هل يتمكن أوباما من تحقيق تسوية سياسية في الشرق الأوسط ؟
بقلم: بسام ابو شريف
2013/2/27

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14603

قبل أن يطأ جون كيري أرض الشرق الأوسط ، أعلن في أكثر من مناسبة أن الرئيس الأمريكي عازم على تحقيق تسوية سياسية في الشرق الأوسط قبل نهاية فترته الرئاسية الثانية . هذا الكلام يعبر عن النية لبذل الجهد ولا يعطي شيئا ملموسا يدل على نجاح هذه الجهود أو الوصول الى ما يتمنى أن يصل اليه الرئيس أوباما .

جون كيري يزور الشرق الأوسط ورحلاته ستمتد على أسبوعين من الزمن !!

لماذا يزور كيري الشرق الأوسط ؟

ولماذا تطول هذه الرحلة لتستغرق أسبوعين من وقته الثمين في ظروف يشهد فيها العالم تعقيدات قد تكون كبيرة جدا أو لا تعتبرها الادارة الأمريكية كبيرة جدا . لكنها لا شك تعقيدات تحمل مخاطر كبيرة :

كالتفجيرات النووية لكوريا الشمالية وكالموقف المعلن لكل من الصين وروسيا اللتان ترفضان رفضا باتا أي تدخل عسكري في كوريا الشمالية وما يجري في افريقيا سواء في مالي أو نيجيريا أو بلدان مرشحة . ناهيك عن تعقيدات الوضع في افغانستان والصراع بين الولايات المتحدة وأوروبا على أكثر من صعيد . ليس أقلها الصعيد الاقتصادي .

لا شك أن جون كيري قد درس كافة الملفات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي لأنه يعلم كما يعلم رئيسه أن جوهر الصراع في الشرق الأوسط هو القضية الفلسطينية .

ولذلك فان وزير خارجية الولايات المتحدة الجديد ليس بحاجة لجمع معلومات حول حقائق ووقائع هذا الصراع :

فهو يعلم ( كما يعلم رئيس)ه أن الحكومة الاسرائيلية فعلت وارتكبت كل ما يمكن فعله وارتكابه لتعطيل عملية السلام وبشكل محدد لمنع نيل الفلسطينيين حقوقهم في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف ( الأمر الذي تم الاتفاق عليه في واشنطن بين الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي اغتالته اسرائيل ورئيس وزراء اسرائيل اسحاق رابين ، الذي قتل اغتيالا لتنفيذه جزء من الاتفاق والرئيس كلينتون .

ليس هذا فحسب . فان جون كيري قد اطلع ( كما اطلع رئيسه) على كافة التقارير السرية التي تداولها مجلس الأمن القومي الأمريكي حول التسريع والتصاعد في التمدد الاستيطاني الاسرائيلي فوق أراضي الضفة الغربية وتطبيق سياسة التهجير للعائلات الفلسطينية دون الاعلان الرسمي عن تبني الحكومة الاسرائيلية سياسة "الترانسفير".

كما يعلم الرئيس أوباما ووزير خارجيته الجديد أن ما ارتكبته الحكومة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وقراه ومدنه في الضفة الغربية يهدف الى منع قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي واقتصادي . أي يهدف الى قطع شريان حياة هذا المشروع والرئيس الأمريكي ووزير خارجيته يعلمان أن الأوامر التي تصدرها الحكومة الاسرائيلية لجيشها المحتل تقضي بتسليح المستوطنين واعطاءهم الصلاحيات لاطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين وتقضي أيضا بأن تقوم قوات الجيش المحتل بحماية الاعتداءات التي يشنها المستوطنون المسلحون على المزارعين الفلسطينيين وقراهم وأن يستخدم الرصاص الحي حسبما يرتأي آمر كل مجموعة في الموقع وأن يعتقل الفلسطينيون بتهمة أو بدون تهمة دون محاسبة أو رقابة .

على كل حال لا نضيف بهذا شيئا جديدا لا يعرفه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أو رئيسه باراك أوباما وكل ما نريده في هذه المرحلة بالذات من الرئيس أوباما ووزير خارجيته أن يلتزما بما أقرته هيئات أمريكية عليا من توصيات بشأن سياسة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط .

وأهم هذه التوصيات هي تلك التي صدرت في تقرير وافقت عليه أكثر من (20) هيئة أمريكية عليا وأقرته .

ومن ضمن هذه المؤسسات العليا وكالة المخابرات المركزية ومجتمع الاستخبارات الأمريكية .

يقول التقرير أن اسرائيل تنتهج سياسة التفرقة العنصرية كما كانت جنوب افريقيا (أبارتايد) بعدوانيتها وهجماتها واعتداءاتها المستمرة على الفلسطينيين وأن المصالح العليا الامريكية تقتضي وضع حد لدعم اسرائيل في تنفيذ سياستها هذه وانه لا يمكن أن تسكت الولايات المتحدة على هذه السياسة تماما كما لم تسكت في نهاية الامر على ما كان يجري في جنوب افريقيا .

ويقول التقرير : " هنالك حاجة ماسة لتجنب الانخراط مع تحالفات تؤدي الى عزلة الولايات المتحدة عن العالم وادانة للأمريكيين بشكل عام وتجعل من المواطنين الأمريكيين ضحايا مثل هذا الانخراط ويقول التقرير .:

ان على الولايات المتحدة أن تضع حدا لتدخل اسرائيل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة وذلك من خلال التجسس عليها وتسلم صفقات أسلحة غير قانونية ودعم 60 منظمة أمريكية يتقاضى من خلالها 7500 مسؤول أمريكي أموالا لدعم جهود اسرائيل للتحكم في الاعلام الأمريكي والوكالات الحكومية الأمريكية وتستند وكالات الاستخبارات الأمريكية الى البحث الذي أجراه مايكل شوور المحلل الاستخباراتي وأحد مسؤولي وكالة المخابرات المركزية السابقين الذي يقول " لقد قامت أجهزة المخابرات الاسرائيلية بتأسيس شبكة تجسسية في الولابات المتحدة لها المهام التالية :

أولا: سرقة أسرار اقتصادية ومعلومات تفيد الاقتصاد الاسرائيلي .

ثانيا : حماية (ايباك) " أي اللجنة الأمريكية الاسرائيلية للعلاقات العامة" من أن تضطر لتسجيل نفسها رسميا كلجنة وكيلة لجهة أجنبية .

ثالثا : سرقة أسرار عسكرية سرية تتصل بالتكنولوجيا تقوم اسرائيل ببيعها بعد سرقتها لمن يدفع أعلى سعر .

رابعا :القيام بعمليات سرية تتصل بسرقة المعلومات وارسالها الى اسرائيل وسرقة وثائق ومعلومات تتصل بالسياسة الخارجية الأمريكية ، الاقتصاد الامريكي ، السياسة الدفاعية الأمريكية في الانتخابات.

خامسا : التدخل في الانتخابات بشكل غير قانوني من خلال مساهمات مالية ، استخدام نفوذ، أو التهديد لرؤساء انتخبوا أو لرجال كونغرس انتخبوا ، أو لرجال قانون كالقضاة والصحفيين وحتى لبعض ضباط المخابرات .

يكفي أن يترجم الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته ما ورد في تقرير هذه المؤسسات الأمريكية عن اسرائيل للتحرك بشكل ملموس للامام لايجاد حل في الشرق الأوسط والا فان من بنود هذا التقرير والمتصل بتهديد اسرائيل أمريكيين انتخبوا ومنهم رئيس الولايات المتحدة ، هو الذي سيتحكم بسياسة البيت الابيض.

اذ لا يعقل ان يهدد رئيس امريكي مصالح الولايات المتحدة العليا ومصالح مواطنيها من اجل دعم العنصرية والتوسع الاستيطاني وتهويد القدس الشرقية وقتل الاسرى تحت التعذيب وطرد العائلات من بيوتها في فلسطين المحتلة .

لذلك فان المطلوب من كيري وزير الخارجية الزائر أن يوضح دون مواربة أن الولايات المتحدة تعتبر كافة المشاريع الاستيطانية على اراضي الضفة الغربية غير شرعية وان مواقف عملية ستتخذ لاخلاء هذه المستوطنات كما جرى في سيناء وغيرها .

وان الولايات المتحدة تقف بحزم لتنفيذ التزامها باقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف .

وان الرئيس اوباما الذ سيوزر اسرائيل وفلسطين، مصر على تطبيق هذا الحل المستند الى الشرعية الدولية كاصرار الرئيس آيزن هاور على انسحاب اسرائيل من قطاع غزة عام 1957.

مثل ها الاعلان الواضح والمقترن بخطوات عملية سوف يولد في نفوس الشرق اوسطيين ثقة بأن الولايات المتحدة لها مصداقية .

والا فاننا نقول لوزير الخارجية الجديد وللرئيس اوباما اننا نريد صداقة أمريكا لكن الصداقة لا تبنى الا على مواقف صحيحة وعادلة .

http://www.miftah.org