الى صناعة خشب الزيتون.نحن السابقون وانتم اللاحقون
بقلم: طارق ابو الفيلات
2012/12/6

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14381

عيد الميلاد موسم ينتظره صانعو التذكارات والتحف الشرقية اليدوية بفارغ الصبر كل عام.حيث يتفنن فنيون مهرة في إخراج تحف وتذكارات من خشب الزيتون يخيل إليك أنها تنطق من روعة التصميم ودقة التنفيذ وجمال وأناقة هذه القطع الفنية,

حرفة متوارثة من أجيال لم يبخل عليها أصحابها بجهدهم وعرقهم ومالهم واستثمروا فيها ماضيهم وحاضرهم ورهنوا بها مستقبل أبنائهم.

ومثل صناعة الجلود والأحذية الفلسطينية زفر التنين الصيني في وجهها وقرر إحراق خشب الزيتون وقرر إغلاق الورش والمصانع وهاهي الحمم الصينية المتدفقة تهدد هذه الصناعة وعمالها تماما كما فعلت مع صناعة الجلود والأحذية فنحن السابقون وكل الصناعات الفلسطينية هم اللاحقون.

وهنا أوجه سؤالا لوزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني ان كان يفضل لن نشيع كل صناعة بمفردها ونتقبل فيها العزاء أم يفضل ان نقيم مأتما جماعيا لكل صناعتنا التي يفتك بها الاستيراد واحدة تلو الأخرى,؟؟؟

ربما سيكون من الأوفر والأقل تكلفة ان نقيم مأتما جماعيا لهذه الصناعات خاصة ان معظمها في الرمق الأخير وبعضها مثل الأحذية والنسيج في غرفة الإنعاش وربما نكلف احد المستوردين باستيراد صوان من الصين لننصبه لتلقي العزاء وليكن هذا الصوان من نفس المواد الرخيصة المكررة المعالجة كيميائيا التي تستخدم في صناعة الأحذية الصينية ونريده كذلك ليسبب أكثر قدر ممكن من الإزعاج للمعزين حتى يترحموا على صناعتنا ويلعنوا كل ما صنع في الصين.

ان طمع التجار ووقوف الحكومة موقف المتفرج وترك الاقتصاد الوطني رهينة بيد المستوردين هو الانتحار بعينه وان كان المسئولون في بلادنا يقرون ان هذا النمط هو الأسلم وفيه المصلحة العليا لاقتصادنا فليعلنوا لنا ذلك حتى نكف عن مضايقتهم ونعدهم إننا سنسلم بالمصير المحتوم ولكن ان كنا سنموت فلن نموت صامتين.

عن أي اقتصاد وطني نتحدث وتسعون في المائة مما نتداول في اسواقنا صنع في الصين,وكل دولار يصل اسواقنا يستقر في الصين وكل عامل لدينا يبيت رافعا يديه بالدعاء على الصين ومن يستورد من الصين ومن سمح بتسليم مفاتيح مصانعنا إلى العملاق الصيني الذي ابتلعها ولم يشعر انه ابتلع مصدر رزقنا ومطبخ قوتنا وعباءة سترنا.

فلنسم الأشياء بأسمائها ولنقل الاقتصاد الوطني الصيني فليس من العدل إقحام اسم فلسطين وهي غائبة عن هذه المهزلة, فملابسنا صينية وأحذيتنا صينية ومكاتبنا صينية وغرف نومنا صينية ومصابيح إنارتنا صينية ومقاعدنا صينية وفناجين قهوتنا صينية وأبواب بيوتنا صينية و نوافذنا صينية وخزائن مطبخنا صينية ورفوف متاجرنا صينية وموازين خضارنا صينية وهدايا حجاجنا صينية وهدايا الميلاد المجيد صينية وحلوى أطفالنا صينية وألعاب أطفالنا صينية منشطات شيوخنا صينية ومساحيق تجميل نسائنا صينية وشفرات حلاقاتنا صينية وغسالتنا وثلاجاتنا وهواتفنا صينية بل حتى كوفيتنا أصبحت صينية ولو دققنا النظر في المرآة الصينية في حمامنا ذي البلاط الصيني لربنا رأينا ملامحنا صينية

ففلسطين من كل من كل ذلك براء.

إننا في الصناعات الفلسطينية كهرم منتصب في غرفة مغلقة والطوفان الصيني دخل هذه الغرفة فغرقت القاعدة والماء يرتفع كل يوم فمن لم يغرق اليوم سيغرق غدا ولن تجد بعد حين مصنعا أو ورشة تشغل فيها ابنك ولن تجد قريبا إلا صفوف العاطلين عن العمل نسجل فيها أسماءنا والحبر صيني والورقة صينية.

http://www.miftah.org