العدوان الإسرائيلي على غزة..ودور الإعلام الفلسطيني
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2012/3/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13559

التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي لا يمكن وصفه بأقل من كونه دموي، والذي بدأه جيش الاحتلال مساء الجمعة 9/3/2012 واستمر خلال اليومين الماضين ليسقط فيه حتى الآن 20 شهيداً وأكثر من 70 جريحاً، عقب سلسلة غارات جوية أدت إلى استشهاد شابين وإصابة العشرات بجروح صباح اليوم الإثنين، وما يقارب نصف الجرحى هم من الأطفال والنساء، وصفت 7 حالات منهم بالخطيرة والبقية بين طفيفة ومتوسطة، حسبما ذكرت المصادر اليوم، يأتي في سياق السياسة العدوانية الممنهجة ضد كل الفلسطينيين وضد قطاع غزة وأبنائه بالتحديد، رغم أن الجهات الإسرائيلية تتذرع بأنه ردٌ على إطلاق الصواريخ القادم من القطاع، فيما أنها جاءت رداً على عدوانها الأخير هذا الذي استهدفت فيه قيادات فلسطينية من قادة لجان المقاومة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي، وكعادتها فدولة الاحتلال الإسرائيلي لا تأبه بوجود أطفال أو نساء أو كبار في السن في مواقع استهدافها، فيسقط هؤلاء الأبرياء ضحية عدوان مجرم لا يعير بالاً لأية أعراف أو قوانين دولية تلزمه بحماية المدنين والأطفال الذين يعيشون تحت الاحتلال الذي تمارسه.

كما أن هذا العدوان يأتي في سياق قطع الطريق على أي جهود لتنفيذ المصالحة، وإنجاز الوحدة الوطنية، وتشتيت الجبهة الداخلية وقياس مدى قدرتها على المواجهة ومعرفة ما طورته فصائل المقاومة في غزة من أسلحة.

إن آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية لا تدخر آلتها المتطورة في استهداف الفلسطينيين، الذين بدورهم يردون بإطلاق صورايخ لا تعادل في قوتها ولا حتى في مفعولها آلة الحرب الإسرائيلية، ولكن الإعلام الإسرائيلي وتمشياً مع السياسة الإسرائيلية التي تقلب الأمور في كل مرة، لتظهر هي بصورة الضحية ويظهر الفلسطيني كالجلاد بصواريخه البدائية مقارنة بما يمتلكه جيش الاحتلال، ومن ثم تقوم بتضخيم الحدث وتبهيره وتهويله، وترويجه للعالم، لجلب استعطافه ودر شفقته عليهم، وهذا ما ظهر جلياً في ما أوردته الصحف الإسرائيلية أمس الأحد بتوسع ومبالغة على صفحاتها "مليون إسرائيلي قضوا عطلة عيد المساخر تحت الملاجئ وفي المناطق المحصنة خوفاً من قصف الصواريخ الفلسطينية وحالة التأهب والاستنفار شملت وسط إسرائيل"، كما أشارت الصحف العبرية إلى أن جنوب إسرائيل تعرض ل 120 صاروخ فلسطيني منذ تجدد القصف عقب اغتيال قائد لجان المقاومة الشعبية، وأوضحت أن ثمانية أشخاص أصيبوا في جنوب إسرائيل أحدهم بجروح بالغة، حسبما نقلت عنها المصادر الإخبارية.

لكن المثير للغرابة أن الصحف الفلسطينية اليوم نقلت هذه التغطية الإسرائيلية كما هي مع إضافة لصورة أفراد وأطفال داخل أحد الأنابيب الأسمنتية أو أنابيب الصرف الصحي في الشارع كما أوردت في التعليق على الصورة وعلى صفحاتها الأولى، لكن ما لفت نظري أن تلك الأنابيب مجهزة بكراسي خشبي، ليتضح أنها ملاجئ للمارة في الشوارع، وهذه معلومات خاطئة تعطى للقارئ الفلسطيني وتصور له أن الرعب الذي أصاب الإسرائيليين كان لدرجة اختبائهم في أنابيب الصرف الصحي، وقد أوردت الصحف الأخبار نقلاً عن الصحف العبرية دون أي تحليل أو ذكر أنها مبالغ فيها وما هي إلا حملة بروبجندا لاستعطاف الرأي العالمي، ربما في محاولة لإقناع الشارع الفلسطيني "أنهم يألمون كما نألم"، وأن صواريخنا وإن لم تقتلهم فهي تثير الرعب فيهم، أو ربما لرفع معنويات الشعب الفلسطيني الذي يشيع جثمانين شهدائه منذ أربعة أيام، وإن كان هذا جائزا ًلكنه لا يجب ان يكون تصويراً لحرب بين طرفين، لأنهما غير متكافئي القوى.

لابد من إدراك اللعبة الإعلامية التي تلعبها إسرائيل، ومن ثم مواجهتها بالمثل، حتى يتسنى لنا كشف جرمها وفضح ممارساتها للعالم، الذي تقنعه من خلال منظومتها الإعلامية أنها هي البريئة والمضطهدة، وأنا نحن الإرهابيون، فيما تمارس في الظل أسوء وأبشع الجرائم الإنسانية والأخلاقية.

إن قطاع غزة يعاني من ويلات الاحتلال الواحدة تلو الأخرى، وهو الذي لم تنتهي أزمته في الكهرباء المقطوعة، وإن كانت أشد وطأة من دوي المدافع والصواريخ التي تسقط على مساكنه وشوارعه وتستهدف أبناءه، وهو ما زال بانتظار أن تتشكل وحدة وطنية قادرة على التصدي ومواجهة الاحتلال وكشف إجرامه والدعوة لمحاسبته في المحاكم الدولية، وهذا لا ينطبق على القطاع وحده، فمصادرة الأراضي في الضفة الغربية وتهويد القدس، وملف الأسرى، كلها جبهات بحاجة لاستراتجيات وسياسات قادرة على مواجهة السياسة الإسرائيلية التي تحارب كل ما هو فلسطيني، أمام أعين المجتمع الدولي الذي بات واضحاً أنه عاجز عن حماية المدنيين في أي مكان. فإلى متى سيظل الشعب الفلسطيني يدفع فاتورة الاحتلال والانقسام، دون أي تدخل عربي أو دولي لإنقاذه.

http://www.miftah.org