"حماس" مثل لجان القذافي الثورية
بقلم: حمادة فراعنة
2012/11/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14282

الذين يعتقدون أن الضفة مثل القطاع واهمون، وقراءتهم السياسية عوجاء، لا يرون إلا بعين واحدة، غير مفتوحة على كامل المشهد السياسي الفلسطيني، وتعكس عدم القدرة على تقييم الظروف الحسية لكل مكون من المكونات الفلسطينية المتعددة بتعدد الجغرافيا السياسية، المهيمنة والدالة على إفرازات التنوع السياسي المفروض على الشعب الفلسطيني، الذي تعرض للتبديد والاقتلاع والانتهاء كشعب، ولكنه واصل الحياة، واستعاد حضوره، بفعل عوامل التحدي، والتمسك بالبقاء، وكاد ينجح في وضع نفسه على الخارطة السياسية، بعد الانتفاضة الأولى واتفاق (أوسلو)، وولادة السلطة الوطنية، كمقدمة لقيام الدولة المستقلة، ولكنه عاد وانتكس من جديد، بفعل عوامل ذاتية وفي طليعتها الانقلاب والانقسام وتمزيق الجسم والجغرافيا والسياسة الفلسطينية وحركتها الوطنية.

الفلسطينيون في مناطق الـ 48، غيرهم عن فلسطينيي الضفة والقدس والقطاع، وغيرهم عن فلسطينيي الشتات والمنافي، وحتى أوضاع الفلسطينيين في مناطق 1967، تختلف ظروفهم عن بعضهم البعض، فأهل القدس يعيشون ظروفاً تختلف عن أهل الضفة وكلاهما في القدس والضفة يختلفون عن ظروف أهل القطاع، وهكذا هناك تنوع سياسي يحتاج لقيادة خلاقة وتنظيمات قادرة على لملمة الحالات الفلسطينية المتعددة وجعل فعلها ومصالحها تصب في مجرى واحد، يستهدف التصدي للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وهزيمته وانتزاع حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة: حق المساواة في مناطق 48 وحق الاستقلال في مناطق 67 وحق اللاجئين في العودة.

ما جرى في قطاع غزة، واحتجاج النساء المناضلات "أخوات الرجال" على الانقسام، مطالبين بالوحدة كشعار وحياة وتطلع، وما تعرضن له من ضرب وأذى وبهدلة على أيدي أجهزة حركة حماس القمعية، يقدم صورة تفصيلية للشق الفلسطيني المكرر عن تجارب الأربعة المهزومين: لجان ثورية معمر القذافي وحزب علي عبد الله صالح، وحزب حسني مبارك، وحزب زين العابدين بن علي، فقد حكم هؤلاء شعوبهم بالقمع والادعاء بالوطنية والقومية واستفردوا بالحكم وألغوا الآخر ونكلوا به، وما تفعله "حماس" لا يقل سوءاً عن الأحزاب الأربعة التي حكمت تونس وليبيا ومصر واليمن، إن لم يكن ما تفعله في قطاع غزة أسوأ مما فعلته تلك الأحزاب وقياداتها المهزومة ضد التعددية والديمقراطية وصناديق الاقتراع.

لا يحق لحركة حماس أن تدعي أن ماضيها الجهادي أفضل من ماضي معمر القذافي الذي طهّر ليبيا من القواعد الأميركية، وحسني مبارك قاد مع السادات معركة أكتوبر لتحرير سيناء من الإسرائيليين، وعلي عبد الله صالح وحّد اليمن، وزين العابدين بن علي أبو العصرية والتقدم، ومع ذلك ورغم إنجازاتهم الوطنية ضد الاستعمار والاحتلال، وقعوا في الديكتاتورية والتسلط، ووقفوا بصلابة ضد الآخر وضد الاحتكام لصناديق الاقتراع وضد التعددية والديمقراطية، فهل "حماس" تختلف عن نضالات مبارك والقذافي وبن علي وعلي صالح القديمة، وهل تختلف عن سلوكهم المشين في قمع شعوبهم؟؟.

قد تتباهى "حماس" أنها جاءت بفعل عاملين هما النضال أولاً وصناديق الاقتراع ثانياً، وهذا صحيح، ولكن ألم تأت حركة فتح، أيضاً، بفعل النضال والمبادرات أولاً وبفعل صناديق الاقتراع ثانياً، وما دامت كذلك فلماذا صّوت أغلبية الفلسطينيين لصالح حماس عام 2006 مع أن أغلبيتهم صوتوا لصالح فتح عام 1996، السبب هو الأخطاء وسوء الإدارة، وعلينا أن نتذكر أيضاً أن حماس وصلت إلى السلطة بفعل نزاهة الانتخابات التي أشرفت عليها فتح وأجهزتها وسلّمت بنتائجها.

"حماس" ضد الانتخابات وضد صناديق الاقتراع وضد التعددية، ولذلك فهي نسخة مكررة سيئة عن أحزاب ولجان وإدارات معمر القذافي وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي الذين حكموا تونس وليبيا ومصر واليمن، وها هي حماس تحكم قطاع غزة بالأساليب والأدوات نفسها بل والأسوأ منها جميعاً.

http://www.miftah.org