الاستيطان مستمر
بقلم: محمد عبيد
2013/1/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14493

التغوّل الاستيطاني مستمر، والمخططات تدخل حيز التنفيذ، بعد إقرارها في أروقة حكومة الاحتلال والإحلال “الإسرائيليين”، والهدف كما هو واضح للجميع، استمرار هذا الاحتلال وتوسعه، وضم وسلب المزيد من الأرض الفلسطينية، وقطع الطرق على الشعب الفلسطيني، وإلغاء إمكانات التواصل بين أفراده .

الاستيطان مستمر، سواء أخذ ذلك شكل المخطط القاضي بإنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية في المنطقة التي يسميها الاحتلال “إي 1” الواقعة بين القدس المحتلة ومستعمرة “معاليه أدوميم”، أحد أكبر الأورام السرطانية “الإسرائيلية” المحيطة بالقدس، أو استمرار نثر الخيام والبيوت المتنقلة على رؤوس التلال وقمم الجبال في أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة .

الأحاديث المتناقلة من هنا وهناك، ومنها ما نقل على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عبر شبكة “بلومبيرغ” الإخبارية الأمريكية، حين “أسر” لمحادثيه أكثر من مرة أن رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو يقود كيانه المحتل “إلى مزيد من العزلة”، والدعوة “العلنية” لأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون لوقف التوسع الاستيطاني المتصاعد، وغيرها من الدعوات والمطالبات، لن تغير في الأمر شيئاً .

فإسرار أوباما بمثل هذا الحديث، الذي لا يشي إلا بالحرص على “إسرائيل” وبقائها من ناحية، والحرص على عدم إغضاب غلاة متطرفيها بحديث علني في هذا الشأن من جهة ثانية، يكشف أن رئيس القوة العظمى الدولية، المقبل على أداء اليمين لولايته الرئاسية الثانية مرتين الأحد والاثنين المقبلين، لن يغير شيئاً من سياسته تجاه القضية الفلسطينية، وعلى الأغلب سيبالغ في إبداء الدعم والتبني الكامل لجرائم الكيان .

أما على مستوى المنظمة الدولية، الأمم المتحدة، فحدّث ولا حرج، إذ إنها تؤدي دورها العالمي ببراعة وكفاءة لا مثيل لهما، من خلال التحرك في أرجاء العالم تحت عنوان “النوايا الحسنة”، والاستمرار في وقوعها رهينة قوى كبرى تحمل تاريخاً استعمارياً، ورؤى مستقبلية للهيمنة على الغير، وتوظف هذه المؤسسة أداة لتشريع مخططاتها تحت عناوين مختلفة ليس أقلها شأناً حفظ الأمن والسلم الدوليين، وليس أهمها حماية وصون حقوق الإنسان . فشل ذريع، والسبب أن العالم ككل لا يدار ب”النوايا الحسنة”، بل بالتهديد والوعيد، والحرب والعدوان، وأسلحة الدمار الشامل، وتكالب الأقوياء على قوت وثروات الضعفاء، العالم لا يدار حسب النظريات المثالية في العلاقات الدولية، بل حسب النظرية الواقعية وبناتها من نظريات السياسة، التي وضعها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة، وبدأوا تسطيرها من خلال الحروب والتدخلات العسكرية .

“الواقعية” تقول إن في هذا العالم لا مكان للضعفاء، والمنظمة الأممية تعيّن بشكل يومي تقريباً سفيراً أو سفيرة للنوايا الحسنة، التي تكتسي صبغة سياسية معينة، وتكون على الدوام بعيدة كل البعد عن اسمها، وتحمل في طياتها معالم انحياز القوى العظمى لفئة على حساب أخرى .

في فلسطين المحتلة مئات البؤر الاستعمارية المنتشرة كخلايا سرطانية، ومئات التجمعات الاستيطانية التي تلغي أي إمكانية لما تصدح به الأمم المتحدة وغيرها من دول ومنظمات، من دعوات تروح أدراج الرياح للتسوية والحل السلمي، فهل من فرق بين دعوة علنية أو ملامة سرية؟

http://www.miftah.org