العنصرية الاسرائيلية تتعمق
بقلم: عادل عبد الرحمن
2013/3/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14628

شهدت الآونة الاخيرة سلسلة من الانتهاكات والاجراءات الاسرائيلية، التي تعكس تغول الممارسات العنصرية داخل المؤسسة الرسمية والمجتمع الاسرائيلي، وتفضح خطورة المآل الذي تتجه اليه دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، والاخطار الحقيقية، التي نجمت، وستنجم عن ازدياد وتوسع وتفشي هذه الظاهرة في إسرائيل.

من ابرز مظاهر العنصرية، التي رصدتها وسائل الاعلام في الاسبوعين الماضيين: منع العمال الفلسطينيين من ركوب الحافلات، التي يركبها قطعان المستوطنين واليهود عموما، وتخصيص حافلات خاصة بهم؛ وكذلك ضرب المواطنة الفلسطينية هناء مطير في محطة القطار بالقدس من قبل ثلاث نساء يهوديات، وخلع الحجاب عن رأسها، وضرب شاب فلسطيني يافاوي من عائلة أصرف فجر عيد المساخرمن قبل مجموعة من الشباب البالغين والمراهقين في تل أبيب؛ وتدنيس القرآن الكريم، وركله بقدم احد الضباط الاسرائيليين داخل المسجد الاقصى؛ فضلا عن (65) عدوانا خلال العام الماضي 2012 تحت عنوان «تدفيع الثمن». وعلى الصعيد اليهودي الداخلي لوحظ في الآونة الاخيرة الاعلان عن تلقيح النساء اليهوديات من الاثيوبيات (الفلاشا) ضد الحمل، وتعمق الانقسام بين الحريديم (المتدينين) والعلمانيين، واضطهاد المرأة اليهودية، والعمل على فصل النساء عن الرجال، او ما يسمى عدم الاختلاط، والتناقض بين اليهود الغربيين (الاشكناز) واليهود الشرقيين (السفارديم )..... إلخ

وإذا ما حصر المرء النقاش في السياسات العنصرية ضد الفلسطينيين، يلحظ أن هناك الكثير من الانتهاكات والممارسات، التي لم ترصدها وسائل الاعلام ومنظمات حقوق الانسان داخل السجون وفي داخل الداخل وفي الاراضي المحتلة عام 1967 وخاصة في القدس الشرقية والاغوار، الامر الذي يشير الى ان الخط البياني للانتهاكات والممارسات والاجراءات العنصرية، يسير في اتجاه صاعد وبسرعة. وهو ما يعني، ان المؤسسة الرسمية الاسرائيلية (السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية) تلعب دورا اساسيا في تعميق السياسات والممارسات العنصرية، وتؤصل لها، وتدعمها، وتتواطأ مع من يرتكبها، وتحمي منفذيها تحت عناوين وذرائع واهية.

إن قرار تخصيص حافلات خاصة للعمال الفلسطينيين، وقف وراءه وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، اي السلطة التنفيذية. والذي شرع الفصل بين المواطنين الفلسطينيين العرب وقطعان المستوطنين اليهود، هو القضاء الاسرائيلي، والسلطتان التنفيذية والقضائية تسلحتا بالقوانين العنصرية، التي سنها الكنيست الثامن عشر الماضية، فضلا عن الطبيعة العنصرية المتأصلة في الفكر والسلوك الصهيوني تاريخيا، والتي تتعمق نتاج المنهاج التربوي المستند الى تعاليم التوراة، التي تدعو لقتل الـ «غوييم» الفلسطينيين العرب.

دون الدخول في الكثير من التفاصيل المرتبطة بالاحداث المذكورة اعلاه وغيرها (على اهمية ذلك في الدراسات والابحاث الموسعة) فإن المؤشرات تؤكد كلها، ان دولة إسرائيل، دولة أبرتهايد بكل معاني ودلالات الكلمة. وهي تتجه بسرعة نحو الفاشية القاتلة، وبالتالي انتفاء اي من مظاهر الديمقراطية الرأسمالية، لأن دولة قامت على التزوير والافتراء على الحقيقة، ونفي رواية اصحاب الارض الاصليين - الشعب العربي الفلسطيني -، وما زالت تفرض الاحتلال على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وترفض خيار التسوية السياسية، وتنتهك على مدار الساعة حقوق الانسان بأبشع الصور والممارسات، لا يمكن ان تكون دولة ديمقراطية، وان حصل ذلك البعد فيما مضى لصالح اليهود، وما زال بحدود ضيقة، فإنه حصل لاعتبارات ديماغوجية وتضليلية هذا من جانب، ولاستقطاب اليهود من دول العالم الى الدولة الكولونيالية العنصرية من جانب آخر.

العنصرية الاسرائيلية تشكل بؤرة خطر حقيقية على كل شعوب المنطقة بما في ذلك اليهود أنفسهم. ولا يمكن لدولة كولونيالية، تستعمر وتستعبد شعباً آخر، وتنتهك ابسط حقوق الانسان، وتتجه بسرعة البرق نحو تعميق الممارسات العنصرية والفاشية، لا يمكن لها مواصلة الحياة والبقاء شاء من شاء وابى من ابى، لانها خطر على إسرائيل ذاتها وعلى الفلسطينيين والعرب وكل دول العالم ومصالح اميركا واوروبا في المنطقة، الامر الذي يفرض على القوى الدولية، التي تقف خلف إسرائيل التصدي للانهيار الاخلاقي والسياسي والقانوني - القضائي والاجتماعي داخلها، لحمايتها من عنصريتها المتوحشة، وبالتالي حماية مصالحها في المنطقة، إن كانت معنية بتلك المصالح.

http://www.miftah.org