التنمية الاقتصادية الفلسطينية وضرورة التخطيط
بقلم: محمد محمود عبادي
2013/1/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14517

لعل عندما نقف لتحليل ودراسه الاقتصاد الفلسطيني أو اي قطاع اقتصادي تابع لفلسطين يكون هناك واقع حتميا يتمثل بشقين اساسيين وهما وجود كافه او شبه كافه المواد اللازمه لاي قطاع اقتصادي (سياحه,زراعه,تنميه الموارد,تعليم ,وغيرها من القطاعات) لوجوده هذا من جهه , وفي نفس الوقت معانه هذه القطاعات من عدم مقدرتها في تغطيه اهم واساسيات نفقات ديمومه وجود هذه القطاعات من خلال انتاجها اليومي ام الشهري ام السنوي.

التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها، ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الإقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي؛ تتطلب التنمية المستدامة تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل، وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الإقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئية، التنمية الاجتماعية، وإن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية.

إن الإقتصاد الحقيقي يجب أن يؤثر على المجتمع الذي يقاس فيه من خلال مستوى المعيشة والأجور والدخل وتدني مستوى الفقر، وعدم الركون للمساعدات الدولية، وإن النمو الإقتصادي المتحقق لهذا الإقتصاد يجب أن يدعم السياسة الوطنية وقرارها الحر والمستقل ضمن معادلة متوازنة بأن الظروف الإجتماعية والإقتصادية معا يشكلان ركيزة أساسية ومعادلة ثابتة متلاحمة متساوية الأضلاع ومتداخلة، يكمل الواحد منها الآخر ويسنده، وكذلك فان الإقتصاد لا يقوم على الفرضيات والخيال بلا أي تحكم فيه والتعامل معه، بل يقوم على ما يتم على أرض الواقع من تعزيز الموارد المتاحة وتعظيم الانتاج، فالأمن الإقتصادي لأي مجتمع لا يقل أهمية وخطورة عن الأمن السياسي وكلاهما وحدة واحدة متكاملة متداخلة، ، بل إن فلسطين تعيش ظروفاً استثنائية بكل المعايير وترزح تحت إحتلال بشتى أنواع مكبلاته ومعوقاته ومعرقلاته، ويتخذ هذا الإحتلال من خنق الإقتصاد الوطني واتباعه لاقتصاده وسيلة لابتزاز السياسة الوطنية بهدف تمرير أهداف سياسية خبيثة تمس الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ووجوده، ومن الجدير بالذكر أن ا?قتصاد الفلسطيني لم يخضع ? تطوره، منذ ا?نتداب البريطاني 1917 وح? قيام السلطة الفلسطينية ?ية سياسة وطنية توجه مساره وتحدد معد?ت نموه وفقًا ?هداف اقتصادية وطنية، ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، فإنها عملت على إدارة شؤون الشعب الفلسطيني كاملة ومن بينها الإقتصاد الفلسطيني، ولكن غياب وفشل تنفيذ اتفاقات أوسلو واستمرار العدوان ا?سرائيلي أد ت إ? تدهور ا?قتصاد الفلسطيني بشكل مأساوي، وصو?ًً إ?الواقع الحالي وا?زمة ا?قتصادية الصعبة والتحديات الجدية التي تواجهها الحكومات المتعاقبة.

إن الأداء الفلسطيني الرسمي كان دون المطلوب بكافة مقوماته لمواجهة الاجراءات الاسرائيلية، من خلال عدم تخصيص ميزانيات حقيقية ضمن خطط استراتيجية هادفة من ميزانية السلطة الفلسطينية دعما لاقتصادها، مما شجع اسرائيل وأعطاها الحرية الكاملة على الارض بتنفيذ مخططاتها التوسعية دون حسيب ولا رقيب، وقد عزف القطاع الخاص عن الاستثمار في ما عدا عن بعض المبادرات والجهود الفردية المقدرة ، وأجبر عدد كبير من المستثمرين وأصحاب المصانع والفنادق والورش والمحلات التجارية والتي تشكل عصب الإقتصاد في فلسطين من البحث عن أماكن آمنة لاستثماراتهم، هربا من سياسات التضييق والاستهداف من خلال الممارسات الممنهجة والضرائب الباهظة التي فرضتها عليهم السلطات.

إن الإقتصاد قد تأثر كباقي القطاعات الاخرى من الوضع القانوني والسياسي المفروض، ونتيجة لذلك شهد الإقتصاد تراجعاً مستمراً، وقد استفحل الأمر وتفاقم خطره من جراء المنافسة الشرسة من جانب الإقتصاد الإسرائيلي القوي، الذي حد من حصة السوق الفلسطيني مما زاد من مستويات الاعتماد على الإقتصاد الإسرائيلي،وهذا بدا واضحا من خلال :

•أن الإقتصاد الفلسطيني يعيش حالة من التراجع وانخفاض نسبة النمو، بسبب الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية والناجمة عن الإرتفاع الحاد في الديْن العام الذي وصل الى مستوى غير مسبوق.

•أن الأزمة الإقتصادية تتعمق وستزيد من نسبة الفقر، وستقل فرص تشغيل الايدي العاملة الفلسطينيه للمجتمع الفلسطيني، مما ستزيد من نسبة البطالة في المجتمع الفلسطيني، وهذا هو الواقع المر للوضع الإقتصادي الفلسطيني.

و بناء عليه كإستراتيجية فلسطينية وخطة وطنية للدولة الفلسطينية للانضمام في المنظمات الدولية والاقتصاد العالمي يجب ان تقوم وترتكز على التالي :-

•تحديد المعايير و المهامّ الأساسية لفلسطين المستقبلية كبلد صغير في العالم مع مراعاة التفاوت الاقتصادي و السياسي لكل بلد و الخروج بضرورة زياة دورها كعامل مؤثر في الاقتصاديات العالمية بأن لا نتناسى الظروف العامة للعولمة . •دراسة خصوصيات أنشطة التجارة الخارجية الفلسطينية و العمل على تحسينها و وضع السياسات و اتخاذ القرارات بعدم التسليم للسياسات الموضوعة والاتفاقيات الاقتصادية و إعادة دراسة العديد منها وجدواها الاقتصادية .

•متابعة العمل على نفس المنوال من خلال تحديد الأولويات الملقاة على السلطة الفلسطينية من تحسين المناخ الاستثماري و دعم القطاعين الحكومي والخاص وإعطاء المزيد من المزايا للمستثمر الأجنبي مع مراعاة الوضع السياسي الراهن لفلسطين و هذا بدوره سيؤدي للنهضة الاقتصادية .

•صياغة التوجهات الرئيسية للسياحة الفلسطينية , واستخدامها كأداة و مدخل لفلسطين في المحافل الولية و الاستفادة من اعتراف منظمة اليونسكو بعضوية فلسطين الدولة لتحديد المعالم و الآثار الفلسطينية و إحياء ملفات الحقوق المغتصبة و العمل على استرجاعها عبر المنظمة الدولية و تحسين الأنظمة الإدارية بحيث تقوم على تحليل نقاط القوة و الضعف التنافسية لهذا المجال في الاقتصاد الفلسطيني .

•إبراز الأهداف و المعالم الهيكلية والوظيفية لإستراتيجية التخطيط الفلسطينية في المنظمات الدولية والاقتصاد العالمي .

ويجب ان ترتكز الإستراتيجية أيضا على تفاعل التكامل الإقليمي و العولمة الاقتصادية , بحيث يكون أساس بل و بمثابة حل مهم للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية لفلسطين من خلال متابعة وضع الاستراتيجيات التكاملية الفعّالة و العادلة لدولة فلسطين كبلد صغير (نام ) و إيجاد الأدوات اللازمة لهذه الاستراتيجيات لإدارتها و التي تعد ذات أهمية كبيرة للتنمية,.

تثير التنمية والتخطيط الاقتصادي اهتماما واسعا واستثنائيا ، من قبل كافة الجهات الرسمية والشعبية ، وعلى المستويات المحلية والدولية ، اضافة الى المختصين في العلوم الاجتماعية ، وبالذات الاقتصادية ، نظرا لارتباط ذلك بالحالة المتدنية التي تعيشها معظم دول العالم ,والتي تتسم بالتخلف الاقتصادي ، والذي يتضمن انخفاض جوانب الحياة المختلفة في هذه الدول بدرجة كبيرة ، والتي يكون سكانها بين ثلثي الى ثلاثة أرباع سكان العالم ، في حين لا يشكل انتاجها واستهلاكها سوى نسبة منخفضة من الانتاج والاستهلاك العالمي ، وهذا يجعلها تعاني من الفاقة والبؤس والفقر والبطالة وانخفاض مستويات الدخول والتعليم والصحة وما الى ذلك ، مقارنة بالدول المتقدمة التي يشكل انتاجها واستهلاكها معظم الانتاج والاستهلاك العالمي في حين لا يكون سكانها الا نسبة منخفضة من سكان العام ، وهو ما يحقق حياة افضل فيها وقدرة أكبر على تطورها .

ان التنمية الاقتصادية تستهدف في النهاية تجاوز حالة التخلف التي تعيشها هذه الدول ، وتحقيق التقدم ، من أجل توفير الحياة الأفضل فيها ، والقدرة للاقتصاد بما يضمن استمراره في التطور ، وبشكل يتسارع ويتزايد عبر الزمن .

والتخطيط الاقتصادي هو الأداة التي يمكن أن تسهم بشكل فاعل _ عند حسن استخدامه وكأي أداه أخرى _ في احداث التنمية ، وتحقيق أهدافها ، وبما يؤمن تجاوز حالة التخلف ، والوصول الى التطور ، وبالشكل الذي يحقق الحياة الأفضل للسكان ، والتقدم للاقتصاد ، سواء تم هذا من خلال التخطيط لمعظم الجوانب والمتغيرات والنشاطات الاقتصادية ، أو من خلال تاثير النشاطات المرغوبة والتي يتم تحفيز النشاط الخاص على القيام بها من أجل خدمه المجتمع وأفراده وتنمية الاقتصاد، أو من خلال التخطيط للمتغيرات والجوانب والنشاطات التي يعجز النشاط الخاص عن القيام بها بسبب محدودية موارده وامكاناته ، أو أنه لا يتجه نحوها بدرجه كافيه لانخفاض ربحيتها رغم أهميتها لأفراد المجتمع ولتطور الاقتصاد ، أو من خلال التخطيط للمجالات التي يستند اليها النشاط الخاص عند قيامه بعمله في الاقتصاد ، وكما يتم حاليا في معظم دول العالم ، ان لم يكن في جميعها تقريبا ، وبحيث أن التخطيط يكون ضروريا لاعلى مستوى المجتمع والدولة والاقتصاد فحسب ، بل على مستوى المشروع والمؤسسة ، وحتى على مستوى الأسرة والفرد ، وبهذا يصح القول بأن الجميع حاليا يخطط حتى يحقق أهدافه بأقصى قدر ممكن ، وبأسرع ما يمكن وبأقل التضحيات والجهود والتكاليف الممكنة . وبالتالي يجب اعاده دراسه وتقييم كل ما لدينا وما علينا من مقومات وموارد ,وديون ومستحقات والعمل على تفعيل كافه اشكال الاقتصاد الفلسطيني لتتحقيق التخطيط والتنميه المرجوان.

دكتور الاقتصاد والعلاقات الدولية

http://www.miftah.org