خيارات نتنياهو المحدودة..!!
بقلم: د. سفيان أبو زايدة
2013/3/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14616

انتهت الفترة الزمنية الاولى التي منحها الرئيس الاسرائيلي بيرس لزعيم حزب "الليكود- بيتنا" بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة والتي مدتها اربعة اسابيع دون ان ينجح في تشكيل الحكومة، ووفقا للقانون منحة مساء السبت مدة اسبوعين اضافيين لاتمام مهمته التي تبدو غاية في الصعوبة ولكنها غير مستحيلة، حيث في عالم السياسية وتحالفاتها الحزبية لا يوجد مستحيل او غير ممكن.

نتنياهو اضاع فترة الأسابيع الأربعة وهو يحاول فكفكة تحالف لبيد- نفتالي بينت القائم ليس على أساس سياسي او ايديولوجي، حيث التناقضات بينهم كبيرة جدا، ولكنه قائم على أساس أمرين، الاول هو القاسم المشترك فيما بينهما بكل ما يتعلق بتجنيد اليهود المتدينين للخدمة في الجيش وتفضيلهما تشكيل حكومة بدون "شاس" و"يهودوت هتوراة" والأمر الآخر هو عدم اعطاء الفرصة لنتنياهو الاستفراد بأحدهما على حساب الآخر.

في سياق محاولات نتنياهو للتغلب على هذه المعضلة حاول التحايل على زعيمة حزب "العمل" شيلي يحيموفتش التي رفضت حتى الآن الاستجابة لكل العروض المغرية التي قدمها لها. الرفض (حتى الان) ينبع ايضا من أمرين أساسيين، الأول ان هناك فارقا كبيرا بين المنهج الاقتصادي والاجتماعي الذي تؤمن به يحيموفتش، والأمر الآخر هو عدم ثقتها بنتنياهو حيث تشعر انه فقط يريد ان يستخدمها كوسيلة من اجل الضغط على لبيد وبينت.

مهمة نتنياهو صعبة للغاية، والخيارات امامه محدودة جدا، وعلى الأرجح ان لعبة العض على الاصابع بينه وبين لبيد وبينت ستنتهي بتنازل نتنياهو أولا. عامل الوقت المحدود جدا وحجم التناقضات وزيارة اوباما التي تعتبر سيف آخر مسلط على رقبتة، كل ذلك يجعل احتمال تنازل نتنياهو عن تحالفه مع حزب "شاس" وتشكيل حكومة بدونه احتمال اكثر واقعية.

نتنياهو وطواقمه التفاوضية يعملون الآن على مدار الساعة من اجل انجاز مهمة تشكيل الحكومة بأي ثمن ممكن. الخيارات أمامه محدودة وهي على النحو التالي:

الاول، هو تشكيل حكومة من "الليكود – بيتنا"، "هناك مستقبل"، "البيت اليهودي"، "الحركة" بزعامة ليفني و"كاديما" بزعامة موفاز. من حيث عدد اعضاء الكنيست ستكون حكومة مستقرة حيث ستتمتع بدعم 69 عضو كنيست. المشكلة ستكون في المستقبل حول العديد من القضايا، اهمها الموضوع الاقتصادي حيث ليس من السهل الاتفاق على موازنة الدولة وبالتالي تمريرها في الكنيست، الأمر الآخر حول آلية تجنيد المتدينين ودمجمهم في سوق العمل والأمر الثالث هو التناقضات الكبيرة بين هذه الاطراف في كل ما يتعلق بالعملية السياسية.

الخيار الثاني، تشكيل حكومة تشمل "الليكود- بيتنا"، "البيت اليهودي"، "شاس"، "يهودوت هتورة"، ليفني وموفاز، هذا اذا نجح نتنياهو في اقناع نفتالي بينت بالانفصال عن لبيد. هذه الحكومة هي الافضل بالنسبة لنتنياهو ولكنها على ما يبدو بعيدة المنال.

الخيار الثالث امام نتنياهو هو ان ينجح في اقناع شيلي يحيموفتش في الانضمام لحكومتة بعد ان يستجيب لكل مطالبها وبالتالي يتم تشكيل الحكومة من "الليكود-بيتنا" و"العمل" والمتدينين و ليفني وموفاز. المهمة مستحيلة حتى الآن ولكنها ممكنة.

الخيار الرابع، اذا ما فشلت كل الخيارات السابقة لن يكون هناك مناص سوى الذهاب الى انتخابات جديدة، هذا الأمر ايضا شبه مستحيل، لم يحدث مسبقا في تاريخ اسرائيل ان حدث مثل هذا الامر، ولكن لأول مرة يكون هذا الخيار مطروحا على الرغم من ضعف حدوثة، لكنه ليس مستحيلا.

لا يوجد اي احتمال، بل لا يوجد اي سبب يجعل لبيد يتحالف مع نتنياهو بدون نفتالي بينت ولا يوجد اي احتمال ان يوافق على المشاركة في حكومة مع "شاس" و"يهودوت هتوراة" بسبب الموقف من التجنيد.

على اية حال هناك استطلاعات للرأي اجرتها مراكز اسرائيلية في الآونة الأخيرة جميعها تشير الى تصاعد في قوة لبيد، حيث تعطية الاستطلاعات الاخيرة 31 مقعدا وكذلك ارتفاع "البيت اليهودي" من 12 الى 14 مقعدا، مما يؤكد أن هناك رضى من قبل الشارع الاسرائيلي على هذين الحزبين بشأن موقفهما الثابت من استبعاد المتدينين عن الحكومة القادمة، ويؤكد على دعم موقف لبيد تجاه تجنيدهم للخدمة في الجيش. هذه النتائج تجعل لبيد وبينت اكثر قوة في مفاوضاتهما مع نتنياهو خلال الاسبوعين القادمين. الاستطلاعات ايضا تشير بالمقابل الى تراجع حزب "الليكود – بيتنا" من 31 الى 26 مقعدا، وكذلك تراجع كل من حزب "العمل" وحزب "الحركة" التي تقوده تسيفي ليفني.

اذا لم ينجح نتنياهو في تشكيل الحكومة خلال الاسبوعبن القادمين لن يكون هناك خيار امام رئيس الدولة بيرس سوى الطلب من عضو كنيست آخر تشكيل حكومة جديدة مع الإدراك المسبق ان هذه المهمة ستكون مستحيلة، بمعنى ان لم يستطع نتنياهو تشكيل الحكومة فلن يستطيع اي شخص آخر القيام بهذه المهمة. من الناحية الحسابية يمكن تكليف لبيد بهذه المهمة وبالتالي يستطيع ان ياخذ معه "العمل" و"البيت اليهودي" و"كاديما" وليفني، هذا الأمر اكثر من مستحيل لأن لبيد غير مؤهل بعد بأن يصبح رئيس وزراء في هذه الدورة، الا اذا استهواه الأمر وحاول تجريب ذلك.

الى ان يتم تشكيل حكومة جديدة سواء كان برئاسة نتنياهو او اي شخص آخر، او الذهاب الى انتخابات جديدة ستبقى الحكومة الحالية التي هي بمثابة حكومة انتقالية تدير شؤون الدولة دون قدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية على الصعيدين العسكري والسياسي الا في حالات محددة جدا.

* وزير سابق وأسير محرر من قطاع غزة. - Dr.sufianz@gmail.com

http://www.miftah.org