تقرير للجامعة العربية يرصد الوضع الاقتصادي في فلسطين في العام 2011
بقلم: مفتاح
2012/1/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13404

أصدرت الجامعة العربية تقريراً صادراً عن قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، بعنوان: 'الاقتصاد الفلسطيني في تقارير المؤسسات المالية والإنمائية الدولية – 2011 ' طموح فلسطيني للاستقلال وممارسات إسرائيلية لتعميق الاحتلال'، والذي أعده الدكتور نواف أبو شمالة، الخبير بالشؤون الاقتصادية الفلسطينية –الإسرائيلية في قطاع فلسطين بالجامعة العربية.

خلص التقرير الاقتصادي إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية رغم الاحتلال وقيوده ومعيقاته، إلا أنها قطعت شوطاً واضحاً في محاربة الفساد والسير في طريق إقامة مؤسسات الدولة.

وأبرز أبو شمالة خلاصات التقارير الاقتصادية والمالية الصادرة عن المؤسسات المالية والإنمائية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية اونكتاد، وهي التقارير المعنية بتحليل أوضاع ومتغيرات الاقتصاد الفلسطيني وكذلك معوقات الأداء وتحديات الإنجاز، والتي رصدت استمرار الترسيخ الإسرائيلي لسياساته وممارساته التقييدية التي تهدف في مجموعها إلى إعاقة مسار التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال استمرار الاستيلاء والسيطرة على نحو 60% من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونحو 85% من الموارد المائية الفلسطينية، مع مواصلة الحصار لنحو 1.5 مليون مواطن فلسطيني في قطاع غزة، ومنع وصول المزارعين لنحو 35% من أراضي القطاع الزراعية، وكذلك منع وصول الصيادين لنحو 85% من الحيز البحري للقطاع، إضافة للإغلاق وقطع التواصل الجغرافي بين الأراضي الفلسطينية، وتقييد حرية الحركة لنحو 2.4 مليون فلسطيني في الضفة الغربية.

وذكر أبو شماله في تقريره بأن التقرير الصادر عن البنك الدولي في آذار 2011 قد تعرض للأزمة العميقة التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني على مدى الأحد عشر عاماً التي تلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية (أيلول 2000)، وما واكب ذلك من عواقب وتبعات لاسيما ما يتعلق بممارسات إسرائيل لسياسات الإغلاق والتقييد لحركة وتنقل الفلسطينيين والبضائع، وإمكانية الوصول الفلسطيني للخدمات، وقد توصل التقرير إلى الحقائق التالية:-

- تراجع الأهمية النسبية للقطاع الصناعي والإنشائي في الاقتصاد الفلسطيني، وانخفاض حصة هذين القطاعين في التشغيل، نتيجة للقيود والإعاقات الإسرائيلية لحركة السلع والأفراد، لحساب تزايد الأهمية النسبية للقطاع الحكومي والإدارة العامة في الاقتصاد وتزايد نسبة مساهمته في التشغيل، وهو اتجاه مقلق حيث أن استمرار وتزايد الاستثمار في الصحة والتعليم سيكون محدود الأثر ما لم يكن هناك استثمار موسع ومتزايد في القطاع الخاص، يضمن خلق فرص العمل والتشغيل في المجتمع الفلسطيني.

- المعاناة الشديدة لأبناء قطاع غزة نتيجة الحصار الكامل الذي فرضته إسرائيل على القطاع منذ منتصف العام 2007 حتى بات القطاع معزولاً عن العالم ولا يعمل خارجه أي من أبناءه تقريباً، مما أدى لتفشي البطالة والفقر وتردي معدلات الأجور إلى معدلات غير مسبوقة.

- تراجع الأجر الحقيقي للعامل الفلسطيني بما نسبته (10–30%) حسب المستوى التعليمي للعامل، حيث كان الانخفاض الأكبر من نصيب العمالة الأقل تعليماً (لاسيما الشريحة التي كانت تلتحق بسوق العمل الإسرائيلي) ذات المهارات المتدنية، هذا إضافة إلى الانخفاض النسبي للأجور في القطاع الخاص وهي المعطيات التي تفسر تلقائياً ارتفاع معدلات الفقر والاعتماد على المساعدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

- رصد وجود درجة من التكيف لحركة العمال والأشخاص في مواجهة الإغلاقات والقيود الإسرائيلية أعلى نسبيا من تكيف حركة السلع والبضائع.

- التأكيد أن نمو القطاع الخاص هو القائد للنمو والتشغيل ونمو الأجور، وعلى أهمية الاستثمار البشري وتطوير المهارات ريثما تنتهي حالة الغموض السياسي وترفع الحواجز الإسرائيلية المفروضة على الحركة والتنقل في الاقتصاد الفلسطيني، مع ضرورة إيلاء أهمية أكبر لدعم القطاعات الأكثر قدرة على خلق فرص العمل.

وأوضح التقرير أن البنك الدولي قد أصدر تقريراً في أيار ٢٠١١ سلط جل اهتمامه على جهد السلطة الفلسطينية في مجال الإصلاح، وما يتضمنه ذلك من تقوية الحكم ومكافحة الفساد، حيث توصل التقرير لقيام السلطة الوطنية باتخاذ خطوات كبيرة ومهمة على مدى السنوات العشر الماضية في مجال الإصلاحات، كما أشار إلى أن هناك إلحاح لاستكمال بعض الإصلاحات غير المنجزة في بعض المجالات، وكذلك ضرورة التحرك للبدء الفوري في انجاز إصلاحات أخرى لم يتم الشروع فيها بعد، وفيما يلي عرض لأهم ما رصده هذا التقرير الذي حظي باهتمام كبير من المتابعين والمعنيين بـ 'تحسين الحكم الاقتصادي والحد من الفساد' في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأكد التقرير وجود خطوات جوهرية إصلاحية هامة للسلطة الوطنية في مجال مكافحة الفساد من خلال توحيد القوانين القائمة وتقوية الإطار القانوني الخاص بمكافحة الفساد بما في ذلك قانون الكسب غير المشروع للعام 2005 وقانون مكافحة غسل الأموال للعام 2007 وإقرار قانون مكافحة الفساد للعام 2010، والذي تأسست بموجبه هيئة مكافحة الفساد ومحكمة جرائم الفساد، والذي اتسم بتوسعه في دائرة الجرائم التي تعرف على أنها فساد، إلا أنه يجب التحذير من تعدد المستويات المنوطة بتلك الهيئة (فهي مسئولة مسئولية شرطية وتنظيمية وتنسيقية وكذلك مسئولة عن توفير المشورة للسياسات)، وهو التعدد الذي قد يحد كثيراً من فعالية هذه الهيئة، كما أشار التقرير إلى ضرورة ترتيب أولويات عمل هذه الهيئة بشكل دقيق فتفويضها الواسع يجعلها عرضة للاضطلاع بمهام كثيرة بشكل متسرع كما يجب توفير آليات لمراقبة عمل هذه الهيئة.

و تعرض التقرير لما شهده النصف الأول من عام 2011 من تراجع مستوى المساعدات الدولية، وتعطيل إسرائيل تحويل إيرادات المقاصة للسلطة الفلسطينية (لمرتين خلال العام)، وما سببه من تراجع في قدرة السلطة الفلسطينية على الإيفاء بالتزاماتها تجاه العاملين فيها البالغ عددهم نحو 160 ألف عامل يتولون إعالة نحو 25% من الشعب الفلسطيني، وكذلك تراجع قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه القطاع الخاص (الموردين)، هذا إضافة لتوقع انخفاض مستوى المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية في الفترة القادمة(نتيجة الأوضاع المالية الدولية غير المواتية)، ما يفرض على السلطة بذل المزيد من الجهود لإدارة تلك الأوضاع الصعبة، ليؤكد التقرير على الاعتماد المتبادل لكل من بناء المؤسسات والنمو الاقتصادي المستدام ودورهما معاً في إرساء الأسس الاقتصادية لدولة فلسطينية في المستقبل.

وذكر تقرير الجامعة العربية أن صندوق النقد الدولي رصد في تقريره (أيار 2011) اقتران التراجع الاقتصادي فترة ما بعد تسليم السلطة الفلسطينية لمهامها عام 1994 بتراجع المستوى التكنولوجي بنحو 0.5% عام 2010 مقارنة بمستواها عام 1994 وذلك بالنسبة إلى الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، وطبقا لتقديرات الصندوق فانه لو استمر نمو الإنتاجية الكلية بذات المعدلات التي كانت تسود الأراضي الفلسطينية قبل عام 1994، لحقق متوسط نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج الحقيقي نمواً بنحو 88% من المستوى المتحقق عام 2010!!

وقال التقرير: ورغم هذا التحسن إلا أن هناك مؤشرات أخرى تؤكد استمرار 'هشاشة' الوضع المالي حيث بلغت نسبة العجز لإجمالي الموازنة 42% تمت تغطيته من المعونات الخارجية وتم تغطية الجزء المتبقي من اللجوء للاقتراض من السوق المحلي حيث ارتفع الدين الداخلي لتبلغ نسبته 11% من الناتج المحلي الإجمالي، كذلك فإن هدف السلطة الوطنية خفض عجز الموازنة إلى 4% طبقاً للخطة الفلسطينية 2011 – 2013 أمر صعب ما لم يتم رفع القيود والحواجز الإسرائيلية على الحركة، ويتم تأمين الوصول الفلسطيني لكافة الموارد الطبيعية بأسلوب يمهد لانتعاش القطاع الخاص.

وأكد الخبير أبو شمالة أنه في ضوء نتائج التقارير الدولية يخلص إلى تمكن السلطة الوطنية الفلسطينية وبمساعدة المانحين الدوليين وخبرات المؤسسات الإنمائية الدولية، من إنجاز جزء كبير من البناء المؤسسي القادر على الاضطلاع بمهام وأعباء قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، مع الحاجة لاستكمال تلك الإصلاحات في قطاعات محددة.

بالإضافة على غير ما سبق من نتائج ومؤشرات.

http://www.miftah.org