب الفلسطينيون لنجدة أقصاهم من براثن الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب زيارة استفزازية في 28 من أيلول عام 2000 قام بها قائد حزب الليكود المعارض أنذاك آرئيل شارون للمسجد الأقصى، وما كانت إلا القشة التي قسمت ظهر البعير بعد ضاق الشعب الفلسطيني ذرعاً بالتعنت الإسرائيلي وفشله السياسي، وتأتي ذكرى الانتفاضة هذا العام مع انطلاق خطوة تاريخية في عمر الصراع الفلسطيني من شأنها أن تجعل فلسطين دولة كباقي الدول من خلال الحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطين المستقلة.

وما لبثت أن بانت أولى ردود الفعل الإسرائيلية على الطلب الفلسطيني من الأمم المتحدة، والتي تمثلت بقرار توسيع الاستيطان وبناء 1100 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، الأمر الذي يبلور حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويردّه إلى جوهر كونه صراع بحت على الأرض. فمن هنا توجّه إسرائيل أخطر أدواتها ضد الفلسطينيين وهو توسيع الاستيطان، هذه الأداة التي يصعب على الفلسطينيين مواجهتها بالمثل ووضع حد لها، وهي التي شكلت العقبة الأساسية أمام أي شكل من أشكال المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، ونتيجة لذلك كان خيار القيادة الفلسطينية بالتوجه لاستحقاق أيلول، وتقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية للأمم المتحدة في ال23 من الشهر الجاري.

وفي هذا السياق، يقوم المستوطنون في الضفة الغربية بتنظيم وقيادة حملات استيطانية منظمة لإرهاب المواطنين الفلسطينيين ونشر حالة من الخوف وعدم الأمن في الضفة الغربية وخاصة في مختلف المناطق المحاذية للمستوطنات. حملات التعبئة والكراهية هذه تنوعت بأسماء مختلفة وتوحدت بهدف واحد ألا وهو إيذاء الفلسطينيين، حيث كانت أخر حملاتهم تنادي "بذبح" الفلسطينيين، وأخرى تدعو "لإطلاق النار نحو أي فلسطيني يرشق المستوطنين بالحجارة بهدف القتل"، وأيضاً حملة " لا لدولة مخربين في قلب أرض إسرائيل" و"هذه بلادنا وليست بلادهم." هذا بالإضافة طبعاً لعمليات التحريض التي يوجهها المستوطنون كتجنيد النساء والاعتداءات اليومية التي يقومون بها ضد الفلسطينيين كقطع أشجار الزيتون مع اقتراب موسم القطاف، والذي يعد من مصدر الرزق الوحيد لكثير من الأسر الفلسطينية. ناهيك عن الاعتداء على دور العبادة كحرق المساجد وكتابة العبارات العنصرية على جدرانها، بالإضافة إلى الحملات المستعرة ضد الفلسطينيين في الطرقات والسيارات، والذي جاء على إثرها استشهاد الطفل فريد جابر 8 أعوام يوم أمس الثلاثاء، متأثراً بجراح أصيب بها جراء تعرضه للدهس من قبل مستوطن يوم الجمعة الماضية شرق مدينة الخليل.

وكما هي سياسة الاحتلال الإسرائيلي الذي يتغاضى دائماً عن تصرفات وممارسات المستوطنين العدوانية، بل ويسهلها ويباركها في معظم الأحيان حيث أفادت تقارير إخبارية اليوم بتعاون الجيش الإسرائيلي مع المستوطنين وإغفال الحكومة الإسرائيلية النظر عن تحركاتهم الاستفزازية في الأراضي الفلسطينية، والتي خرجت من الإطار الفردي والعشوائي لتصبح ممارسات منظمة في حملات صريحة وواضحة من أجل الانتقام من العرب والفلسطينيين، خاصة في الفترة التي نسعى فيها للحصول على دولة فلسطينية.

وفي المقابل، يحاول الفلسطينيون الرد على هذه الحملات والهجمات بتنظيم حملات من شباب فلسطينيين ومتضامنين أجانب لمراقبة هجمات المستوطنين المتزايدة على الفلسطينيين وأملاكهم والقيام بتوثيق اعتداءات المستوطنين اليهود. ذلك بالإضافة طبعاً للمسيرات السلمية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني للاحتجاج على الاستيطان والسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

وها هي قوات الاحتلال الإسرائيلية وفي الذكرى الحادية عشرة لانتفاضة كان سبب اشتعالها انتهاك حرمة المسجد الأقصى، ها هي ومن جديد تستبيح حرمة القدس والأقصى وتسمح اليوم الأربعاء للمستوطنين باقتحامه، فكذا هي سياستها ومنطقها الذي لم يتغير على مدى العقود الماضية... نهب للأرض واستيطان، وذريعة دينية تدافع عن الوجود التاريخي لهم في الأرض الفلسطينية.. فالمهم بالنسبة لإسرائيل هو الأرض والسيطرة عليها مهما كان الثمن من أجل توطيد أساساتها في التاريخ وتعزيز كيانها العنصري. وشهدت هذه السياسة الإسرائيلية تنامياً مستمراً هذه خلال أعوام الانتفاضة الثانية وما سبقها من سنوات الاحتلال، وكان أخر استراتيجياتها دعم المستوطنين الذين انطلقوا بتنظيم لا بعشوائية أو فردية لاستهداف "بنك من الأهداف" كما أسموها في الأراضي الفلسطينية، بعد أن لأعلن الفلسطينيون شعباً وحكومة نوعاً أخر من المقاومة وهي المقاومة الشعبية والدبلوماسية من أجل حشد التأييد الدولي لدولة فلسطين، الأمر الذي من شأنه أن يجعل فلسطين تسجل هدفاً لا يُنسى في مرمى تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، وتجعله في مأزق وعزلة دولية سترغمه على دفع ثمن أفعاله قريباً.

http://www.miftah.org