'ركاب الحرية' في مواجهة الدولة العنصرية
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/11/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13186

في مبادرة ضمن المقاومة السلمية، حاول 6 نشطاء فلسطينيين (خمسة رجال وامرأة) استقلال الحافلات المخصصة للمستوطنين على طريق القدس رغم كل المخاطر التي تحف مثل هذه المحاولة، بهدف التنديد بسياسة الفصل العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ودعوة منهم لمقاطعة الشركات التي تتعامل مع المستوطنات، ولنقل رسالة لدول العالم حول ما يعانيه المواطنون الفلسطينيون في ظل الاحتلال، وذلك حسبما أشارات هويدا عراف وهي ناشطة فلسطينية ضمن المجموعة.

الناشطون ارتدوا الكوفية الفلسطينية، وارتدوا قمصاناً كُتب عليها "حرية" و"عدالة"، ورفعوا لافتات تنادي ب"الحرية لفلسطين"، وتوجهوا إلى مواقف الحافلات في عدد من المستوطنات المجاورة لرام الله مثل "بساغوت" و"كوخاف يائير"، ورفضت الكثير من الحافلات أن تقلهم، إلى أن أقلتهم إحداها التي كانت خارجة من إحدى المستوطنات وتحمل مستوطنين إسرائيليين، ورغم ذلك رفعوا العلم الفلسطيني داخلها ، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي أحاط الحافلة وأوعز لقواته بملاحقتها وكأنها قنبلة موقوتة، رغم تأكده من أن المتظاهرين لا يحملون أي نوع من أنواع الأسلحة، حتى وصلت إلى حاجز حزمة الذي يؤدي إلى مدينة القدس، وكان العشرات من الشرطة والقوات الإسرائيلية في انتظارهم، حيث اقتادوهم بعدها إلى مراكز الاعتقال بعد رفضهم النزول من الحافلة كما أشارت المصادر.

وبالتالي فإن جيش الاحتلال منعهم من مواصلة مسيرتهم نحو القدس، حتى لا يؤسس لقاعدة لمثل هذه المبادرات، التي لها من الأهمية بمكان حيث أنها قادرة على تسليط الضوء على نظام الفصل العنصري الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، الممنوعين من حرية التحرك في أراضيهم التي انتزعت منهم وأُقيمت عليها المستوطنات، وفي شوارعهم التي اقتصر السير فيها على الإسرائيليين، الذين يُعاملون وكأنهم بشر فوق القانون، وهي مبادرة أربكت الإسرائيليين وعناصر جيشهم الذين أدركوا أن أي تصرف أحمق للرد على مثل هذه المبادرة لن يكون في صالحهم، وهم في غنى عنه بعدما ظهرت صورتهم الحقيقة للعالم أجمع، وتكشف زيف دولتهم المزعومة، وخاصة أمام أعين وكاميرات الصحفيين الذين كان عددهم بالمناسبة أكثر من عدد المتظاهرين الستة أنفسهم.

هذه المبادرة المستوحاة من مبادرة "ركاب الحرية" الأميركيين في الستينات الذين كانوا يحتجون على التمييز العنصري في جنوب الولايات المتحدة، وعلى نمط مبادرات أخرى تحدت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، هي نوع المبادرات التي نحتاجها في سبيل إظهار الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال وفضح ممارساتها العنصرية وفرض مزيد من العزلة الدولية تجاهها، ومن أجل محاربة نظام الأبرتايد الإسرائيلي والتعسفي والقهري الذي اغتصب الأرض الفلسطينية، ومن ثم منع أهلها من التحرك بحرية وهو الحق الذي كفلته الأعراف والقوانين الدولية، فهو الذي أفرد الشوارع الخاصة لحركة مستوطنيه في الضفة، وكذلك المسارات التي خصصت لسير المستوطنين على الحواجز، والتي يمنع من سلوكها حتى فلسطينيو الداخل 48، بينما يسلك الفلسطينيين مسارات أخرى ويتعرضون لأسوء أنواع الإهانة والتفتيش المذل.

وحتى تدرك دولة الاحتلال الإسرائيلي أنها ستضطر لدفع ضريبة احتلالها، لابد من تكثيف مثل هذه المبادرات السلمية، وتعزيز ثقافة المقاومة الشعبية حتى تعي إسرائيل أن احتلالها سيكلفها الكثير ما لم تغير وتبدل من تصرفاتها وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني، وتدرك أنه شعب حر وله حقوق إنسانية كباقي شعوب العالم، وسيستمر في نضاله حتى نيل حريته، لذا لابد من اجتراح مزيد من الأساليب الجديدة في إطار المقاومة السلمية حتى زوال هذا النظام العنصري وزوال الاحتلال.

http://www.miftah.org