التقرير الاسبوعي للمؤسسة العربية لحقوق الإنسان
بقلم: المؤسسة العربية لحقوق الإنسان
2005/5/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=2951

اصدرت المؤسسة العربية لحقوق الانسان تقريها الاسبوعي "هذا الأسبوع في الجرائد" رقم 219 الذي يغطي الفترة الواقعة ما بين 22 إلى 29 نيسان 2005. وفيما يلي نص التقرير:-

استمرار محاكمة رئيس تحرير صحيفة عربية بسبب تفسير آية في القرآن الكريم

في ظل انتهاك حرية التعبير عن الرأي عموماً، وحرية التعبير عن الموقف السياسي خصوصاً، الذي تتبعه السياسة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب في إسرائيل، فان المحكمة السياسية ضد رئيس تحرير صحيفة "صوت الحق والحرية"[1][1]، بسبب نشر تفسير آية من القرآن الكريم في الصحيفة في شهر آذار 2004[2][2]، ما زالت مستمرة.

وتأتي هذه المحاكمة اثر تقديم النيابة العامة في شهر كانون الثاني السنة الماضية، بعد تحقيق طويل في الشرطة، لائحة اتهام، مصادق عليها من قبل المستشار القضائي للحكومة[3][3]، ضد السيد توفيق محمد، رئيس التحرير، والكاتب عبد الرحمن بكيرات، وذلك على خلفية نشر تفسير لتلك الآية. وتعتمد لائحة الاتهام المذكورة على مخالفة قانون التحريض على العنف والإرهاب، حسب البند 244د2 من القانون الجزائي للعام 1977[4][4]. هذا وزعمت النيابة "أن النشر يتضمن تمجيداً وتأييداً وتحريضاً للعنف وللإرهاب، إذ أن التفسير كما نشر من شأنه أن يجعل إمكانية حقيقية القيام بأعمال عنف وأعمال إرهابية".[5][5]

وتعتبر هذه القضية المرة الأولى التي يتم فيها استعمال التعديل في القانون الذي أضيف اليه البند 144د2 يوم 22/5/2002. والملفت للانتباه أن الفترة الزمنية بين نشر التعديل وبين تقديم لائحة الاتهام هي 14 يوماً فقط، حيث أن المقال المعني تم نشره يوم 7/6/2000[6][6].

ويذكر أن محاميي الدفاع قد قدموا طلباً مفصلاً للمستشار القضائي لإلغاء الاتهام، إلا أن المستشار رفض هذا الطلب، مما دفع المحامين إلى تقديم التماس إلى المحكمة العليا لإلزام النيابة بإلغاء لائحة الإتهام، وقد رفضت المحكمة قبول الالتماس معللة ذلك بأنه ليس من ضمن صلاحياتها التدخل في قرارات المستشار القضائي للحكومة، مع العلم أن سبب المحاكمة هو أمر يتعلق بتفسير آية من القرآن وهو أساس الحق الإنساني في حرية التعبير والدين والعبادة، الأمر الذي يعتبر من صلب صلاحيات المحكمة[7][7].

تحريض ضد العرب في موقع كلية أكاديمية

أن جدران الأكاديمية في إسرائيل لم تكن أبداً حصناً أمام التصريحات والتوجهات العنصرية التي تحرض ضد المواطنين العرب في الدولة[8][8]، فهي تشترك مع المجتمع الإسرائيلي في التحريض ضدهم.

ومؤخراً، تم الكشف عن نشر بعض المقالات التحريضية العنصرية تجاه المواطنين العرب في الموقع التابع لكلية "بيت بيرل"[9][9] باللغة الروسية. ومن بين هذه المقالات، نشر في الموقع مقال بعنوان "لن يكون تمييز، لكن لن تكون أرض"، وكاتبا المقال هما رومان اشكنازي وأنطون لفلر، حيث تطرقا من خلاله إلى قرار المستشار القضائي للحكومة بموضوع السماح للمواطنين العرب بشراء أراض من "الكيرن كييمت ليسرائيل"[10][10]، ويحاول الكاتبان من خلال المقالة تخويف القراء من هذه الخطوة والتي ستجعل العرب يقطنون ويعملون في كل مكان، حتى الأماكن التي كانت ممنوعة ومغلقة أمامهم. كما وربط المقال بين "الإرهاب" وبين العرب داخل الدولة[11][11].

كما قام قسم الأخبار في محطة تلفزيون RTVI[12][12] ، بالتحريض على العرب في أعقاب تغطية نشاطات يوم الأرض[13][13] المركزية التي أقيمت في النقب في 30/3/2005. حيث قامت المحطة بتغطية الحدث المركزي لإحياء يوم الأرض في النقب، وقد قال المراسل في تعليقه أن المشاركين في النشاط رفعوا أعلام "حماس" (يقصد الأعلام الخضراء التي رفعها أبناء الحركة الإسلامية) من دون التطرق إلى مشاركة حركات سياسية متعددة في الحدث (غير الحركة الإسلامية). كما قال المراسل أن "أحداث يوم الأرض الأول في العام 1976 جرت في أعقاب قرار الدولة بمصادرة 100 دونم!!"[14][14].

محاضر جامعي يستمر بتحريضه العنصري على العرب

يواصل المحاضر في جامعة حيفا، د. دافيد بوقاعي[15][15]، إطلاق تفوهاته وكتاباته العنصرية والتحريضية ضد العرب[16][16]. وقد جاءت الانتقادات عليه هذه المرة من جانب "اللجنة اليهودية ضد التحريض"[17][17].

فقد هاجمت اللجنة كتابته في مقال وزعه على طلابه في الجامعة، زعم فيه انه "عندما يقول العربي كلمة: والله، فانه على ما يبدو ينوي الكذب!!". واضاف أن "العرب والمسلمين، في أي ظرف ومهما كانت طبقتهم ومكانتهم الاجتماعية، لا يعرفون الاستنكار وليس لديهم أي إحساس بالندم وتأنيب الضمير"[18][18].

وقد اعتبر كين جيكوبسون، نائب مدير عام "اللجنة اليهودية ضد التحريض"، أن تفوهات بوقاعي "هي الأفكار المسبقة الأكثر سوءا". وتابع: "أن هذه تعميمات مثيرة جداً للقلق، وتعبر عن أفكار مسبقة من شأنها أن تكون هدامة للغاية"[19][19].

وكان المستشار القضائي للحكومة، مناحيم مزوز، قد اصدر قبل شهرين تعليمات تقضي بفتح تحقيق ضد بوقاعي بشبهة التحريض على العنصرية، على اثر قوله في إحدى المحاضرات في الجامعة انه "يتوجب إطلاق النار على رؤوس العرب", وان "العرب أغبياء" وان "العرب هم خمرة وجنس". وقد زعم بوقاعي انه لم يقل هذه الجمل.

وفي هذا السياق، يأتي تعقيب عميد جامعة حيفا، البروفيسور يوسي بن ارتسي، على تفوهات بوقاعي, كتغطية للجامعة على هذا المحاضر العنصري, حيث زعم أن تفوهات بوقاعي وتحريضه على قتل العرب "هي أجزاء جمل تم ربطها بشكل مصطنع فيما الحديث عن إطلاق النار على رؤوس العرب لم تُقل أبدا"[20][20].

تمييز عنصري في قبول العرب للاستئجار في البلدات الزراعية

يعاني المواطنون العرب من عملية إقصاء مستمرة في قضية تخصيص الأراضي لهم, الأمر الذي يحرمهم من حقهم في السكن. وتتم عملية الإقصاء بطرق قانونية, مثل إقصاء العرب من حقهم في استئجار طويل الأمد لأراضي البلدات الزراعية (التابعة لدائرة أراضي إسرائيل، أي للدولة), بذرائع وحجج مختلفة، مثل حجة "الملائمة الاجتماعية". 

وعلى ضوء ذلك، توجّه مركز "عدالة"[21][21], إلى مدير عام دائرة أراضي إسرائيل, في طلب لالغاء قرار دائرة أراضي إسرائيل رقم 1015 حول "إجراءات التوصية بخصوص قبول المرشحين لامتلاك حقوق استئجار طويل الأمد, للأراضي في البلدات الزراعية والبلدات الجماهيرية"[22][22].

وقرار دائرة أراضي إسرائيل أعلاه أقر في 1/8/2004، وجاء فيه أن من بين شروط القبول للبلدات الجماهيرية والزراعية, أنه يتوجب على المرشح أن يكون ملائماً للحياة الاجتماعية في مجتمع صغير داخل بلدة جماهيرية أو زراعية؛ وأيضا، عليه أن يملك "قدرة اقتصادية على إقامة بيت في البلدة، خلال الفترة التي حددتها اتفاقية التطوير مع الدائرة"[23][23].

ويحدد القرار أن تتشكّل عضوية لجان القبول، في البلدات الجماهيرية، من صاحب منصب مرموق من قبل  "المؤسسات الموطّنة" ("الوكالة اليهودية"[24][24]), صاحب منصب مرموق من قبل وزارة البناء والإسكان، ممثل الجمعية التعاونية، ممثل المجلس الإقليمي وممثل الحركة الموَطّنة. في البلدة الزراعية تكون تركيبة لجنة القبول حسب ما يتم تحديده من قبل مؤسسات الجمعية.

أن المعايير أعلاه تخلق شكاً جدياً, والذي يدعمه بممارسات لجان القبول الفعلية على أرض الواقع, في أن المرشحين العرب و/أو المرشحين من خلفية اقتصادية متدنية سوف يُرفضون، بادعاء عدم الملائمة الاجتماعية-الاقتصادية, الأمر الذي يمارس، ومن المتوقع أن يمارس مستقبلاً، على هذا الأساس. إضافة إلى ذلك, أوضحت الرسالة أن للمرشحين العرب لا يوجد احتمال للقبول أيضاً بسبب وجود مندوبي "المؤسسات الموطّنة" في لجان القبول من ناحية, وانعدام تمثيل عربي فيها من ناحية أخرى، وعليه سوف تقصي لجان القبول المرشحين العرب من هذه البلدات.

تتفاقم أهمية هذه النتيجة كون هذه المعايير سارية المفعول على ما يقارب الـ900 بلدة يهودية قروية في إسرائيل, والتي تتحد في مجالس إقليمية تسيطر على ما يقارب 80% من مساحة الدولة. وعليه، يناقض القرار أعلاه مبادئ المساواة والتقسيم العادل للموارد التي حدّدت في قرارات المحكمة العليا, كما وتناقض أهداف ومضامين دائرة أراضي إسرائيل كمؤسسة عامة جماهيرية[25][25].

اضافةً إلى ذلك، أن المعايير أعلاه مبهمة وغير مفصّلة, حيث لا توضح ما هو معيار "الملائمة الاجتماعية", الأمر الذي يجعل قرارات دائرة أراضي إسرائيل ولجان القبول قرارات اعتباطية، والتي يمكن أن تكون متأثرة من أفضليات شخصية أو آراء مسبقة وما إلى ذلك, لأعضاء لجان القبول.


 


[1][1]            صحيفة حزبية ناطقة بلسان الحركة الإسلامية في إسرائيل، تأسست عام 1991.

[2][2]         وهي: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ". راجعوا نشرة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان "مراجعة الصحف العربية الصادرة في إسرائيل"، رقم 161.

[3][3]         رئيس النيابة العامة في إسرائيل.

[4][4]            صوت الحق والحرية 29/4/2005، ص 1، 20.

[5][5]         صوت الحق والحرية 29/4/2005، ص 20.

[6][6]            فصل المقال 29/4/2005، ص 14.

[7][7]            حديث الناس, 29/4/2005، ص 41.

[8][8]            راجعوا التقارير عن العنصرية في الجامعات الإسرائيلية في نشرة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان "مراجعة الصحف العربية الصادرة في إسرائيل"، رقم 201: "المس بحرية التعبير في جامعة حيفا"؛ رقم 197: "أفكار عنصرية تنشر باسم جامعة حيفا"؛ رقم 204: "عنصرية في الحرم الأكاديمي"؛ ورقم 208: "محاكمة طلاب عرب في جامعة حيفا".

[9][9]         أكبر كلية في إسرائيل، تقع في مركز البلاد.

[10][10]        وهو القرار الذي منع بموجبه المستشار القضائي للحكومة دائرة أراضي إسرائيل (وهي جسم رسمي أقيم وفق قانون دائرة أراضي إسرائيل من العام 1960، ومهمتها إدارة أراضي الدولة) من التمييز ضد العرب في تخصيص أراض تابعة للكيرن كييمت ليسرائيل (جسم شبه حكومي، هدفه شراء الأراضي في فلسطين واستعمالها لليهود حصراً للاستيطان عليها. يذكر أن حوالي 2.5 مليون دونم مسجلة على اسم الكيرن كييمت ومخصصة لليهود فقط). وحسب هذا القرار، يحق للعرب التوجه والمشاركة في مناقصات لإستعمال هذه الأراضي.

[11][11]        الصنارة 29/4/2005، ص 48؛ حديث الناس 29/4/2005، ص 19.

[12][12]      محطة روسية تبث في إسرائيل.

[13][13]      في العام 1976 قامت السلطات الاسرائيلية باصدار قرار باغلاق منطقة رقم 9 (تقع هذه الأرض ضمن مساحات القرى سخنين، عرابة ودير حنا، وتبلغ مساحتها 60 ألف دونم) ومنع السكان العرب من دخولها بهدف مصادرتها، كما تم اصدار وثيقة (وثيقة كيننج، على اسم متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية) كاقتراح لتهويد الجليل واتخاذ إجراءات سياسية لمعاملة الأقلية العربية في إسرائيل. في أعقاب ذلك، أعلنت الجماهير العربية الإضراب الاحتجاجي العام، وقامت بتنظيم مظاهرات، وقد قمعت الحكومة هذه المظاهرات بقوة وعنف مما اسفر عن مقتل يتة شهداء. ومنذ ذلك الحين، والجماهير العربية تحيي هذه الذكرى كل عام من خلال مظاهرات وإضرابات سنوية.

[14][14]        صوت الحق والحرية 29/4/2005، ص 22.

[15][15]        محاضر في كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا.

[16][16]      راجعوا نشرة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان "مراجعة الصحف العربية الصادرة في إسرائيل"، رقم 208. راجعوا أيضاً كتابه الأخير الذي صدر بعنوان:Muhammad’s Monsters: A Comprehensive Guide to Radical Islam for Western Audiences (Balfour Books, 2004).

[17][17]        مقرها في الولايات المتحدة، هدفها منع التحريض على الشعب اليهودي ومنع كل أنواع التمييز ضد المواطنين (أياً كانوا).

[18][18]        فصل المقال 29/4/2005، ص 8.

[19][19]        صوت الحق والحرية 29/4/2005، ص 22.

[20][20]      المصدر السابق.

[21][21]        المركز العربي لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل.

[22][22]        صوت الحق والحرية 29/4/2005، ص30.

[23][23]        الإتحاد 28/4/2005.

[24][24]      جسم شبه حكومي هدفه تشجيع الاستيطان اليهودي في فلسطين.

[25][25]        حديث الناس 29/4/2005، ص 14.

http://www.miftah.org