موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية تفتقد تحسسها بقضايا النوع الاجتماعي
بقلم: مفتاح
2012/9/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14143

نظام الموازنة بعيد عن موازنات تنموية مستدامة ومستجيبة لحقوق الفئات المهشمة لكلا الجنسين

دليل الموازنة المستجيبة توضيح شامل ما هدف تحليل "حياة ومرأة" بأعدادها "28 أيار و4 حزيران"

ملخص دراسة

أرادت مؤسسة المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطي "مفتاح" ومن خلال دليل إعداد موازنة مستجيبة للنوع الاجتماعي 2012 أن تحقق موازنة مستجيبة للنوع الاجتماعي لدى السلطة الفلسطينية في ظل الظروف والمعطيات والإمكانيات المتوفرة للسلطة، ولكي تساهم في تحقيق تخطيط وإعداد موازنات أكثر فاعلية ونجاعة لهذه الإمكانات والمصادر المتوفرة، وأن يكون ميسر للعمل ويفتح آفاقا لفهم أوسع للموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي بمعنى الأدوات والقضايا التي يجب أن تتوافر لإعداد الموازنة وليس نموذجا للتطبيق الحرفي. لأن الموازنة لها ظروفها وأوضاعها وإمكانياتها المختلفة لكل وزارة على حده وبالتالي فالنموذج لا يمكن أن يستنسخ بل أن يشكل حالة معرفية تنورية يمكن الاستعانة بها لفهم المطلوب لكل وزارة على حده.

إن هذه المشاكل البنيوية والفنية في نظام الموازنة الفلسطيني لا تستطيع أن توصلنا إلى موازنات تنموية ومستجيبة لحقوق ومصالح الفئات المهشمة وفي مقدمتها النساء والرجال. إن المنهج التقليدي لإعداد الموازنات وتنفيذها لا يقيم وزنا يذكر للفوارق القائمة بين النساء والرجال من الحقوق والاحتياجات والمسؤوليات والإمكانيات. وعليه فان هذا المنهج يظهر وكأنه محايد تجاه النوع الاجتماعي وقد اكسبه ذلك خاصية باقي النماذج الاقتصادية التي تفترض تماثل احتياجات جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن مواقعهم الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي فهي تتجاهل أي فوارق بين الرجال والنساء.

فقد جاءت الموازنة من منظور النوع الاجتماعي لكي تحتل تأثير على القرارات والإجراءات التي تعتمدها الموازنة العامة على كل من الرجال والنساء في مراحل العمر المختلفة والفئات الاجتماعية المختلفة والتوزيع الجغرافي في مناطق الدولة المختلفة، ولكي تعيد بناء الموازنة العامة آخذة بالاعتبار احتياجات النوع الاجتماعي.

إن تشخيص الفجوة بين السياسات المعلنة والموارد التي يتم تخصيصها لتنفيذ المشاريع والمخطط التنموي وضمان أن الإيرادات العامة يتم إنفاقها بحيث تراعي العدالة الاجتماعية وبالمساواة حسب النوع الاجتماعي فهي تطرح تساؤلات مشروعة عدة حول مدى تقييم آثار تلك الموازنات على أوضاع المرأة والرجل وظروفها في المجتمع سواء في مرحلة الإعداد أو التنفيذ.

إن النوع الاجتماعي لا يعني النساء والرجال في حالة مناصفة أي 50% رجال و50% نساء بل إن المفهوم يتعدى ذلك جغرافيا والطبقة والإعاقة وكل حسب حاجته والتي تتفاوت فيها النسب من مكان لآخر وحسب طبيعة المشكلة واحتياجات الحل.

موازنة السلطة الفلسطينية

إن الموارد التي تتحكم بها السلطة الوطنية الفلسطينية ضئيلة جدا وربما يكون رأس المال البشري هو واحد من أهم الموارد المتاحة التي إذا وظفت بالشكل الصحيح فإنها ستكون مهمة جدا كمفتاح لتحقيق التنمية الفلسطينية التي طالما انتظرناها.

وحتى يستثمر هذا المورد بالشكل الصحيح فلا بد أن يكون التزام وطني وفعلي بتحقيق التوازن بين الفئات الاجتماعية المختلفة لتعزيز وتمكين مشاركتهم بالفاعلية المرجوة من خلال قراءة ومراجعة جادة لقدرات هذا المجتمع وإمكاناته ومراجعة لآليات بناء خططه وسياساته الاقتصادية والتنموية ومدى اتساع دائرة المشاركة في بناء هذه السياسات وتنفيذها من قبل المجتمع بمختلف فئاته لاعتبار ان مكونات هذا المجتمع هي النواة والوسيلة الوحيدة لقياس مدى التقدم الحاصل على التوجهات نحو عمليات التطور والتنمية المستدامة.

ولعلى إحدى أدوات بناء هذه المؤسسات تتمثل بالموازنة العامة كونها تتضمن دلالات اقتصادية وسياسية واجتماعية متعددة وتتضمن كذلك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أوضاع المجتمع وفئاته وشرائحه المختلفة.

هنالك من يسعى إلى دراسة وتقييم الموازنة من منظور حقوق العمال ومنهم من يحللها من منظور مصالح ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم من يسعى إلى بلورتها بحيث تكون متحسسة للطفل إلا أن معظم التوجهات الشائعة على صعيد العالم تسعى إلى دراسة وتطبيق الموازنة من حيث حساسيتها من منظور النوع الاجتماعي كون الأخير اعم واشمل من الفئات الأخرى، وذلك لأن الموازنات العامة والمستجيبة للنوع الاجتماعي هي إحدى أهم الأدوات الأساسية لسد الفجوات والفوارق بين مجمل الشرائح الاجتماعية المختلفة.

فهذا النوع من الموازنة يطرح تساؤلات عدة جديرة بالاهتمام حول مدى تقييم آثار تلك الموازنات من واقع أهدافها والنتائج التي قادت إليها. وقياس الأثر الذي تخلفه هذه الموازنات على أوضاع المرأة والرجل وظروفهما في هذه المجتمعات سواء في مرحلة الإعداد أو التنفيذ، ولهذا فان عملية إدماج النوع الاجتماعي في السياسة المالية من خلال الموازنات الحكومية هي مقدمة ضرورية ومهمة على طريق إزالة الفوارق بين الرجال والنساء وتهيئة ظروف أفضل للتنمية المستدامة.

لذلك يهدف الدليل إلى مساعدة صناع القرار وذوي العلاقة من مؤسسات حكومية وغير حكومية التعرف بشكل إجرائي على الطرق والخطوات التي من شأنها أن توصلنا إلى هيكل موازنة متحسسة لقضايا النوع الاجتماعي.

ما زالت موازنتنا الأخيرة تعاني من نفس المشاكل التنموية التي عانت منها الموازنات السابقة، هذا دون إغفال بعض النجاح الذي تحقق في بعض الجوانب وما زالت كسابقاتها موازنة بنود وفي طور التحول نحو موازنة برامج ومشاريع وما زالت تواجه صعوبات في طريق التحول نحو موازنة برامج ومشاريع، وما زالت غير مرتبطة بشكل واضح بالخطط التنموية للسلطة فالأرقام المتوفرة لدينا في مشروع الموازنة الفلسطيني تساعدنا فقد لمعرفة معدلات الزيادة أو النقصان إلا أن هذه الأرقام والمعدلات قد تضللنا لمعرفة الحقائق والتفاصيل الخاصة بها.

إن هدف الاستدامة المالية للسلطة يبقى بعيد المنال، وبالتالي تبقى المساعدات الخارجية حيوية حيث ما زالت سياسات الإنفاق مرتبطة بأهداف غير واضحة بعد فالأهم من حجم الإنفاق هو نوعيته ومبرراته وما زالت العدالة الضريبية بحاجة لمزيد من التعزيز، كما غابت المساءلة التشريعية للحكومة بخصوص آرائها المالي.

ماهي الموازنة؟

الموازنة = السياسة المالية للدولة

هي برنامج تخطيطي يعد من سنة إلى أخرى بحيث يعكس التطورات على الأداء المالي الحكومي وعلى الأداء الاقتصادي الكلي من جهة، وترسيخ التوجهات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية من جهة أخرى.

إن الموازنة هي الوثيقة التي يجري فيه تحديد السياسات والبرامج وترجمتها إلى تخصيص للموارد. وبناء على ذلك تهدف الحكومة من خلال وضع الموازنات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية والمميزة تتضمن توزيع الموارد بما يتماشى مع مبدأ الكفاءة، وتوزيع الدخل بما يتماشى مع مبدأ العدالة، ومن اجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

كما أن هنالك أربعة محاور يجب الوقوف عليها وتحديدها لكي يصبح مشروع الموازنة فعالا ومؤثرا من الناحية التنموية من خلال 1- إطار الاقتصاد الكلي من ناحية واقعية وأهداف وتوجهات الموازنة الأساسية، 2- ابرز المخاطر التي يمكن أن تلمسها، 3- تحديد آليات التنفيذ والمتابعة. كما فرعت الموازنة من الناحية التطبيقية على أساس أ- التقسيم الإداري وتتضمن إيرادات جارية عادية ونفقاتها الجارية بالإضافة إلى إيرادات استثنائية ونفقاتها الرأسمالية وتطويرية.

أما على أساس ب- التقسيم الوظيفي والمعتمد على النسبة من الإنفاق العام المخصصة لرأس المال المادي والمقصود هنا الاستثمار بالإضافة إلى النتيجة التحليلية لها ونسبة الإنفاق العام على رأس المال البشري ونسبة الإنفاق المخصص لدعم الاستهلال والمشاريع والنتيجة التحليلية لها.

أهمية الموازنة من منظور النوع الاجتماعي

تنحصر أهمية موازنة النوع الاجتماعي على أساس أنها جسر للفجوات التنموية بين جميع الفئات والطبقات الاجتماعية ودعم المساواة في حقوق المواطنة. وتعزيز العدالة الاجتماعية، وكأحد مؤشرات الحكم الصالح والشفافية والمساءلة، وكإحدى آليات المشاركة المجتمعية في التنمية. إن جسر هذه الفجوات يقود إلى العدالة الاجتماعية وإنما يساهم في عملية تنموية أكثر نجاعة وفاعلية لاستغلال الموارد ولتحقيق أفضل النتائج التنموية.

http://www.miftah.org