إسرائيل ليست في طريق خارطة الطريق
بقلم: مفتاح
2003/5/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=232

رغم ما تستحوذ عليه خطة خارطة الطريق، هذه الأيام، من اهتمام دولي وإقليمي، إلاّ أن إسرائيل، والتي هي أحد طرفين نشرت خارطة الطريق بهدف إيجاد صيغة حل للنزاع بينهما، وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، إلاّ أنها، (أي إسرائيل)، هي الوحيدة التي لا تعير انتباهاً كافياً لهذه الخطة، وتعترض بشكل جوهري على معظم بنودها.

والغريب في الأمر، ليس الموقف الإسرائيلي، الذي لم يغيّر الطريق حتى الآن، ولا زال يسير في طريق غير طريق خارطة الطريق، وهو طريق إلحاق الدمار الشامل والكامل بالشعب الفلسطيني، ومواصلة أعمال القتل والاغتيالات، وهدم المنازل، والحصار المشدد، رافعاً شعار تركيع الشعب الفلسطيني، وإنما الغريب هو موقف من اقترح خارطة الطريق، وهي أمريكا، التي تدعم إسرائيل بشكل مباشر في كل ما تقوم به، وتجد لها غطاءً لكل تجاوزاتها غير المسبوقة في التاريخ الإنساني.

ففي حين قبل الجانب الفلسطيني خطة خارطة الطريق، بشكل واضح لا لبس فيه، رغم ما تحتويه بنود هذه الخطة من إجحاف بالحق الفلسطيني، وذلك بهدف التقدم نحو حل يتضمن في أفقه قيام دولة فلسطينية مستقلة، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وفي حين بدأ الجانب الفلسطيني فعلاً بتطبيق الالتزامات التي تضعها الخطة عليه، وقد أنجز العديد منها، كصياغة الدستور، وإجراء إصلاحات، وتعيين رئيس وزراء، ولا زال الجانب الفلسطيني يعمل في كافة الاتجاهات التي تنسجم مع خطة خارطة الطريق، حيث شكل لجنة للانتخابات، والتي تعمل في هذا الاتجاه من أجل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية، إلاّ أن الجانب الإسرائيلي يعيق عملها، كل هذا يأتي فيما لم يبد الجانب الإسرائيلي إشارة إلى الإستعداد لقبول خطة خارطة الطريق، ويقوم مسؤولون أمريكيون بالتفاوض مع حكومة شارون حول وجهة نظرهذه الحكومة من هذه الخطة بشكل خجول، فيما يلّوح بالعصا للجانب الفلسطيني إذا لم يلتزم بها، كما يقوم المسؤولون الأمريكيون بتنفيذ رغبة حكومة شارون في إحكام الحصار على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولا يبذلون أي جهد في وقف العدوان والحصار الذي يطال الشعب الفلسطيني برمته.

إن الموقف الأمريكي هذا يوضح منذ البداية، عدم نزاهته، بل وتحيزه للجانب الإسرائيلي، مما يضع إشارة استفهام كبيرة على ما ستؤول إليه خطة خارطة الطريق، في حال البدء بتطبيقها، وترك المجال لإسرائيل - كما تقوم دوماً – بالاستحواذ على هذه الخطة، وإعادة صياغتها حسب أولوياتها، ولمصلحتها فقط، ثم فرضها على الجانب الفلسطيني والعالم، في ظل غياب دور دولي ناجع.

وإذا ما استمر الضغط الأمريكي على الجانب الفلسطيني وحده، دون ممارسة الضغط على الجانب الإسرائيلي، لتنفيذ الإستحقاقات المترتبة عليه، وإذا ما استمر اجتزاء الموقف كله في جزئية ما تسميه أمريكا وإسرائيل "بالإرهاب الفلسطيني"، في ظل غض النظر المطلق عن إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه حكومة شارون ضد الشعب الفلسطيني برمته. وإذا ما استمر الموقف الأوروبي والروسي والدولي عموماً خجولاً في وجه اليمين الأمريكي الإسرائيلي المتصاعد، فإن خطة الطريق ستكون مجرد إضاعة للوقت، تهدف إلى إعطاء حكومة شارون وقتاً إضافياً ليستمر في مواصلة عدوانه وتوسيع مستوطناته، الأمر الذي لا يعطي أملاً للإنسان الفلسطيني، باحتمال فك الحصار الخانق الذي يهدد حياته ووجوده، فإن وتيرة العنف ستزداد، وسيكون المسؤول الأول والأخير عنها هي إسرائيل وأمريكا.

http://www.miftah.org