تبادل الأراضي
بقلم: شوقي العيسه
2011/9/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13054

صدر مؤخرا تقرير عن المجلس الاسرائيلي للسلام والامن بشأن الحدود القابلة للدفاع عنها ، شارك في اعداده الجنرال الاسرائيلي شلومو غازيت واخرين . وكان المفاوضون من الطرفين م ت ف واسرائيل قد ناقشوا سابقا موضوع تبادل اراضي من الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 مع اراضي من ما يسمى الان اسرائيل ، ولكن من الواضح ان الاطراف لم تصل الى اي اتفاق بهذا الخصوص باستثناء الاتفاق على مبدأ التبادل بنسبة واحد الى واحد ، مما ادى لاحقا الى تبني هذا المبدأ من قبل الولايات المتحدة واوروبا والرباعية بشكل عام .

يبدو لي ان المفاوض الفلسطيني رضخ لهذا الاملاء الاسرائيلي نتيجة لظروف معينة ، دون التمحيص والنقاش في سبب هذا الطلب الاسرائيلي ، ولم يبد واضحا بعد التطورات الاخيرة، في التصريحات الفلسطينية عن مرجعية الشرعية الدولية ان قضية التبادل لم تعد متفق عليها .

أعتقد اننا في هذه المرحلة الجديدة كفلسطينيين بحاجة الى دراسة عميقة لكل مرحلة المفاوضات والاستفادة من كل ما حصل فيها وذلك للتحضير لما هو قادم ، وهنا اكرر ان علم المفاوضات يقول بضرورة تغيير المفاوض بين الحين والاخر بغض النظر عن كفاءته ، وعليه فنحن بحاجة الى طاقم جديد .

بالعودة الى تبادل الاراضي ، اسرائيل ادعت انها بحاجة للتبادل لاسباب امنية !، وهنا جاءت موافقة الطرف الفلسطيني تحمل خطأ مزدوجا الاول لم تناقش ما هي هذه الاخطار وهل التبادل هو الحل ؟! ، وهذا ما ناقشه التقرير الاسرائيلي المذكور اعلاه ، والثاني ماذا عن امن الدولة الفلسطينية خاصة وان الحديث يدور عن دولة منزوعة السلاح ، ما الضمانات المطلوبة لأمنها ، لم يطلب المفاوض ذلك ، مع ان المنطق ان الطرف الاضعف عسكريا هو من بحاجة لضمانات امنية .

السبب الحقيقي للطلب الاسرائيلي هو التوسع الاستيطاني وليس الامن .

اسرائيل تدعي انها بحاجة للتبادل لتأمين عمق جغرافي للدفاع عن امن مواطنيها المدنيين ، وفي نفس الوقت تريد ابقاء مستوطنين (مدنيين) في هذه الاراضي (هذا العمق الجغرافي) ولم اسمع من يناقشها في هذا التناقض الواضح لا من الاطراف الدولية ولا حتى الطرف الفلسطيني ، الى ان جاء هذا التقرير الاسرائيلي الذي نص على انه لا يوجد خطر امني على اسرائيل لا في المستقبل القريب ولا في البعيد يمكن حله عن طريق التبادل ورغم ان التقرير يناقش موضوع الاراضي في غرب الضفة الا ان استنتاجاته تنسحب على كل التبادلات المطروحة .

التقرير يقول : (المخاطر التي ستضطر اسرائيل الى مواجهتها (اذا حصلت) تنحصر في مجالين ، مواجهة في مجال يقع تحت او دون الحرب النظامية الكلاسيكية اي في مجال حرب العصابات والارهاب ، والمجال الثاني خوض حرب ضد اسرائيل بادوات واسلحة استراتيجية خاصة الصواريخ البالستية واسلحة الدمار الشامل ).

ويخلص التقرير الى ان التبادل ليس هو الحل وانه لا يضمن الامن لاسرائيل ، بل اكثر من ذلك يقول ان الرزمة الامنية التي تشمل المكونات السياسية للاتفاق (اتفاق دولتين على حدود 67) وترتيبات الامن والعلاقات الاستراتيجية التي ستنشأ مع الجوار بعد توقيع الاتفاق بالاضافة الى ما سيوفره من شرعية دولية سيجعل الوضع الامني لاسرائيل افضل مما هو عليه الان ، اذا التقرير ينسف كليا الزيف الاسرائيلي بان التبادل لاسباب امنية ، مع انه لا يناقش مسألة المستوطنات وبقاء بعضها كونها السبب الحقيقي وراء موقف اسرائيل ،

واكثر من ذلك فان التقرير يفصل في سياق نسفه للحجة الاسرائيلية ، (ان تحريك او زحزحة حدود اسرائيل لا يشكل حلا حتى لو كان الحديث يدور عن مشكلات موضعية مثل مسألة حماية مطار بن غوريون) ، ( ان استخدام مصطلح عمق استراتيجي فيما يتعلق بمنطقتي غور الاردن وغربي الضفة هو ضرب من السخرية والاستهزاء )، ( ان العلاقة مع الاردن تعني ان حدود اسرائيل الامنية ليست نهر الاردن وانما حدود الاردن مع العراق) ، (ان الجيش الاسرائيلي يمتلك قدرة متنامية على تدمير قوات الاسناد التي ستدخل الاراضي الاردنية قبل وقت طويل من وصولها الى خط نهر الاردن بالاضافة الى ذلك باستطاعة الجيش الاسرائيلي في وضع طاريء استغلال الطرق المؤدية الى غور الاردن من الشمال والجنوب ) .

هل سيتنبه المفاوض الفلسطيني الى ما جاء في هذا التقرير في المفاوضات المستقبلية .

هنا لا بد ايضا من محاججة ما قاله نتنياهو في خطابه امام الامم المتحدة (الخطاب الذي سد النقص الذي احدثه غياب القذافي حيث تحدث نتنياهو مثل القذافي في العام الماضي في توجيه الاهانات لكل اعضاء الجمعية العامة) ، قال نتنياهو ان الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تزال تحتفظ بقواعد عسكرية في اليابان ، وغيرها من الامثلة ، هل يقصد، هذا اذا اراد ان لا يناقض نفسه ، انه سيفرغ كل المستوطنات ويحتفظ بقواعد عسكرية من اجل الامن ، بالتأكيد هو لا يقصد ذلك بل يريد ابقاء المستوطنات . هل ناقش المفاوض الفلسطيني حين بدأ النقاش حول التبادل بانه لا يجوز المطالبة باراضي خارج اسرائيل لضمان امن سكان اسرائيل المدنيين وفي نفس الوقت المطالبة بالابقاء على سكان اسرائيليين في هذه الاراضي .

وبعد نسف هذا الادعاء الاسرائيلي لن يبقى اساس لمطالبتهم ببقاء تجمعات استيطانية التي هي اصلا جريمة حرب حسب القانون الدولي .

وفي الجانب الاخر اي الضمانات الامنية لدولة فلسطين هل يقوم طاقم التفاوض بتحضير رزمة مطالب فلسطينية من مختلف الانواع للمطالبة بها في اي حل قادم ، خاصة وان هناك قلق حقيقي وليس مزيفا مثل الاسرائيلي ، تجاه ضمان امن الدولة الفلسطينية .

http://www.miftah.org