حق العودة !
بقلم: سميح شبيب
2012/11/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14266

عاد الحديث حول حق العودة وإسقاطه إلى واجهة الأحداث والأخبار مجدداً، بعد أن غاب فترةً غير قصيرة.

الحديث عن إسقاط حق العودة، ظهر بوضوح بعد إبرام الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وقامت "حماس"، وفصائل فلسطينية أخرى مقيمة في دمشق، بإثارة هذا الحديث وعلى نطاق واسع، وتصوير الأمور، وكأن قيادة (م.ت.ف) قامت فعلاً، بإسقاط هذا الحق، الذي لا يسقط بالتقادم، ولا بتغيّر الأحوال السياسية، مهما بلغ شأنها.

خطورة هذا الحديث، لا تكمن في المساس بالقيادة الفلسطينية ولا بزعامة رئيسها في زمني ياسر عرفات ومحمود عباس، وإنما تكمن في المساس بالمفهوم السياسي لحق العودة، وبثقافة الفلسطيني تجاه تحقيق هذا الحق، وهو حق شخصي وتاريخي وقانوني في آن معاً.

يستغل مفتعلو تلك الزوابع الفارغة، عواطف اللاجئين، ويرتكزون إلى مرتكزات عدم الاطلاع الدقيق

على ما تقوم به القيادة الفلسطينية من نشاط سياسي وخاصةً فيما يتعلق بالحفاظ على حق العودة، ومحاولة خلق الممكنات العملية والميدانية، لتحقيق ما يمكن تحقيقه في الظرف الراهن، دون أي إسقاط لحق العودة، لأنه كما ذكرنا حق شخصي وتاريخي وقانوني في آن معاً.

لعلّ أبرز مخاطر تلك الحملات والدعاوى، ما يتمثل في خلق ثقافة شعبية في أوساط الفلسطينيين، وخاصة اللاجئين منهم، بأن "القيادة المتنفّذة" قد باعت هذا الحق، وأن هذا الحق أصبح جزءاً من الماضي، وفي ذلك زرعٌ للإحباط واليأس، وبالتالي العزوف عن العمل، لتحقيق هذا الحق الذي تكفله القوانين والشرائع الدولية كافة.

الحملات الأخيرة بهذا الخصوص، قام بتوظيف مقاطع من فقرات، تم اختيارها واجتزاء بعضها، ومن ثم محاولة توظيفها في سياقات خدمة زرع ثقافة الإحباط واليأس في النفوس، وبالتالي الهروب من خوض المعركة السياسية مع الإسرائيليين، وعنوانها الرئيس نيل الاستقلال الوطني، وإقامة الدولة فوق حدود الرابع من حزيران 1967.

ما قامت به حركة حماس تحديداً، كان يصبّ في هذه القناة دون سواها، وبالتالي ذر الرماد في العيون، وإطلاق القذائف الدخانية، للتستر على مشروع محاولة إقامة كيانية سياسية في غزة، وبالتالي الشروع في تنفيذ الدولة ذات الحدود المؤقتة.

الخطر الحقيقي الذي يهدد حق العودة ويضعفه، هو مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة، وليس غير العضو، والمطالبة بتنفيذ مقررات الشرعية الدولية، ومنها بالطبع القرار 194.

حق العودة، ورغم ما تنصّ عليه مقررات الشرعية الدولية، ورغم التأييد الدولي الواسع له، فإنه بقي في الظل منذ النكبة 1948 وحتى بدايات انطلاق الثورة 1965، وعندما انطلقت الثورة، أصبح اللاجئ فدائياً مقاتلاً، وعادت الآمال بتحقيق حق العودة.. ما قام بإحياء مفهوم حق العودة، هو (م.ت.ف)، بفصائلها كافة، وعندما بدأت حملات "بيع حق العودة" وما إليها، بدأ مفهوم حق العودة بالانحسار والتراجع، خاصةً في الشتات، وغابت فعاليات إحياء هذا المفهوم، بما يقتضيه هذا الإحياء من نشاطات ثقافية وفكرية، خاصةً فيما يتعلق بالفلكلور والتواصل الفلسطيني ـ الفلسطيني، ما بين الشتات والداخل مع فلسطينيي 1948.

على هؤلاء، ممن يخوضون غمار المعارك الوهمية ضد "إسقاط حق العودة"، أن يتساءلوا عمّا فعلوه، للحفاظ على هذا الحق، وبث الثقافة لإحيائه وتطويره والحفاظ عليه؟!

http://www.miftah.org