دولة الكذب
بقلم: خالد معالي
2012/6/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13835

ما أكثر أكاذيب دولة الاحتلال، من صغيرها حتى كبيرها؛ من مستوطنيها الذين يعيثون فسادا وتخريبا وحرقا في الضفة الغربية زاعمين بأنها ارض الميعاد، وأنهم شعب الله المختار، مرورا بالسجانين الذين يسومون الأسرى سوء العذاب زاعمين أنهم يطبقون القانون، ولو أتيح للعدالة أن تأخذ مجراها لحوكموا كمجرمي حرب، وحتى قمة هرم الاحتلال ب"نتنياهو" الذي يحترف الكذب بدرجة امتياز مع درجة القرف.

"نتنياهو" – كبيرهم الذي علمهم السحر – يكذب صباح مساء دون خجل أو وجل، وهو ما يؤكده كتاب الاحتلال أنفسهم، وهذا ليس بالأمر الجديد؛ ولكن ان يصل به الكذب لصحيفة "بيلد" الألمانية بان أحاسيسه المرهفة ومشاعره الجياشة، ودموع زوجته ساره، ذات المعاني الإنسانية الرحيمة؛ هي من جعلته يسمع كلام زوجته بالخضوع لشروط حركة حماس في صفقة الأسرى، فهذا لا ينطلي على احد.

صحيفة "نيويورك تايمز" جارت "نتنياهو" في أكاذيبه ونشرت تقريرا حول تأثير سارة على قرارات زوجها وبالتالي سياسات دولة الاحتلال، وهذا من الكذب البواح المباح لديهم؛ فالكل يعلم أن اتخاذ القرارات في دولة الاحتلال تتخذ بتسلل وتدرج وتراتبية ومسائلة ومحاسبة دقيقة وحساسة، ضمن الخطوط العريضة لمصلحة الدولة، وليس على شاكلة الأنظمة العربية المستبدة ذات الزعيم الواحد الملهم الفذ، الذي انقطع وصفه وقل مثيله.

من كذب "نتنياهو"؛ هو تباكيه على السوريين والمجازر التي تحصل فيها، وذرفه دموع التماسيح الغزيرة؛ في الوقت الذي قتل فيه جيشه 400 طفل في عدوانه على غزة أواخر عام 2008 وبداية عام 2009، وقتل متضامنين أتراك مسالمين على سفينة مرمرة، وما زال جيشه المدجج بأحدث الأسلحة يروع ويرهب الأطفال والنساء في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال حملات الاعتقال اليومية المستمرة.

يؤكد علماء النفس أن الكذب يعمل على اضطراب عمل وأداء أعضاء الجسم، وهنا كذب "نتنياهو" ومعه قيادات وزعماء دولة الاحتلال يعمل على اضطراب دولة الاحتلال التي باتت تتخبط في الفترة الأخيرة لعوامل كثيرة أهمها الربيع العربي.

من أكاذيب دولة الاحتلال المكررة زعم "نتنياهو" حرصه على صنع السلام؛ في الوقت الذي يتعهد فيه بمواصلة البناء الاستيطاني، وتهجير أصحاب الأرض الشرعيين وطردهم وتهويد القدس المحتلة، ولم تفلح مفاوضات عشرين عاما في إقامة دولة فلسطينية؛ بل في تقسيم الضفة وتهويد القدس، وصار الشعب أسير الراتب الشهري.

انطلت على العرب والفلسطينيين مقولة جيش الاحتلال الذي لا يقهر لسنيين خاصة بعد حرب 67 "النكسة"؛ ولكن أتت المقاومة اللبنانية عام 2006 لتكشف الكذبة الكبرى، ولحقت بها المقاومة في غزة في حرب الكوانين، وقد تنهي الحرب المقبلة دولة الاحتلال من جذورها ومعها أكاذيبها وفنونها في الحرب النفسية المتواصلة.

علميا من يسير على هدى وخطط وبرامج حقيقية تتماشى مع نواميس الكون، دون ظلم؛ لا يخشى الآخرين ولا يقلق، وهو ما تفتقده دولة الاحتلال الظالمة؛ وبالتالي لا مفر لها من الكذب وامتهانه، ظنا من عندها أن كذبها قد يطيل من عمرها لبضع سنين، وما هو بحاصل مهما أوجدت واخترعت من فنون المكر والدهاء والكذب.

http://www.miftah.org