الفلسطينيون والانتخابات الإسرائيلية
بقلم: دكتور ناجى صادق شراب
2013/1/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14483

لعل الفلسطينيون أهم أكثر من يتأثروا بما قد تفرزه الإنتخابات الإسرائيلية التي ستجرى بعد أيام قليلة من إئتلاف حكومى كل إستطلاعات الراى في إسرائيل تؤكد على أن اليمين والمتشدد هذه المرة هو الذي سيحكم من جديد ، وان فوز نتانياهو برئاسة هذا الإئتلاف ألأكثر يمينية وتشددا امرا شبه مؤكد. الإئتلاف ألإسرائيلى المتوقع سيكون أكثر تشددا ويمنية لأنه قد يضم أحزابا سياسية وقيادات يمنية أبعد يمينية من نتانياهو نفسه مثل نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودى ، وغيره من قيادات يمينية .

ألإئتلاف المتوقع سيضم اقطاب من اليمين من أقطاب من الجمات الدينية . وبعضهم يطالب بترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية ، وبعضهم يطالب بإحياء فكرة الأردن كوطن بديل ، واخرون يطالبون بالتخلص من الرئيس عباس ولو جسديا مثل ليبرمان الذي يشكل حزبه بيتنا كتلة واحده مع الليكود. ناهيك عن سياسات نتانياهو في فترة حكمه السابقة التي دمرت إمكانية تطبيق حل الدولتين ، والذى يعارض قيام الدولة الفلسطينية علي الأرض. ويستمر في سياسات ألإستيطان ، بل ذهب لشرعنة مستوطنات قائمة ، وألأخطر منح أذونات بناء في المنطقة E1 . والسؤال كيف سيتعامل الفلسطينيون مع الحكومة ألإسرائيلية الجديدة ؟ وباى الخيارات والآليات ؟ قد يذهب البعض للقول أننا قد تعاملنا مع نفس الإئتلاف الحكومى برئاسة نتانياهو على مدار السنوات الأربع الفائتة ، ومع ذلك حصلنا على دولة فلسطينية بصفة مراقب في ألأمم المتحدة ، ويمكن المضى قدما في هذا الطريق طريق الشرعية الدولية والحصول على عضوية فلسطين كاملة في العديد من المنظمات الدولية الوظيفية . بل وأكثر من ذلك الذهاب إلى المحكمة الدولية ومقاضاة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطينى من إنتهاكات لحقوقه ألأساسية التي أقرتها قرارات ألأمم المتحدة في تقرير مصيره على أرضه ، ومقاضاتها بسبب سياساات الإستيطان على ألأرض الفلسطينية ، وتجويع شعب بكامله لحجب ألأموال الفلسطينية لديها . وأن من شأن هذه السياسات أن تفرض عزلة دولية علي إسرائيل أكثر ، وتضع المجتمع الدولى أمام مسؤولياته، ومن ثم إمكانية الضغط علي إسرائيل دوليا لثنيها عما تقوم به من سياسات إستيطانية وإحتلالية ضد الشعب الفلسطينى على أرضه ، وتحول دون قيام الدولة الفلسطينية بالكامل . لاخلاف على أهمية هذه التحركات السياسية على المستوى الدولى ، ولكنها لن تكفى في حد ذاتها لأسباب تتعلق بسياسات الدول نفسها ، وما قد تقوم به إسرائيل والولايات المتحدة من سياسات إحتوائية وضاغطة على السلطة الفلسطينية . إن تشكيل حكومة يمنية متشددة في إسرائيل لا يعنى الركون إلى خيار الإنتظار ، وخيار التسليم بالأمر الواقع ، فهذا الخيار لم يعد قائما وخصوصا بعد قيام الدولة الفلسطينية ، التي لا ينبغى أن تتحول إلى مجرد عضوية رمزية ، ومجرد رقم إضافى في ألأمم المتحدة ، فكما تحاول إسرائيل أن تفرض خياراتها على الفلسطينيين أن يفرضوا خياراتهم مهما كان الثمن السياسى الذي قد يدفعونه نتيجة تفعيل خياراتهم . ولعل من أهم الخيارات التي على الفلسطينيين تفعيلها وبفعالية المقاومة الشعبية والسلمية ، وتوسيع نطاقها علي المستوى الدولى ، بمعنى خلق قوى وتيارات مدنية دولية ضاغطة في دولها ، يمكن أن تمارس دورا مؤثرا لدى صانعى القرار فيها ، ومن ثم إمكانية ممارسة ضغط على إسرائيل. ولا يستقيم أن تفعل الخيارات الفلسطينية وحالة من الإنقسام قائمة ومستمرة ، فلا بد من وضع حد لهذا الإنقسام والإتفاق على رؤية سياسية تتوافق والمرحلة الإنتقالية التي تمر بها المنطقة كلها . وأيضا إدراك أن الخيارات الفلسطينية تحتاج ‘لي دعم عربى لمواجهة الضغوطات المالية الصعبة التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية ، وتحول دون إنهيارها . ولا شك أن الحكومة الإسرائيلية القادمة برئاسة نتانياهو ستفرض على الفلسطينيين مسارات تحركهم السياسى ، فمن غير المقبول الدوران في حلقة مفرغة ، لا بد العمل على تغيير الأوضاع علي أرض الواقع ، وليس الإكتفاء برفض سياسات إسرائيل ، بل يحتاج ألأمر إلى خيارات واقعية وقابلة للتطبيق ، وتوسيع دائرة الإختيار ، ومحاولة ربط ما تقوم به إسرائيل من نسف لحل الدولتين أن ذلك يشكل خطرا على امن وإستقرار المنطقة كلها .

وبعد الوصول إلى قناعة بعدم جدوى التفاوض مع مثل هذه حكومة يمنية متشددة ، فلم يبقى أمام الفلسطينيين إلا خيار الخيارات المفتوحة ، بمعنى الذهاب إلى كل الخيارات المتاحة على المستوى العربى والدولى ، والعودة بالقضية الفلسطينة لأن تكون قضية إهتمام عربى ودولى ، وربطها بالتطورات السياسية على مستوى المنطقة ، وربطها بمصالح الدول المعنية مثل الولايات المتحدة ، بل جعلها قضية داخل إسرائيل ، ولكن الصعوبة في هذه الخيارات تكمن في غياب الرؤية الفلسطينية الواقعية في ظل إنقسام سياسى فلسطينى في الرؤى السياسية ، وفى كيفية إدارة الصراع مع إسرائيل ، وفى كيفية تحويل الدولة الفلسطينية إلى دولة كاملة ، وعليه تتوقف الخيارات الفلسطينية على الإنتخابات ألإسرائيلية ، وهذا يستلزم تحديدا واقعيا للأهداف الفلسطينية ، بمعنى ماذا نريد في هذه المرحلة هل نريد دولة فلسطينية كاملة العضوية في حدود 1967 ام نريد كل فلسطين ؟! وثاينا أن نحدد ألآليات والوسائل هل بالمقاومة المسلحة أم بالمقاومة المدنية أم بالإثنين معا ؟ وهل خيار التفاوض لم يعد قائما بين الخيارات الفلسطينية ؟ كل هذه التساؤلات سيتوقف الإجابة عليها على ماذا تريد إسرائيل في إنتخاباتها القادمة .

دكتور ناجى صادق شراب \ أستاذ العلوم السياسية \غزة

http://www.miftah.org