بلى.. لدى 'كيري' ما هو جديد!!
بقلم: هاني حبيب
2013/4/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14734

دأب ساستنا، وبعض قادتنا، بل والعديد من المحللين السياسيين، إثر زيارة أي رئيس أو مسؤول للمنطقة بهدف استئناف العملية التفاوضية، على الإسراع في الوصول إلى موقف نهائي، بان ليس هناك من جديد، وأن هؤلاء الزوار، يستمعون ولا يحملون أية فكرة أو مبادرة جديدة، ويبدو هذا الموقف مريحاً ويعفي قائله من مسؤولية التفكير ملياً وجدياً، قيل ذلك إثر زيارة الرئيس أوباما للمنطقة، كما تكرر مع زيارات وزير خارجيته، وخلص الجميع تقريباً الى أن لا جديد ولا يمكن التعويل على هذه الزيارات في إنقاذ العملية التفاوضية، خاصة وأن التصريحات الصادرة عن أبو مازن ونتنياهو، تتكرر هذه الأخرى، بما لا يفتح أي مجال لقراءة ما هو خلف هذه الزيارات والاجتماعات والأحداث التي تبدو هامشية، مع أنها إذا ما أمعنا النظر، نعتقد أنها تدور في جوهر السعي إلى إنقاذ العملية التفاوضية من الجمود المستحكم.

هذه المرة، ليس هناك أي جديد، إذا ما استندنا إلى تصريحات هؤلاء الساسة والقادة، وحتى بالاستثناء إلى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي أضفى على تصريحاته أبعاداً اقتصادية تخفي من وجهة نظرنا، المسار السياسي الذي يتم العمل عليه بكل سرية وفاعلية، ليس هناك من جديد حقيقي إذا كان الأمر يتعلق بإحراز تقدم على المسار الاقتصادي يتضمن الإفراج التام والنهائي عن الأموال المحتجزة في إسرائيل لصالح دولة فلسطين، وتوسيع مناطق السيطرة الفلسطينية في المنطقة C وحرية البناء فيها، فهذه كلها مجرد استحقاقات لم تشكل شرطاً جوهرياً من قبل الجانب الفلسطيني لاستئناف العملية التفاوضية.

لكن الجديد ليس فيما يصرح به كيري، بل فيما يحمله من أفكار، تتضمن في جوهرها تعديلاً في "خارطة الطريق" وحل الدولتين، وأطراف العملية التفاوضية. خارطة طريق جديدة كل الجدة، بدأت مؤشراتها تظهر مع مفاجأة تخويل فلسطيني للعاهل الأردني لوصاية أردنية كاملة على المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، وقد يبدو هذا الأمر عادياً ويأتي في إطار اضطلاع الأردن في هذه المسؤولية منذ زمن طويل، خاصة وأن الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، كانت تحت السيادة الأردنية حتى الاحتلال الإسرائيلي العام 1967، إلاّ أن توقيت هذا التخويل وهذه الوصاية، هو ما يجعل منهما مجالاً للتأويل المستند إلى التحليل المنطقي، ذلك أن ما تم يأتي في أعقاب اعتراف العالم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين، وقيام هذه الدولة هو الشرط الذي وضعه الملك حسين في أوائل السبعينيات لإقامة كونفدرالية بين "قطرين، الامر الذي اثار ضجة في حينه، ثم القول انه يتوجب ان يتم الاتحاد الكونفدرالي بين "قطرين مستقلين". زيارة العاهل الأردني لرام الله إثر الاعتراف بفلسطين مباشرة، ثم الزيارات العلنية والسرية لأبي مازن إلى عمان، توحي وكأن الكونفدرالية على نار هادئة بعيدة عن الأضواء والإعلام.

لكن فلسطين دولة غير مستقلة إلاّ من حيث الشرعية الدولية، قد تكون الكونفدرالية حلاً مؤقتاً إلى حين التوصل إلى تسوية يمكن معها أن تعلن دولة فلسطين كدولة مستقلة، وحينها تتطور الكونفدرالية إلى فدرالية كاملة، وقبل كل ذلك، على الأردن أن يصبح شريكاً كاملاً في العملية التفاوضية وفقاً لخارطة الطريق الجديدة.

يبقى هذا السيناريو غير مكتمل الأركان، إذ ينتصب السؤال الأهم: وأين موقع قطاع غزة في ظل هذه الخريطة؟ والواقع أن أحداً لا يستطيع أن يجيب على هذا التساؤل المشروع، إلاّ أنه يمكن إحالة الإجابة الى جملة من التطورات، فالجانب التركي قد دخل على خط الوضع الفلسطيني، بعد المصالحة مع إسرائيل، بينما أبو مازن يزور الدوحة أثناء لقاء كيري نتنياهو، بينما الأول يتصل به لإطلاعه على محتوى ونتائج اللقاء مع الثاني، معظمها إشارات تشير إلى قطاع غزة الذي يعقد هدنة مع إسرائيل، رغم الاختراقات المحدودة هنا وهناك. وما يجعل وضع مستقبل القطاع أكثر تعقيداً أن الجانب المصري منشغل تماماً بوضعه الداخلي غير المستقر، لكن "نجاح" مرسي في الإسهام الفاعل بتوقيع الهدنة بين حماس وإسرائيل بشكل غير مباشر إثر الحرب الإسرائيلية الثانية على قطاع غزة، يجعل الجانب المصري أكثر من أي وقت مضى حريصاً على دور ريادي في بحث مستقبل القطاع، خاصة وأن قطاع غزة بات يشكل اختراقاً أمنياً، بصرف النظر عن المسؤول عنه، للأمن القومي المصري. واستقرار الوضع في القطاع، كان ولا يزال هدفاً مصرياً بالنظر إلى هذا الارتباط إضافة على مسؤولية مصرية ذات طبيعة سياسية، كون القطاع كان تحت الرعاية والمسؤولية المصرية عندما تم احتلاله من قبل إسرائيل العام 1967.

إن جهوداً حقيقية، من قبل أطراف عربية وإقليمية نافذة، لفرض إنهاء الانقسام الفلسطيني، تشكل بداية الحل لمعضلة مستقبل قطاع غزة في إطار خارطة الطريق الجديدة. دخول تركيا وقطر إضافة إلى مصر بطبيعة الحال، يعد أمراً ضرورياً للوصول إلى هذه النتيجة التي نعتقد أنها ما زالت أكثر تعقيداً من ملامحها الظاهرة.

هذا بعض مما يشير إلى أن كيري يحمل جديداً، كل الجدة. سحب إسرائيل لشرط الاعتراف بيهودية الدولة العبرية لاستئناف المفاوضات، من خلال تسيبي ليفني وزيرة القضاء، والمكلفة ملف العملية التفاوضية، استجابة ضرورية لمساعي كيري، رغم أن هذا السحب، جاء مبكراً كما يرى بعض الساسة الإسرائيليين، الذين ارتأوا أن ذلك كان يجب أن يتم في سياق العملية التفاوضية!!

Hanihabib272@hotmail.com

www.hanihabib.net

http://www.miftah.org