توريط الفلسطينيين
بقلم: بركات شلاتوة
2012/11/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14259

للفلسطينيين قضيتهم المركزية التي يجب أن ينشغلوا بها وينأوا بأنفسهم عن أي صراع جانبي يستنزفهم ويشتت جهودهم ويشغلهم عن معركتهم الأساسية مع الاحتلال الصهيوني، لذلك عليهم ألا يستسلموا للمحاولات المستميتة للزج بهم في أتون الصراعات الدائرة في المنطقة، على اعتبار أنهم موزعون على دول الطوق، ولا تخلو دولة عربية من جالية لا بأس بها منهم .

الاحتلال أذاق الفلسطينيين ويلات التهجير والتشرد والضياع والفقر والعوز والحاجة، ما جعلهم يأخذون حقنة مضاعفة من الصبر أعانتهم على مواصلة حياتهم في المهاجر، لكن ذلك لم يغنهم عن الوطن وجعلهم يحملونه في وجدانهم أينما حلوا وارتحلوا . ولم تتوقف نكبة الفلسطينيين عند حد اقتلاعهم من أرضهم بفعل العصابات الصهيونية وتشريدهم في أصقاع الأرض وتركهم في بؤس وشقاء، بل تعدت ذلك إلى محاصرتهم في بعض الدول المضيفة، وحرمانهم من أبسط الحقوق التي تنص عليها الشرائع الدولية، لذا كانوا مادة دسمة للتحريض ضدهم وتأليب النفوس عليهم، ما أسفر عن العديد من التجاوزات والانتهاكات بحقهم وعائلاتهم .

الآن تجري العديد من المحاولات لتوريط الفلسطينيين في الصراع الداخلي الدائر في سوريا، وتوزيعهم ما بين موالاة ومعارضة وتسليحهم حتى يكونوا وقوداً لفصل طويل من الحرب الأهلية الدموية هناك، من دون التفكير في النتائج الكارثية لذلك . من يعمل على هذا السيناريو، إذا ما أضيف له الزج بأقليات أخرى في الصراع، فإنه يعد لسياسة الأرض المحروقة التي تشعل سوريا من أقصاها إلى أقصاها، وتجعلها كتلة ملتهبة تحكمها الصراعات الطائفية والقبلية وحتى الدينية، ما سيجعل من الصعب خفض أوار هذا الصراع، بل سيزيد من تصاعده وتوسعه، وعندها لن يستطيع أحد وقف الصراع الذي سيطول، ثم يتحول إلى النوع الذي يستعصي على الحل .

الأخطر من ذلك أن الأمور ستتطور داخل المخيمات الفلسطينية إلى ما يشبه الحرب الأهلية، لأنه، كما أي مجتمع، سيكون هناك مع وضد، وستنتقل الشرارة إلى مخيمات البلد اللصيق لبنان، حيث غابات البنادق والرؤوس الحامية والأصابع الضاغطة على الزناد، عندها ستحل الكارثة ويغرق الفلسطينيون في دوامة دماء جديدة .

لذلك، فإن المطلوب من الفلسطينيين أن يواصلوا سياسة النأي بالنفس عن أي صراع في أي دولة عربية، وأن يحترموا واجباتهم كضيوف في هذه البلدان، لأن التجارب أثبتت أن الانحياز إلى أي طرف كان، جلب وبالاً عليهم، من خلال عمليات انتقام جماعي وقتل وتشريد ضدهم حولتهم إلى مشردين يبحثون عن مأوى على الحدود بين الدول .

الأهم من ذلك أنه ليس لأي فلسطيني مصلحة في الاستقواء بطرف عربي على آخر، أو الوقوف بجانب جماعة ضد أخرى، لأن قوة العرب من قوتهم وضعفهم من ضعفهم، كما أن استقرار دول “الربيع العربي”سيصب في نهاية المطاف في مصلحة القضية الفلسطينية التي ستعود إلى دائرة الاهتمام مجدداً، بعد أن أصابتها آفة النسيان .

http://www.miftah.org